تميزت جلسات "محاكمة القرن" منذ بدايتها إلى يومنا هذا بعدة مواقف طريفة كان أبطالها كل من رئيسة الجلسة، المتهمون، الشهود، النائب العام، مما أضفى على فصول المحاكمة حالة من التندر وأسقط عنها الروتين والملل الذي بدأ يعشش بسبب توالى الجلسات. "علم البنوك" في قضية الخليفة سأل النائب العام بمحكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة المتهم "ع .جمال" مدير وكالة الحراش، كم هي نسبة الفوائد التي كنتم تمنحونها للشركات العمومية التي تودع أموالها في بنك الخليفة؟ يجيب المتهم تتراوح ما بين 9 و14 بالمائة، وكم كانت البنوك الأخرى تمنحهم عندما يودعون أموالهم فيها؟ يسأل النائب العام مرة أخرى، فيجيب المتهم "تتراوح ما بين 2 و 4 بالمائة"، فيرد النائب العام على المتهم بتندر وسخرية، يا هل ترى هذه النسب قرأتمومها في علم البنوك، باعتبارك حاصلا على ليسانس في الإقتصاد وماستر في المالية...؟! فيرد المتهم ببرودة أعصاب "سيدي النائب العام، النظري شيء والتطبيقي شيء آخر، لا نقارن هذا بذاك"، يضحك النائب العام بدهشة وتعجب، وكأنه لا يصدق ما يسمع. الأسئلة المفخخة للإيقاع بالمتهمين أثبت النائب العام في قضية الخليفة احترافيته إلى أبعد الحدود في طرح الأسئلة المفخخة على المتهمين لانتزاع الأجوبة بفضل طريقته المميزة في الإستجواب، والتي كانت تعتمد على التندر والأسئلة المفخخة للإيقاع بالمتهمين ودفعهم إلى الإعتراف في سياق الكلام ومن ثم إثبات التهم المنسوبة إليهم، الأمر الذي أضفى على القاعة حالة من التندر وأسقط عنها الروتين الذي بدأ يعشش بسبب توالى فصول المحاكمة. أمين الخزينة... كان "راجل وفحل" توعدت رئيسة محكمة الجنايات المتهم "ع.جمال" مدير وكالة بنك الخليفة بالحراش بدفع ثمن تمويهه وتهربه من الإجابة عن الكثير من الأسئلة التي وجهت له، وطلبت منه أن يقف بطريقة محترمة أمام المحكمة، وان يحترم هيئة المحكمة على الأقل بالوقوف جيدا، ولم تتمالك القاضية أعصابها مع المتهم الذي دوخها، وخصصت ثلاث جلسات لسماعه واستجوابه، لتجد نفسها في النهاية تدور معه في حلقة مفرغة، وهو ما جعل القاضية تضرب المثل بأمين الخزينة الرئيسية لبنك الخليفة المتهم "آكلي .ي" الذي أشارت إليه، حيث كان يجلس في الزاوية مع المتهمين وقالت عنه بأنه »كان "راجل و فحل" في الرد على أسئلة محكمة الجنايات، أما أنت فستدفع ثمن أجوبتك وثمن وقوفك بطريقة غير محترمة أمام هيئة المحكمة فيما بعد، سترى« قالت الرئيسة. "الكناس" و"العساس" و"الزوالي" وأموال الخليفة؟! سأل النائب العام لمحكمة الجنايات بالبليدة مدير وكالة بنك الخليفة بالحراش بسخرية: ألم تسألوا أنفسكم ولو لمرة لماذا كان عبد المومن خليفة يبعث لكم الأشخاص المرموقين فقط لاستلام الملايير من خزينة الوكالة؟ فرد المتهم: الرئيس المدير العام كان يرسل من يطلبون منه المساعدة أو من يقدر بأنهم بحاجة للمال لغرض ما. وهل حصل وأن أرسل لكم عبد المومن خليفة سكرتيرة مسكينة تنفق على عائلتها لاستلام شكارة دراهم أو شخصا "زوالي" أو "كناسا" أو "عساسا" أو عون أمن لاستلام "شكارة دراهم"، فيرد المتهم "لا"، فيعلق النائب العام "ولكن هؤلاء بحاجة إلى المال أكثر من غيرهم.. لماذا لا يساعدهم الرئيس المدير العام، إنهم مساكين، ألم تسألو أنفسكم لماذا لم يكن عبد المومن خليفة يرسل لكم أشخاصا مثل هؤلاء، ويرسل فقط الشخصيات وإطارات الدولة لأخذ الشكاير من وكالتكم بالحراش؟. سيدتي الرئيسة... كلهم مدراء عامون قال المتهم "ع.