بعد مرور أكثر من خمسين يوما على انطلاق فعاليات محاكمة المتهمين في فضيحة القرن، دخلت محاكمة الخليفة مرحلة جديدة وحرجة بعد أن تبين أن الكثير من الشركاء في هذه المحاكمة بدأوا يفقدون ولو جزئيا قوة التحمل ودقة التركيز بسبب الأيام الطويلة لهذه المحاكمة التي تميزت بكثير من التفصيل وبكثير جدا من التعقيدات والتداخل واختلاف وجهات النظر القانونية بين مختلف هيئات المحكمة. وخاصة عندما جاء دور دفاع المتهمين الذين حاولوا الدفع بالمحاكمة في اتجاه مسار آخر غير المسار الذي رسمه النائب العام خلال مرافعته المطولة، وهو الآن قد تحول إلى خصم حقيقي للغالبية الساحقة من المحامين الذين انتقدوا كثيرا من أقواله وخاصة الالتماسات التي طالب بها في حق موكليهم. ومع الوعكة الصحية المفاجئة التي ذهبت ضحيتها القاضية فتيحة ابراهيمي خلال جلسة أول أمس، فإن محاكمة الخليفة تكون قد دخلت مرحلة الانهيارات العصبية والصحية، وهذا أمر طبيعي جدا في نظر البعض الذين قالوا إن الخمسين يوما الماضية كانت أقصى فترة التي يتحملها البعض، بداية من القاضية التي استسلمت يوم الخميس وعلى المباشر حينما وقفت الجلسة تاركة المجال وراءها لموجة من الشائعات قبل أن تعود بعد ربع ساعة كاملة لتقول إنها تعرضت لوعكة صحية عادية "وما نحن إلا بشر". وما يؤكد دخول محاكمة القرن في هذه المرحلة الحرجة هو أنه خلال الجلسة المسائية ليوم الأربعاء الفارط تعرض المتهم الأجنبي الوحيد في هذه القضية إلى انهيار عصبي استدعى إخراجه من القاعة إلى بهو المحكمة وهو في حالة يُرثى لها، حيث أبدى تذمره من إجباره على ضرورة الحضور اليومي للمحكمة حيث يتم المناداة على جميع المتهمين المتابعين بجنح قبل بداية الجلسة الصباحية، المتهم الفرنسي الوحيد في هذه المحاكمة، جون برنار فيالان، رفض حمله إلى المستشفى من طرف رجال الحماية المدنية وبقي لمدة طويلة في البهو وهو في حالة يرثى لها، وهو الذي سبق له أن صرح على لسان محاميته أنه لا يفهم سبب إقحامه في هذه القضية، رغم أنه لم يكن موظفا في بنك الخليفة بل كان يعمل بصفة عادية في شركة الخليفة للطيران. وقبل الذي تعرض له المتهم جون برنار، وخلال الجلسة ذاتها، أكدت القاضية أنها سمحت لمتهم آخر بعدم الحضور بعد أن تقدم بشهادة طبية تؤكد أنه يواجه متاعب صحية تتطلب مكوثه للراحة في ذلك اليوم، وبعد هاتين الحادثتين وعند افتتاحها لجلسة يوم الخميس الأخير أعلنت القاضية أنها لن تنادي على المتهمين المتابعين بجنح حيث سمحت للذين يقطنون منهم في الولايات البعيدة والداخلية بعدم الحضور وهذا لتمكينهم من زيارة أهاليهم، مما يعني أنها سمحت بتخفيف الضغط عنهم، قبل أن تتفاجأ هي شخصيا بوعكة صحية على المباشر أخرجتها من القاعة في مشهد أكد هذا المنعرج الذي دخلته محاكمة المتورطين في "فضيحة القرن"، وذلك قبل أن يشرع دفاع المتهمين بجنايات في مرافعاتهم، وهنا سيكون الضغط أكبر في ظل وجود نية لرفع ريتم المحاكمة. نسيم لكحل: [email protected]