ربما هي المشاكل التي لم يكن أحد يتوقعها في الجزائر، تلك التي اجتاحت البلاد في الأسابيع القليلة الماضية، لكنّا لا نعلم إن كان سيخطر على قلب بشر ما يحدث في الوقت الحالي في بطولتنا المريضة، التي أُجلت مرة أخرى مدة شهر كامل دون أي تخوف من ضغط كبير، قد يتولد في نهاية الموسم مثل الأعوام الماضية. فبعدما كنا نبكي على التأخرات الماضية التي كانت بسبب شهر الصيام ومشكلة الحكام، صرنا في الوقت الحالي لا نجد أي مبرر على هذا التأخير المبالغ فيه، إن صح التعبير، بشهر كامل، لأننا في عهد الاحتراف... لكن هذا المصطلح الأخير، على ما يبدو، لم يطبق على الأقل ولو في بعض الأمور الصغيرة، مادمنا إلى غاية الساعة لم نستفد أي شيء؛ هجران المناصرين مدرجات الملاعب، وتدني المستوى بشكل رهيب! فهل من متتبع لأحوال هذه الكرة يحزم بنجاح النظام الجديد مع كل هذه المشاكل؟!... البداية المتأخرة كانت بسبب شهر رمضان ومعظم التربصات أعيدت البداية، كما قلنا في السابق، كانت متأخرة للغاية، وهي التي جعلتنا نبرر يومها بالتنظيم لأول بطولة محترفة، وما يكلفه من تعب كبير، لكن سرعان ما انتهت كل هذه الأمور، فوجدنا يومها الشهر الذي نعلم جيدا بأن لاعبنا لا يهوى فيه سوى النوم والأكل، ولو كان يملك في يده أي حكم لكان قد أعلنه فترة عطلة نهائيا، وهو شهر الصيام، الذي يبرر فيه اللاعبون بالابتعاد عن الأمور التي تضر بعبادتهم، فحكمت بما أرادوا رابطتنا، التي قررت أن يُشرع في البطولة بعد عيد الفطر بأكثر من 10 أيام، وهو ما جعل كل النوادي التي تربصت في شهر جويلية وأوت، تعيد التربصات، ونذكر، على سبيل المثال، عنابة وبجاية ووهران والمولودية وفرقا أخرى، تنقلت كلها إلى تونس من جديد، فيما اكتفى القبائل بلعب مقابلات المنافسة الإفريقية مع تربص قصير في فرنسا، وهذا كعينة فقط على التربصات التي تقرر إعادتها من جديد بما أن، ومثلما قال لنا يوما المدرب مناد، كل العمل الذي قام به ذهب سدى لما قرروا تأخير البطولة، التي كانت، ومنذ تلك الفترة، تعد بالكثير من هذه المشاكل التي تطل علينا بين الفينة والأخرى منذ ذلك اليوم. قضية الحكام حُلت بترقية البعض من قسم ما بين الرابطات وقلنا ما عليش وبعدما كنا يومها حللنا مشكلة اللاعبين الذين لا يستطيعون اللعب في شهر رمضان، انتقلنا إلى فترة الجدية. وكما هو معلوم، بدأت الرابطة الوطنية الأولى والثانية المحترفة عملها في نهاية أسبوع واحدة بطريقة عادية جدا، لكن سرعان ما تمر علينا جولة واحدة حتى تظهر قضية الأندية الهاوية، التي رفضت اللعب. وبعد أخذ ورد ومحاولات كثيرة لإقناعهم عادوا للعب من جديد، لكن حُلت مشكلة بمشكلة أكبر منها بما أنهم كانوا يلعبون في يوم واحد مع المحترفين، وهو أمر صعّب من مهمة رئيس الفاف السابق بلعيد لكارن، الذي لم يجد القدر الكافي من الحكام، فاجتمع بروراوة، وطلب منه ترقية البعض من قسم ما بين الرابطات، وهنا حُلت المعضلة، ولم نؤجل تلك الجولة الثالثة يومها بطريقة مهذبة للغاية، لكننا لم نكن نعلم ماذا كان ينتظرنا. قضية الديون ومشاكل الأفارقة كادت أن تعصف من جديد وبعدما نجت البطولة المحترفة من مخالب التأجيل من جديد بسبب هؤلاء الحكام، الذين تلقوا منحا مغرية للغاية لكي يديروا أكثر من مقابلة في الأسبوع، ومن بينها المنحة التي بلغت مليوني سنتيم لكل مقابلة، نجت، فسقطت في فخ آخر، وهو مشكلة الأموال والديون الكثيرة التي تعاني منها كل أندية الجزائر إن لم نستثن منها حاليا اتحاد العاصمة، والتي لا تملك أي جديد ضد أي جهة، حيث كان الرؤساء وفي مقدمتهم منادي، الذي لم يجد حتى قيمة تذاكر الطائرة للاعبيه من أجل اللعب يومها مع المولودية، فقرروا أن يلاقوا روراوة وجيار، وتحدثوا إليه على هذا الأمر، فقدّم لهم ضمانات، ورفض أن يعرضهم لعقوبة الإقصاء من الاستقدامات بسبب هذه الديون، وهو ما أعاد من جديد الحياة لبطولتنا، التي كانت يومها متوقفة. توقف آخر في منتصف الطريق بسبب المشاكل ورائحة الاحتراف غائبة وكما قال أحد مدربي القسم الوطني الأول: "يوم قررت البطولة أن تستأنف أيامها من جديد وتلعب بدون تأجيلات كثيرة سوى في