جمال" بأن "كل الأشخاص الذين كان عبد المومن خليفة يرسلهم إليه لسحب الأموال من وكالة بنك الخليفة بالحراش هم مدراء عامون في الخليفة أيرواز"، فاستغربت القاضية وسألت بتعجب واندهاش، وكم من مدير عام يسير الخليفة أيروايز؟، فقاطعها النائب العام بلهجة طريفة "سيدتي الرئيسة.. لا داعي لتطرحي عليه هذا السؤال، أنا أجيبك: لا تستغربي، في الخليفة أيروايز كلهم مدراء عامون كلهم!!!... لا تستغربي". النائب العام وما أكله عبد المومن في السعودية قال النائب العام موجها سؤاله للمتهم للمفتش العام المساعد "أحمد.م": ما هي الدول التي زرتها مع عبد المومن خليفة، فرد المتهم لا أذكر، قال له النائب العام، غير معقول كيف تنسى الدول التي زرتها، هذا غير ممكن، إنها ليست قرى أو شوارع، بل هي دول وعواصم كبرى، أم أنك تريد مني أن أذكرك، سأذكرك، هل ذهبت معه للعربية السعودية؟، "نعم"، ماذا ذهبتم تفعلون هناك؟ عبد المومن كان يريد شراء بعض العتاد من أجل خليفة للبناء أول محطة تحلية المياه، لا أذكر بالتحديد، فيقاطعه النائب العام "كيف تنسى أمرا كهذا، أنت لم تنس، :خبرنا ماذا ذهبتم تفعلون هناك وإلا سأخبرك أنا، أنا أعلم حتى إسم الطبق الذي أكلتموه في وجبة العشاء، والمطعم الذي تعشيتم فيه ومع من وكم دفعتم ثمن العشاء، ومن دفعه، وأين قضيتم الليلة، ولهذا أنصحك بأن تعترف وحدك وإلا سأضطر لتذكيرك. رئيسة الجلسة تصاب بالإغماء من وقع الصدمة سألت رئيسة المحكمة أمين الخزينة الرئيسية لبنك الخليفة المتهم "آكلي .ي": عندما يأتيك مبعوث من عند عبد المومن خليفة لأخذ الملايير، كنت تعطيه المبلغ المطلوب بدون أي وثيقة، أليس كذلك؟ فرد المتهم: "نعم"، وهل تعتقد أن ذلك قانوني؟، "فعلت ذلك بأمر من الرئيس المدير العام"، يرد المتهم، وهل حصل وان رفضت منحه مبلغا ما؟، يجيب "لا، كنت أعطيهم كل ما يطلبون بشكل عادي دون نقاش، لأننا اعتدنا على التعامل بتلك الطريقة"، فترد القاضية منفعلة: وهل تعتقد أن ذلك أمر عادي؟ "عبد المومن خليفة كان يأخذ الأموال من بنكه نورمال" يجيب المتهم، وهنا فقدت رئيسة المحكمة أعصابها ... وتقول لي "نورمال"... يا إلهي إنه يقول "نورمال"... هل تسمعون... وترفع يديها إلى السماء، ثم تستلقي منهارة على كرسيها من وقع الصدمة وتتظاهر بالإغماء. شاشوة أو شعشوع بعد أسابيع من انطلاق محاكمة القرن تبين أن "شعشوع" الذي تردد إسمه عدة مرات في المحاكمة من طرف الشهود والمتهمين ورئيسة المحكمة، و"شاشوة" الذي كان يتردد إسمه عدة مرات هو الآخر من طرف المتهمين والشهود هما في النهاية شخص واحد وهو مدير الأمن والوقاية ونقل الأموال والأشخاص، غير أن كل واحد في المحاكمة كان يتلفظ إسمه بطريقته الخاصة، على الصيغة العربية أو الفرنسية، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن الأمر يتعلق بشخصين، لكن النائب العام، لم يترك هذه النقطة تمر هكذا، وتدخل لرفع اللبس، مؤكدا أن الشخصين هما شخص واحد، وهو ما تفاجأ له الجميع. جميلة بلقاسم: [email protected]