صياغة إستراتيجية دقيقة وواضحة ضمن المؤشرات الراهنة بدل الحلول الظرفية تلوح في أفق المشهد الاقتصادي بكافة جوانبه الاستثمارية والإنتاجية والتجارية وبكل قطاعاته في المديين المتوسط والطويل تحديات مصيرية تضع منظومة الاقتصاد الوطني بجميع مكوناته أمام مواجهة تحقيق مطلب النمو من خلال الدخول في مرحلة التحوّل الشامل ضمن الأهداف والضوابط التي تحكم اقتصاد السوق الاجتماعي وانسجاما مع التوجهات الإستراتيجية للدستور التي تكرّس السيادة الاقتصادية الوطنية بطابعها الاجتماعي. غير أن السبيل إلى انجاز أهداف النمو باندماج كل القوى الاقتصادية بمن في ذلك الخبراء الذين يشخّصون المؤشرات ويحللون المعطيات ويطرحون التصورات ضمن الإطار المحلي والإقليمي والدولي يمر حتما من خلال جسر التحول الشامل، ولكن المتدرج والهادئ وفقا لورقة طريق تحدّد معالمها من خلال الحوار المستمر بين الشركاء مع إدراكهم الصريح لمواكبة التغيرات التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي، خاصة الأسواق التي ترتبط بها المؤسسة الجزائرية مثل المحروقات والمواد الغذائية واسعة الاستهلاكية. ولعلّ أكبر تحدّ اليوم هو تحقيق القيمة المضافة التي يعوّل عليها في تصحيح الميزان التجاري بالرفع القوي للتصدير خارج المحروقات والتحكم الصارم في الاستيراد ومواجهة مشكلة تراجع إيرادات المحروقات والحرص على حماية العملة الوطنية التي تعاني من تدني قيمتها خاصة في السوق الموازية. والأكثر أهمية إعطاء نفس جديد لقطاعات السياحة والفلاحة والخدمات التي يمكنها أن تنتج الفارق الذي تفقده ميزانية الدولة مع الالتزام بروح الموطنة بالخضوع إلى المنظومة القانونية ذات الصلة بالضرائب والضمان الاجتماعي والبيئة. في هذا الإطار استظفنا السيد توفيق حسني الخبير في شؤون الطاقة الذي يتناول في هذا النقاش الجوانب المتعلقة بالمحروقات محليا وقاريا وموقع الجزائر في هذه المعادلة داعيا إلى العمل على صعيد بناء خيار التحول الطاقوي من خلال الطاقة المتجدّدة وجعل الغاز معبرا لذلك كما يقلل من شأن المنافسة غير النزيهة لما يعرف بمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا مبرزا بالمقابل جدوى مشروع الأنبوب بين الجزائر ونيجيريا من حيث طاقة النقل وتأمين ديمومة التموين بالنسبة للسوق الأوروبية.