الدرابي كان شيعة وشبعة والآن ما بقاتش فيه بنة بتواضع كبير.. ضرب لنا موعدا بمنزله الخاص رفقة عائلته الصغيرة؛ الزوجة الكريمة والابن الوحيد رامي. استقبلنا اللاعب السابق للاتحاد طارق غول، وبعفوية كبيرة؛ تحدث إلينا هذا اللاعب الذي سطع نجمه في سماء الساحرة المستديرة لسنوات خلت مع الحراش والفريق الوطني في أصناف الشبان وصولا إلى التشكيلة العاصمية التي عرف معها التألق.. البروز والنجاح بالكثير من الألقاب والبطولات يتحدث إلينا عن العديد من المحطات الكروية التي كانت منعرجا في وصوله يوما ما إلى القمة وإلى أجمل لحظات التتويج مع الاتحاد..عن أفضل المدربين الذين تفضلوا بجهودهم عليه في سن المبكرة .. عن الذين ساهموا في تألقه وبروزه مع الأكابر.. عن المشاكل التي حدثت له مع سعدي الذي حطّم مشواره على حد تعبيره.. عن الفرصة التي اشتهر بها الشاب توفيق والأغنية التي حملت اسمه مع صايفي هي محطات ستكتشفونها من لسان غول؛ الذي بقي بعيدا عن الأضواء وعن عالم الصِحافة لفترة، و"الشباك" كانت في الموعد وستنقل لكم كل صغيرة وكبيرة عن هذا المدافع الذي سيتحدث عن العديد من الأمور لأول مرة عبر صفحاتنا والخاصة بكل مشواره الكروي. أولا نشكر استضافتكم لنا بمنزلك؟ العفو الدار داركم تفضلوا. أين يتواجد طارق ولماذا اختفى عن الأنظار؟ عادي جدا، وأنا وسط العائلة الأصدقاء والأحباب وبصدد التحضير لنيل شهادة في عالم التدريب الدرجة الثانية، وبعض المرات ألعب المباريات الودية مع الزملاء السابقين. أهذا يعني أنك مازلت تمارس كرة القدم؟ هذا مؤكد؛ ككل لاعب يتوقف عن ممارسة الكرة في الميادين الرسمية، ولكن مازلت ألعب في كل مرة تتاح لي الفرصة بالمشاركة، كما قلت لك مع أبناء الحومة في كل مرة أستفيد من هذه الفرصة. الكثير يعرف غول عندما كان في الحراش وفي إتحاد العاصمة لو سألناك كيف التحقت بعالم المستديرة؟ بالنسبة لي كنت مولوعا بالكرة كأي شاب يطمح ليكون يوما ما لاعبا كبيرا، أين جربت حظي مع النادي في سنة 88 وعمري آنذاك 13 سنة، استفدت من الفرصة بالانضمام مع الحراش في صنف الأصاغر وهذا ما حدث معي، لقد كانت بدايتي الأولى لعبت لكل الأصناف مع الكثير من المدربين تعاقبوا علي. ومن هؤلاء ممَن تتذكر؟ الكثير؛ كشعبان الذي بدأت معه في الأصاغر وكذا المدرب حميطوش الذي أشرف عليّ في الأشبال، هذا المدرب ساعدني كثيرا في مشواري الكروي. وهل صحيح أنك بدأت كمهاجم في بداية ممارستك للكرة؟ هذا صحيح؛ لقد كنت مهاجما في بدايتي الأولى لأنّي كنت أصعد كثيرا، أرتقي جيدا وبعدها تحولت إلى مسترجع للكرات ثم مدافع أيسر، وهو المنصب الذي تألقت فيه بالمناسبة في كل الأصناف إلى غاية الأكابر. سمعنا أنك كنت مع الأواسط عندما نلت ثقة المدرب الذي أعجب بإمكاناتك؟ صحيح؛ لقد كنت من بين اللاعبين الذين تم اكتشافهم من قِبل مهداوي الذي كان على رأس الحراش، حيث أعجب بإمكاناتي ناهيك عن المدرب المساعد أفتسان الذي طلب منّي الالتحاق بأكابر الحراش، وهذا رفقة زميلي قاصري الذي كان معي، أين توّجنا بالكأس مع أواسط الحراش أمام المولودية بملعب 20 أوت. وكيف شعرت حينها عقب ترقيتك للأكابر؟ أمر فاجأني؛ أتذكر جديا عندما طلب منّي المدرب عبد الوهاب الالتحاق بالأكابر، صراحة لقد فرحت كثيرا وأصبحت أتدرب مع الأكابر وفي نفس الوقت أشارك مع الأواسط. وهل تتذكر في الموسم الذي لعبت فيه مع أكابر الحراش؟ بالطبع.. أتذكر هذا جيدا؛ في أول مباراة لي رسمية مع الحراش، سنة 93 كانت أمام البليدة ولم تتصور حينها فرحتي الكبيرة وسط أرمدة كبيرة باجي، راحم محمد، بشوش وجعدي وآخرون بقيادة رمضاني الذي كان دائما يتحدث معي .. "عاوني بزّاف" في مشواري، كان يقول لي "نحبك تلعب كيما زيڤو" لاعب المنتخب الألماني آنذاك والفضل الكبير يعود له وكذا بشوش "لي ماننساش خيرو". في بدايتك مع الأكابر كنت مشهورا بالقذف من بعيد ما السر في ذلك؟ لا يوجد سر في ذلك؛ كل ما في الأمر هو أنّي كنت أقذف جيدا وكثيرا ما سجلت في مرمى المنافس واعتدت على هذا الأمر وأصبحت الرقم واحد في تفنيد المخالفات من بعيد وهذا هو سر قوتي. واصلت تألقك إلى غاية التحاقك بالاتحاد العاصمي كيف كان التحاقك بهذا النادي؟ صحيح تألقي مع الحراش سمح لي بالبروز ودخلت اهتمامات إدارة النادي العاصمي، وكان لي أول اتصال عن طريق المسيّر علواش، لكن كلامه لم يقنعني كثيرا، لكن وبعد تألقي مع الخضر في الألعاب الأولمبية طلبني عليق مباشرة، الذي تقدم بعرض رسمي للحراش آنذاك ولم أعارض، لأن الإتحاد كنت أعتبره فريق كبير وتذكرت أمرا هاما. ما هو تفضل؟ قبل الإتحاد تحدث معي حناشي وأبدى رغبة بضمي لفريقه لكن الاتصالات انقطعت آنذاك، بعد وجود اللاعب السابق بن حملات وهو الذي يشغل نفس المنصب الذي ألعب فيه، وهو ما سمح المجال لنادي آخر مولودية العاصمة التي أرادت أن تستفيد مني ولكنني لم ألتحق بها. ولكن ما سبب ذلك؟ كل ما في الأمر هو أنّي طلبت مسكنا في تلك الفترة، والمولودية اقترحت علي الأموال رغم أنّ أبي كان مؤيدا لذات العرض، أمّا أنا فهمي الوحيد كان الحصول على مسكن، لهذا عليق كان في المستوى وجلبني لفريقه. من كلامك نفهم أنّ عليق قدّم لك ما تستحق؟ لا أنكر هذا؛ عليق كان راجلا وأحسن التفاوض لجلبي للاتحاد. وهلا أطلعتنا على قيمة تحويلك الحقيقة؟ يضحك... عليق وعدني بمسكن خاص وقيمة مالية تقارب 70 مليون في ذلك مقابل إمضائي على عقد يمتد لموسمين، بالإضافة إلى شراء ورقة تسريحي من الحراش قاربت كذلك 150 إن لم أكن مخطئا. وهل لعبت أمام الحراش عندما غادرت النادي؟ في لقاء الذهاب لم ألعب كنت معاقبا، ولكن في مرحلة العودة لعبت وسجلت ضدهم بملعب 5 جويلية والأمر كان عادي بالنسبة لي، خاصة وأنّي كنت متحمسا نظرا لغيابي عن مواجهة الذهاب. وكيف تقيّم مشوارك مع الإتحاد؟ مع الإتحاد لعبت لسنوات عديدة، فزت بالكثير من الألقاب والبطولات، لأن تلك الفترة كانت لدينا تشكيلة هي الأحسن في الجزائر، وهذا ما كان يسمح لنا بالفوز على كل الأندية عندما تتذكر كل من رحيم، دزيري، زغدود وآخرون تعرف وزن الإتحاد في تلك السنوات. حتى في الإتحاد أصبح مشهورا بتنفيذ المخالفات... ما تعليقك؟ يضحك... صحيح لقد واصلت ذلك مع التشكيلة العاصمية بتنفيذي للمخالفات والتي أصبحت مختصا فيها في كل مرة نحصل عليها أتولى تنفيذها. وما سر مناداة الجمهور عليك حتى عندما يتعلق الأمر حتى بتنفيذ القذفات؟ حقيقة جمهور الإتحاد كان يشعرني بحماس في تلك اللحظات. أتقصد هنا مناداة اسمك عندما تكون مخالفة؟ صحيح كان بدني يقشعر وكنت أحاول أن لا أخطئ عندما أصوب، وهذا ما كان يزيد ف"يا النص" مع أنصار الإتحاد. وهل سبق أن سجلت بتلك الطريقة مع المنتخب؟ بالطبع؛ مع المنتخب الوطني للأواسط تمكنت من تسجيل هدفين من مخالفتين قويتين أمام تونس في الجزائر وفي تونس وأتذكرهما جديا وقيمتي ارتفعت بعد ذلك. هل سجلت على حراس آخرين.. وهل تتذكر مخالفة لفتت انتباهك وتألق فيها أي حارس تذكره؟ الكثير.. مع الحارس الدولي السابق بلوطي في أول لقاء لي مع الإتحاد أمام عين البيضاء، حيث أرسلت له ما لا يقل عن 5 قذائف نارية، كلها كانت في الإطار لكنه أحبط كل محاولاتي، وكذا المخالفة التي نفذتها من حدود 35 مع مانا حارس المولودية، كانت كرة لا تصد ولم أصدق يومها أنه صدها وحتى الآن مازال يقول لي "يا طارق والله ما علابالي كيفاش جبتها". ومع حراس آخرين؟ بالطبع؛ مثلا مزاير إنه حارس كبير و"معاه لازم ندير حسابات"؛ متأسف لقد كان كبيرا وبالنسبة لي يبقى دائما الأحسن، فهدفي في مرمى بانتة فرحت كثيرا لأنّي جلبت الفوز للاتحاد بالكأس سنة 95 من مخالفة رائعة وهي من بين أحلى أهدافي. ماذا لو طلبنا منك أن تتحدث عن إتحاد اليوم؟ يا أخي؛ الإتحاد هذا الوقت لديه تشكيلة شابة صراحة لا يمكنني أن أقارنه بالسنوات التي مضت، والأمر واضح لأن الفريق كان يضم لاعبين في المستوى عندما تشاهد، دزيري والحاج زغدود وآخرون تشعر بقوة التشكيلة وهذا ما كان يميّزنا عن بقية الفرق. ربما لهذا سيطرتكم على الكرة الجزائرية لسنوات لو عدنا للألقاب التي نلتها مع عودة الفريق لقسم الأول؟ صحيح ما تقول، قلت لك أنّ الإتحاد كان يضم أحسن العناصر وهذا ما يفسر سرّ تفوقنا في تلك السنوات والألقاب التي فزنا بها. وهل أنت راضِ بالألقاب التي توّجت بها مع الإتحاد؟ بالطبع؛ لقد لعبت لعشر سنوات تقريبا في الإتحاد، وسعيد لأنّي فزت بالألقاب والبطولات. وكم من لقب كسبه غول مع الإتحاد؟ فزت بالكثير 5 كؤوس سنوات97، 99، 2001، 2003 و2005؛ وبطولتي 95 و2003. ولكن سجلك خالي من كأس رابطة أبطال إفريقيا... أليس كذلك؟ صراحة؛ هو اللقب الذي ينقصني وتأسفت كثيرا لعدم الفوز به، إلا أنّي احتفظ بتتويجات رائعة كالبطولة والسيدة الكأس في موسم واحد، وهذه الألقاب من أجمل اللحظات التي عشتها وسأبقى احتفظ بها مدى الحياة. ولكن ما سبب عدم فوزكم بهذا التاج ذلك في وقت سيطرتم على الكرة الجزائرية؟ سأكون صريحا معك؛ هناك عدة أمور لم تشجعنا في نيل ذلك اللقب الغالي الذي كان ينقص سجل كل العناصر على غرار دزيري، بالرغم من أننا كنا نصل إلى الدور نصف النهائي وكذا على مقربة من أبواب النهائي والمشكل هنا في عدم تلقينا التشجيع والتحفيزات الخاصة، في تلك الفترة ربما المسيرون لم يكونوا يبالون بذلك. هلا وضحت لنا أكثر؟ أردت القول، إنّ المسيرين كانت تنقصهم اللمسة الأخيرة؛ لأن لعب نصف النهائي يحتاج إلى تشجيع، ونحن لم نكن نشعر بذلك، لهذا هذا من بين الأسباب التي جعلتنا نخفق في ذلك، على عكس ما كان يحدث في الشبيبة مثلا وهذا، بالإضافة إلى المساهمة التي لم تكن كبيرة للأنصار، رغم أنهم تعبوا معنا إلى أن اللعب في 5 جويلية كان يتطلب حضورا جماهيريا قويا. ولو ذكرناك بمباراة بريميرو اغو سطو ما حدث لكم كنتم مرشحون للعب النهائي كأس رابطة أبطال إفريقيا في طبعتها الجديدة؟ صحيح.. أعدتني للوراء تلك المباراة لن أنساها هكذا، لقد ضيّعنا دخول التاريخ من بابه الواسع في تلك المباراة الأنانية كانت حاضرة وخسرنا التأهل بعد تعادلنا وفوز المغاربة في المباراة الثانية. تبدو متأسفا لعدم حصولك على هذا التاج؟ وكيف لا؟؛ هذا التاج هو من ينقص سجلي الله غالب. والإتحاد الحالي لم تقل عليه شيئا؟ بالنسبة للاتحاد حاليا أقول إن التشكيلة التي تكوّنه شابة قادرة على إعادة أمجاد النادي، وهذا بتضافر جهود الجميع لأن الفريق لديه عناصر في المستوى بحاجة إلى رعاية وتشجيع أكثر. لكن ما سر في اللاعب الحالي مقارنةً بجيلكم؟ في عصرنا كان هناك لاعبين كبار الآن تقدموا في السن، وصراحة لقد كنت مسرورا بوجودي معهم خاصة مع الروح الكبيرة التي كان يلعب بها كل واحد منا فقط ليقنع المدرب. من كلامك نفهم أنّ اللاعبين الحاليين أصبحوا غير قادرين على العطاء بالرغم من صغر سنهم؟ ليس هذا بالتحديد، الوقت تبدل بالرغم من وجود إمكانات كبيرة في الوقت الحالي، إلى أنك قليلا ما تكتشف لاعبين كبار، لهذا قلت لك إنّ "البالون تع زمان بزّاف فور" وتستمتع وأنت تشاهد في أي مباراة كانت. يقال إن الداربي العاصمي رحل مع جيلكم... ما تعليقك؟ ربما صدق الكثير، صحيح داربي المولودية والإتحاد "ما بقاش كي زمان" كل شيء متوقف فيه، وهذا ما لاحظته في السنوات الأخيرة وحتى الجمهور الجزائري، لاحظت أنه أصبح لا يعشق مثل هذه المباريات التي كانت تجلب إليها الأنصار بالآلاف منذ صبيحة المباراة. وبالنسبة لكم، كيف كنتم تعيشونها أو بالأحرى تنتظروها؟ بالنسبة لنا، صدقني أننا كنا ننتظر تلك المباريات على أحر من الجمر كنا نجهز أنفسنا ونتحدث عن المواجهة من يوم وضع جدول الرزنامة نعلم متى سنلعب تلك المباراة والأمر لم يكن يخصنا لوحدنا لأن تلك المباريات كانت تعيش هكذا بين المولودية والإتحاد وأردت أضيف شيئا.. تفضل.. أردت أن أتحدث عن اللاعبين الذين لعبوا في الاتحاد في سابقا، إذا لم تكن دوليا يصعب عليك اللعب، بل من المستحيل أن يتم جلبك من قبل المسيرين وهذا ما كان يشكل قوتنا بوجود تعداد ثري في النادي، فعندما تشاهد دزيري تستمتع وهو يلعب بتلك الروح ناهيك عن عز الدين رحيم. ماذا تقول في هذين اللاعبين؟ دزيري؛ يبقى أحسن ما أنجبت الكرة الجزائرية، فهو لاعب صمد لسنوات منح الكثير للاتحاد وللفريق الوطني. أما رحيم "حاجة كبيرة وليد فاميليا" وأخلاقه عالية، وما كان يفعله فوق المستطيل الأخضر مع الإتحاد لدليل على كبر هذا اللاعب. من دون شك أنت تفتخر بما قدمته طيلة مشوارك؟ بالطبع، طالما أنّي أصبحت مشهورا ومعروفا، خاصة حب الناس إلي وذلك كان بفضل الكرة، هي أمور حقا يكاد اللسان يعجز عن التعبير عليها، الحمد لله أنّي وفقت في ترك مكاني نظيفا سواء على الميادين أو خارجها، فافتخاري يزيد كلما لقيت اعترافا حتى وإن كان من أبسط الناس، وهنا بالمناسبة سأروي لك حادثة جرت لي قبل أيام قليلة فقط تفضل... الأسبوع الماضي وأنا في طريقي للعودة إلى البيت أصيبت سيارتي بعطب بحي لابوانت، حيث أنّي لا أفقه الكثير في مجال السيارات ما عاد القيادة، إذ لم تمر دقائق حتى بي أرى بشاب يتقدم إلي بعدما تعرف علي وذكر لي من عشاق إتحاد العاصمة إلى حد النخاع، حيث لم يترك لي المجال للتكفل بسيارتي، الذي بدوره طمأنني بإصلاحها، ولم يكن بوسعي إلا أنّ أمحنه مفاتيح السيارة ورقم هاتفي، وبعد مرور ثلاثة أيام عن ذلك اتصل بي الشاب يدعى امحمد زكريا ليعلمني أن سيارتي أصبحت جاهزة، أين ذهبت إليه لاستردادها، إذ سلمني إياها وهي مصلحة على أكمل وجه زائد تكفله بغسلها كلية، وعندما طلبت منه ثمن تعبه، قابلني بابتسامة عريضة ورفض أن يأخذ ولا سنتيما، وأكد لي أن فضلي كبير طالما ساهمت في إدخال البهجة لآلاف من مناصري الإتحاد، وهو ما جعل بدني يقشعر من خلال موقفه الذي زادني افتخارا بما قدمته ومدى مكانتي في قلوب الناس. لكن لحد الآن لم تحدثنا عن كيفية وسبب مغادرتك الإتحاد؟ قضيت عشرية كاملة في الإتحاد، بالضبط تسع سنوات ونصف، فهذا الفريق أصبح جزءً منّي، لأنّي كبرت فيه وأصبح عائلتي الثانية، لم أتخيل أنه سيأتي اليوم الذي أغادر فيه الفريق الذي منحني كل شيء، إلا في بعض الأحيان يمر المرء بظروف وعواقب بإمكانه تجاوزها، إذ لم أستطع التخلي عن مبادئي وشخصيتي نظير بقائي، وهو ما عجل برحيلي عن الفريق. هل لك أن تفصل لنا نوعية هذه العواقب التي عجلت برحيلك؟ الكل يتذكر أنّي غادرت منتصف الموسم أي فترة "الميركاتو"، حينها الفريق كان قد جلب في بداية الموسم اللاعب حدو مولاي، أين فضل المدرب سعدي الاعتماد عليه نظير تهميشي، فهذا الأخير فعل المستحيل لكي يخرجني من الباب الضيق، أراد أن ينهي مشواري بكل الطرق، رغم أنه كان يلقى معارضة شديدة لطريقة تصرفه معي. عن أية معارضة تتحدث؟ أتذكر أنه حين كان يبقيني على دكة البدلاء، ويدفع بحدو للعب كأساسي، وقتها كان الكل يصرخون من المدرجات على سعدي نظرا لعدم اعتماده علي، حتى أصبح بعض الأنصار يستفزون حدو عندما يلمس الكرة أثناء المباريات، لكن المدرب بقي مصرا موقفه الذي يقضي بتهميشي. ربما كان موقف المدرب سعدي راجع إلى اختيار تكتيكي... ألا تعتقد ذلك؟ صدقني أنه لا اختيار تكتيكي ولا هم يحزنون، وسأثبت لك مدى صحة كلامي. تفضل... في إحدى المقابلات أتذكر أن زميلي حدو كان يعاني من إرهاق، حيث لم يكن بإمكانه اللعب، وهي تلك المباراة التي زادتني تيقنا من شخصية هذا المدرب، إذ فضل مرة أخرى على إبقائي مقعد الإحتياط بجانب حدو، وأشرك مترف الذي كان شابا وقتها كظهير أيسر رغم أنه ليس منصبه الأصلي، إذ وإلى يومنا هذا لازلت أتذكر صور الأنصار وهم في حيرة عندما لمحونا أنا وحدو نتوجه إلى كرسي الإحتياط. نفهم أنّ سعدي أبلغك بطريقة غير مباشرة أن أيامك أصبحت معدودة في بيت الإتحاد؟ نعم رسالته كانت مفهومة بالنسبة إلي، لكن الغموض الذي بقي يكتنف القضية وهو البحث عن السبب الحقيقي الذي دفع بسعدي إلى اللجوء لمثل هذه الأساليب الوقحة، ولما عرفت الحقيقة، أدركت شخصية هذا المدرب، أين فضلت الرحيل. إذن ما الذي دفع بسعدي لفعل كل هذا معك ؟ (يتنهد)... قبل آخر حصة تدريبية والتي تصادفت مع بداية قترة التحويلات الشتوية ومناسبة العيد، كنت متوجها رفقة زملائي في الفريق إلى غرف تغيير الملابس لأخذ حمامنا، حيث بي وأنا أسمع المدرب يناديني من الخلف، توجهت إليه لأستفسر منه ما يريد، حيث بقي يكلمني عن وضعيتي، وأكد لي أنه يحتاجني في الفريق، بدوري قلت له إنّي سئمت هذه الوضعية ناهيك عن إلحاحي عليه على سبب عدم إعتماده علي، وذكر لي أنه لم يضعني في قائمة المسرحين، ورديت عليه أنه ليس هو من يسرحني من الفريق، إلا هنا يبدو الأمر عاديا، إلا أنّ سعدي بعدها ذكر ما لم يكن في الحسبان. ماذا قال بالضبط؟ قال لي من دون إحراج، أنا عبد مأمور وأنا مطالب بإشراك حدو لأنه أخذ أموالا طائلة، تلك الكلمات التي خرجت من فمه كانت بمثابة طلقات نارية توجه لي، حقيقة "راسي حبس، كي ما هبلتش مع سعدي راني مليح"؛ وهنا قررت مغادرة الإتحاد. إذن سعدي سبب مغادرتك الإتحاد؟ نعم، لكن هذا لا يمنعنني من ذكر حقيقة أخرى التي زادت من حدتها علي، وهي أن الفريق تغيّر كثيرا مما كان عليه الحال في السابق، من خلال اللاعبين الجدد الذين دعموا الفريق، العقلية تغيّرت كثيرا في ذلك الموسم، تلتها مدرب الفريق الذي لم يمن يملك شخصية وهو سبابي. رغم مرور سنوات، إلا أنك ما زلت ناقما عليه... أليس كذلك؟ بالفعل؛ لا أنسى طوال حياتي ما فعله بي هو وزميله الذي لا أريد حتى ذكر اسمه، أتركه لضميره، وهناك شيئا آخرا بإمكانه أن يوضح لكم مدا كره هذا الشخص. أطلعنا عليه.... ماذا تفسر للجوء سعدي إلى أفعاله مع أخي الأصغر نجيب الذي كان يشرف عليه الموسم الماضي، فحتى هو لم يسلم منه وهمشه مثلما فعل معي، فأنا ونجيب لقينا نفس المصير مع هذا الشخص، إلا أنّي أذكره أن العدالة الإلهية موجودة وستنتقم منك كما فعلت بنا. لو افترضنا أنه يكن لك كل هذا الكره، فما الدافع إذن من حقده على شقيقك الحارس؟ أسألوه هو فوحده الكفيل بالإجابة عن سؤالكم، لكن ربما له عقدة من عائلة غول.