بعض الأحيان التي عرفت الكثير من اللقاءات، خاصة في العاصمة هنا، اضطرت الرابطة للتأجيل، ووصل الأمر اليوم بالمسؤولين إلى الإعلان عن استخراج شهادة وفاة قبلية لهذه المحترفة، التي لم تقض سوى 13 جولة حتى توقفت من جديد لمدة شهر كامل أو أكثر، لا لشيء سوى لبعض المشاكل التي أحدثها الشبان العاضبون عن وضعيتهم الاجتماعية، فلم تجد الرابطة إلا التأجيل لكي تريح نفسها من التنقلات والمشاكل التي تنجم في الملاعب لو تلعب اللقاءات، ليزداد الوضع أكثر حدة، ولهذا الحل الأنسب على الطريقة الجزائرية هو التأجيل من جديد ليوم آخر، لعل وعسى تكون الأوضاع جيدة في وضع غابت عنه حتى رائحة الاحتراف، التي كنا نظن أننا سنشمها ولو نحن في بيوتنا، نسمع بأخبار بطولتنا، أو نشاهد مقابلاتها التي لا تقل مستوياتها عما يفعله جيراننا في تونس، الذين ورغم أنهم يعيشون نفس الوضع إلا أن الداربي بين النجم الساحلي والترجي لُعب في أجواء رائعة جدا، وانتهى للأول بخماسية كاملة ودون أي تخريب. حسابات الرؤساء تختلط والتربصات الشتوية قبل إنهاء مرحلة الذهاب ومادامت، إلى غاية الساعة، الآراء تتضارب بين الأطراف الفاعلة، ويتقاذف المسؤولون الاتهامات فيما بينهم، تتواصل هذه المشاهد تحت غضب كبير من رؤساء النوادي المحترفة هي الأخرى، بما أنهم كانوا دخلوا في حسابات كثيرة فيما يتعلق بالمستقدمين والأموال التي ستصرَف مستقبلا، بعدما استفادوا من بعض المنح من المجالس الشعبية الولائية، لكنهم، ولسوء حظهم، اختلطت الأمور كما قلنا، فتغيرت الحسابات من جديد، ليصبح الرئيس، بعدما كان يبحث عن اللاعب الذي يجلب به الفائدة ويدعم به التشكيلة، أصبح يفكر حاليا في موعد التربص الشتوي، الذي يجب أن يكون في هذا الشهر بالذات، فبعدها لن تعود الرابطة لمنح أي راحة للنوادي بعدما نالوا كل شيء حاليا قبل إنهاء المرحلة الأولى من هذه البطولة المحترفة، لكي نذكّر الجميع بها أحسن. الكثافة المقبلة في المباريات وموعد نهاية البطولة لم يراعَ إلى حد الآن وفي الوقت الذي برمج هذا التاريخ الذي لا نعلم إن كان بطريقة عشوائية أم لا لجميع البطولات، سواء الهاوية أو المحترفة، التي نسلط عليها الضوء حاليا، لم يفكر أحد، ربما، في الكثافة التي يمكن أن تحدث في الأيام المقبلة بما أن ما لا يقل عن أربعة نواد في الجزائر ستدخل المنافسات الإفريقية، وهو ما يعني تأجيل لقاءاتهم، التي تأتي مع مواعيد البطولة، أمر يحتّم إيجاد تاريخ جديد، وهذا بدون الحديث عن منافسة الكأس التي لم يلعب فيها حاليا سوى جولة واحدة. ويبقى إلى غاية الآن خمسة أدوار كاملة، ويضاف إليها خمسة عشرة جولة جديدة في البطولة، واثنتان متأخرتان في بطولة لا يحب الرؤساء، أو على الأغلب، اللاعبون لعب مقابلتين في أسبوع، في حين لا نملك في أيدينا سوى 17 أسبوعا على الأكثر إذا أردنا فعلا تسيير كل هذه اللقاءات التي تبلغ 21، إن لم نستثن التأجيلات. ففي الوقت الذي تنهي البطولات المجاورة كل مبارياتها تكون الرابطة لم تلعب حتى نهائي كأس الجمهورية، الذي يجب أن يؤخر هذا الموسم حتى نهاية البطولة، التي لا نعلم إلى غاية الساعة، هل ستصل إلى شهر جويلية أم لا. هل هي لعنة الأندية الهاوية أم عدم القدرة على تسيير الاحتراف؟... وفي النهاية، يبقى المتتبع الذي لا تشغله سوى كرة القدم، خاصة لما أصبحنا محترفين، ونملك شركات رياضية عملاقة في أنديتنا لم نسمع بميلاد واحد منها سوى بالسجل التجاري ودفتر الشروط، الذي نالوه (ما عدا اتحاد العاصمة)، يبقى ينتظر الحل لهذا الواقع المر الذي تعيشه الساحرة المستديرة في طبعتها الجديدة وسط تساؤلات كثيرة تحوم حوله، ومن بينها هل فعلا هي لعنة النوادي الهاوية التي حرمت من هذا الاحتراف، الذي لا يملك من الميزات سوى الاسم، أم هو فعلا العقلية التي لم تتغير إلى حد الساعة في الرأس المدبر لهذه العملية بما أنه هو الذي يملك في يده العصا، التي بإمكانها تحسين عقليات النوادي واللاعبين فيما بعد... وفي انتظار إيجاد الأحوبة لكل هذه التساؤلات يبقى المناصر البسيط ينتظر بشغف متى يستطيع العودة من جديد للملاعب، لمشاهدة فريقه المفضل. حمزة. ك