جعل كل المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب الإنجليزي الأول عقب أورو 2004، يضربون كفاً على كف بسبب قرار اعتزاله اللعب الدولي، فقد بات في سنوات قليلة أحد أساطير كرة القدم الإنجليزية بوجه عام وليس مانشيستر يونايتد فحسب، فما هي أكثر المحاولات التي دخلها المدير الفني الحالي للأسود الثلاثة "فابيو كابيلو" لإقناع الفتى البني بالعدول عن قرار اعتزاله اللعب الدولي؟ وهذا لفشله -كابيللو- في إيجاد لاعب بنفس قدراته لديه خواص التحكم في نسق اللعب، والدقة في التمرير والتسديد، واستخلاص الكرات من الخصوم مثلما يفعل تشافي هيرنانديز مع المنتخب الإسباني . أسطورة مانشيستر يونايتد الذي بدأ حياته الكروية عام 1992، كان يمتلك قدماً فولاذية بأتم معنى الكلمة. والأجمل تَميزه في التمرير السلس والمتقن، والقدرة على الرؤية الواسعة والشاملة للملعب. وبالطبع لن ننكر جهوده الفعالة في الدفاع والهجوم، ولن ننسى تحقيقه للثلاثية التاريخية مع مانشيستر يونايتد في عام 1999 ومساهمته في تحقيق 12 لقبا دوريا إنجليزيا مثله مثل ريان غيغز . واليوم نستعرض معكم أجمل (8 لحظات) في مسيرة الفتى الذهبي، وهي بالتأكيد أجمل أهدافه أو تلك العالقة في أذهان أنصار مانشيستر يونايتد والمنتخب الإنجليزي . ورقم 8 له دلالة بكل تأكيد للرقم الذي ارتداه لفترة طويلة مع منتخب بلاده .
اللحظة الأولى: هدف "واعر" في مرمى شكري الواعر
افتتح بول سكولز أهدافه مع المنتخب الإنجليزي في بطولة رسمية أثناء نهائيات كأس العالم 1998 في فرنسا أمام المنتخب التونسي، عندما أطلق تسديدة مقوسة رائعة في الدقيقة 89 على حارس مرمى نسور قرطاج "شكري الواعر ". التسديدة كانت وعرة للغاية على شكري الواعر الذي قفز عليها لكن دون جدوى، ليضاعف سكولز تقدم الإنجليز بالهدف الثاني بعد أن افتتح المدفعجي الآخر "آلان شيرار" التسجيل قبل نهاية الشوط الأول، ليتصدر الفريق المجموعة الثامنة مُبكراً ويواصلوا سيطرتهم بعد الفوز على رومانيا ثم كولومبيا .
اللحظة الثانية: هدف إعجازي أسطوري دخل به التاريخ شهد ملعب نادي برادفورد الإنجليزي نهاية شهر مارس 2000، هدفاً إعجازياً أسطوريا من أهداف الفتى البني بوجه القدم في شباك نادي برادفورد ببطولة الدوري الإنجليزي لا تصد ولا ترد. فبعد تلقّيه كرة عرضية من ركلة ركنية جاءته على طبق من (ذهب) من صاحب التمريرات المليميترية "ديفيد بيكام"، قابل سكولز الكرة كما قال الكتاب بوجه القدم، ليوجه صوب مرمى أصحاب الأرض تسديدة صاروخية مستحيلة، ذهبت على يسار الحارس، الذي اعتقد أن مدفعا أطلق عليه قنبلة موقوته! اللحظة الثالثة: درس الرأسيات لأقصر لاعبي إنجلترا عُرف عن سكولز دقة تسديداته بكلتا القدمين، وكذلك عُرف عنه دقته الكبيرة في الضربات الرأسية عندما تتاح له فرصة تحويل إحدى العرضيات داخل صندوق العمليات داخل شباك الخصوم. ولعل رأسيته في شباك المنتخب البرتغالي بأورو 2000 من أهم الأهداف التي أحرزها برأسه خلال مشواره الطويل، إلا أن الفرحة لم تكتمل، حيث قلب أحفاد فاسكو دي غاما الطاولة على رأس سكولز ورفاقه بثلاثية "فيغو، غواو بينتو ونونو غوميش". اللحظة الرابعة: اغتيال الجيران الأغنياء إذا كانت رأسيته في مرمى البرتغال لم تشفع لإنجلترا للمواصلة في أورو 2000 بسبب الخسارة في الوقت القاتل، بهدف نونو غوميش بعد استغلال ناجح للأخطاء الفنية للمدرب كيفن كيغن، حين أخرج مايكل أوين ودفع بإيميل هيسكي، فإن رأسية سكولز في شباك الجار والعدو اللدود لمانشيستر يونايتد "مان سيتي" على ملعب السيتي أوف مانشستر موسم 2010/2009 بعد عرضية باتريس إيفرا في المراحل الأخيرة من ذلك الموسم، كان لها مفعول السحر