بلغ عدد الدعاوى القضائية للأقدام السوداء أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة 600 دعوى قضائية يطالبون فيها استرجاع ممتلكاتهم التي أضاعوها في الجزائر أو التعويض عن الضرر الذي لحق ملكياتهم بفعل استقلال الجزائر وتحرر أراضيها، في وقت بتت فيه هذه الهيئة بصفة نهائية في واحدة من هذه الدعوى بإقرار عدم أحقية الرعايا الفرنسيين ممن يحسبون ضمن الأقدام السوداء في تعويضات عن الممتلكات التي ادعى ملكيتها. وحسب ما نقلته وكالة الأنباء عن هذه اللجنة فإنه بعد مداولة أعضائها حول مضمون الملف، أصدرت اللجنة قرارا بعدم قبول الدعوى القضائية وذلك ب 14 صوتا من مجموع 15 صوتا، مضيفة أن هذا القرار سابقة أولى بالنسبة للجزائر التي أصبحت متابعة ب 600 دعوى من هذا الشكل، أودعت مؤخرا أمام هذه الهيئة الأممية كجهة قضائية مختصة في مجال الحقوق المدنية والسياسية، على الرغم من أن القضية تشكل بصفة عامة "اجتهادا قضائيا هاما" على المستوى الدولي بالنسبة للبلدان الأخرى التي كانت مستعمرة أو تلك التي استقلت مؤخرا، هذا القرار الذي يكتسي "رمزية عالية" ويترجم عدالة الهيئة التابعة التي تأتي قراراتها في وقت كان قد قضى فيه القضاء الجزائري بإرجاع عدد من الممتلكات التي يمتلك الرعايا الفرنسيين عقود ملكياتها كعدد من محطات البنزين ومصنع يعود للمتعامل الفرنسي "ميشلان"، كما وصل الأمر إلى عقارات تابعة لهيئات رسمية في الدولة الجزائرية، مثل ما هو عليه الأمر بالنسبة للديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي خسر مقره بقرار قضائي جزائري، وكذ بالنسبة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، فضلا عن المطبعة التي استولى عليها أحد الأقدام السوداء بصفة رسمية. ويذكر أن عدد القضايا التي احتكم فيها الرعايا الفرنسيون للقضاء الجزائري تعد بالآلاف في وقت فضل آخرون الاحتكام للأمم المتحدة، وإن كانت فرنسا قد ساقت عبر رعاياها كل هذه الدعاوى لتُدْخل الجزائر في حظيرة ممتلكاتها وتحولها إلى مقاطعة فرنسية تطبق عليها (نظام الإدماج)، بصفة ضمنية بعد أن أخرجت من الحدود الحقيقية للبلاد. فإن الأمر الذي يستدعي الاستفهام هو انسياق القضاء الجزائري وراء هذه الدعوى القضائية التي لا تعدو سوى أن تكون محاولات لإرغام السلطات الجزائرية على دفع تعويضات ممتلكات يزعم هؤلاء أنهم أصحابها وأنهم جردوا منها وتعرضوا "للنفي"، على الرغم من أنه لا يختلف اثنان أن القضية تتعلق بإنهاء مرحلة استعمار على حد تعبير محمد قورصو رئيس جمعية 8 ماي 54 الذي أوضح في اتصال "للشروق اليومي" أن الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الجزائر من قبل الأقدام السوداء لاسترجاع ممتلكاتهم أو التعويض تتزامن مع مطالبة السلطات الجزائريةلفرنسا الرسمية بالاعتذار عما اقترفته في حق الجزائريين، مشيرا بأن هذه القضايا لها أبعاد سياسية أكثر منها أبعاد قانونية على اعتبار أن فرنسا تتعمد عبر هؤلاء مضايقة الجزائر وإحراجها للكف عن المطالبة بالاعتذار الذي رفض الفرنسيون أن يتنازلوا عنه للألمان. سميرة بلعمري: [email protected]