تتواصل مساعي الجزائر من أجل إنجاح مبادرتها المندرجة في مكافحة الارهاب والمتعلقة بتجريم دفع الفدية للارهابيين التي تبناها مجلس الأمن وكذا الاتحاد الافريقي، ولاقت تزكية من قبل معظم الدول، حيث اقترح عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني إدراج بند خاص بتجريم الفدية على أشغال الجمعية 122 للاتحاد البرلماني الدولي المنعقد بتايلاندا. وتأتي المساعي الجزائرية، التي عانت من ويلات الارهاب ودفعت فاتورة خبرتها وتجربتها 10 سنوات وموت المئات من المواطنين، من أجل مواجهة الارهاب الذي لا حدود له ولا دين، وهو أمر لم تتفطن له الدول إلا بعدما اصبحت عرضة له، كما أن التحركات تأتي استكمالا لسلسلة المجهودات التي كللت بمصادقة مجلس الأمن الدولي على اللائحة رقم 1904 المتعلقة بتجريم الفدية. وقد رفع هذا المقترح من قبل البرلمان الجزائري الذي انخرط هو الآخر في المبادرة لتبنيها على مستوى كل الهيآت الدولية سواء أممية أو برلمانية أو حقوقية، إلى لجنة الأمن والسلم الدوليين على مستوى الاتحاد البرلماني الدولي، وعلى الأرجح فإن ترأس هذه اللجنة من طرف النائب بن حليمة بوطويقة سيساهم في إنجاح المبادرة وإقناع الأعضاء والمشاركين بأهمية هذه الخطوة الجديدة المندرجة في مكافحة الارهاب الذي وجد في دفع الفديات مصدر تمويل مضمون يساعده على البقاء والاستمرار. ومن شأن اعتماد بند خاص بتجريم دفع فدية للارهابيين الذي زكته دول كبرى منها بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وضربت به دول تصنف في نفس الخانة ويتعلق الأمر بفرنسا عرض الحائط، وضع حد لانانية دول لم يطرق الارهاب أبوابها ولا طالما وجد فيها مكانا آمنا له. وكانت فرنسا وفي سابقة خطيرة من نوعها قامت مجددا بدعم الارهاب من خلال الضغط على دولة مالي من أجل اطلاق سراح أربع ارهابيين خطرين مقابل اطلاق سراح رهينة فرنسية، غير مكترثة بمجلس الأمن ولا بقرار تجريم الفدية، لتساهم بذلك في تقوية شوكة الارهاب في المنطقة من خلال اطلاق سراح أخطر عناصرة التي تشكل تهديدا فعليا لدول منطقة الساحل. لكن التحركات الجزائرية وإن كانت فعالة على إعتبار أنها نجحت في اقناع المنظمات الدولية والدول الكبرى بخطورة دفع الفدية التي اصبحت المصدر الأول لتمويل أخطر ظاهرة تواجه البشرية، تبقى غير كافية في حال عدم انخراط الدول فيها مثلما هو الشأن بالنسبة لفرنسا التي اتخذت موقفا أنانيا بتعريض عدة دول لخطر الارهاب مقابل اطلاق سراح رهينة واحدة. ويبقى الأمر الأكيد أن مكافحة الارهاب لم تعد مسألة تخص الجزائر فقط وإن كانت هذه الأخيرة وانطلاقا من تجربتها المريرة والخبرة التي اكتسبتها تمكنها من المساهمة ايجابا خدمة لمصلحة كل الدول، بأن المسؤولية باتت مشتركة وجماعية ولا يمكن السكوت عن موقف أي دولة من شأنه تأزيم وتعقيد الأوضاع من خلال المساهمة في تمويل الارهاب.