في إعادة بصيص من الأمل للشياطين في البطولة المحلية أمام تشيلسي، ليبقى الأمل قائماً ويحافظ مانشيستر على وضعيته في مضمار المنافسة لمُعانقة اللقب حتى الجولة الأخيرة. ومع أن اللقب هرب من يد فيرغسون في نهاية المطاف إلا أن رأسية سكولز الصعبة التي أعطت الحياة لليونايتد، ستبقى خالدة لفترة بعيدة، كونها كانت رداً واقعياً منه ومن رجال أولد ترافورد على أن المال ليس كل شيء في كرة القدم. وكانت تلك الخسارة سبباً رئيساً في تأجيل ترشح المان سيتي لدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه حتى عام 2011. اللحظة الخامسة: هدف خارق للعادة وغير معقول هل حاول سكولز بالفعل تكسير رأس حارس أستون فيلا أو تكسير عارضة مرمى الفريق المضيف أمام جماهيره الغفيرة؟ سكولز وجّه تسديدة صاروخية من مسافة 23 مترا تقريباً في شهر ديسمبر 2006 عندما واجه اليونايتد نظيره أستون فيلا على ملعب فيلا بارك ببطولة الدوري الممتاز. في البداية، مرر غيغز ركلة ركنية داخل منطقة الجزاء، تم تشتيتها بطريقة خاطئة على حدود المنطقة، وهذا خطأ فادح تحمّل فيما بعد عناصر الدفاع مسؤوليته، فقد تواجد القناص الذي لا يرحم أحدا ليطلق كرة قوية جداً ذهبت في باطن العارضة، ثم عانقت الشباك أو كما قال المعلق: ".. هدف خارق للعادة.. رائع استثنائي!". اللحظة السادسة: فن المراوغة واللعب الأرضي التنويع في الأداء كان أهم ما يميز سكولز، فلم يكن يعتمد على الرأسيات أو متابعة الكرات داخل المنطقة أو التمرير الطولي والعرضي فقط، فأمام بلاكبيرن روفرز في شهر مارس 2007 على ملعب الأويد بارك، أظهر مهارات رائعة في المراوغة على الأرض بمرور ناجح قبل تسديد كرة أرضية رائعة على يمين الحارس. الهدف أنقذ مانشيستر يونايتد من الهزيمة خارج ملعبه، ليتمكن من هزيمة الحارس الصعب "براد فريديل"، فقد كان مفتاح الفوز برباعية بعد أن كان الفريق متأخراً بهدف دون رد. اللحظة السابعة: هدف "الملعقة" تتويجا لعمل خارق وصلت عدد التمريرات التي سبقت هدف بول سكولز في شباك باناثينيكوس اليوناني ببطولة دوري أبطال أوروبا عام 2000، إلى 32 تمريرة بالتمام والكمال، قبل أن يضع سكولز الكرة من فوق رأس الحارس بطريقة خادعة، وهو الأسلوب الذي اعتمده نجم الكرة الإيطالية فيما بعد "فرانشيسكو توتي"، تحت مُسمى (الملعقة). الكرة استمرت تحت أقدم لاعبي اليونايتد لأكثر من 30 تمريرة متواصلة، شارك فيها سكولز مرتين قبل أن يُمرر ديفيد بيكام كرة أرضية سريعة على قوس منطقة الجزاء إلى تيدي شيرينغهام، الذي تركها بطريقة سلسة لسكولز داخل منطقة الجزاء، ليرفعها المدفعجية بطريقة رائعة من فوق رأس الحارس (نيكوبوليديس)، الذي حاول دون جدوى، لتعانق شباكه، ويحقق مانشيستر يونايتد الفوز في تلك المباراة بثلاثة أهداف لهدف في نوفمبر من ذلك العام. اللحظة الثامنة: القذفة التي قهرت الكتلان بسرعة 120 كيلومتر في الساعة ما أروع أن تُهزم برشلونة في حضور تشافي وميسي ورونالدينيو وهنري وكل النجوم!... وما أروع أن يأتي فوزك على هذا الفريق الذي لا يُقهر أمام جماهيرك!.. وما أجمل أن يأتي الفوز بقذيفة مدوية كتلك التي أطلقها بول سكولز من خارج منطقة الجزاء على أقصى يسار فيكتور فالديز، الذي قفز نحوه وهو قليل الحيلة لا يدري كيف يتصدى لها! تسديدة سكولز الصاروخية التي تعدت سرعتها 120 كيلومتر في الساعة، وضعت مانشيستر يونايتد منذ نهاية شهر أفريل 2008 في نهائي الأحلام، نهائي دوري أبطال أوروبا أمام مواطنه "تشيلسي" على ملعب لوجنيكي بالعاصمة الروسية "موسكو". وفاز الشياطين بلقب البطولة ليُخلّد هدف الصعود لمقارعة البلوز على اللقب ويصبح الأهم في تاريخ الفتى البني. وداعاً سكولز