طلبت منظمة أمريكية للدفاع عن حقوق الإنسان من إدارة الرئيس جورج بوش كشف النقاب عن مصير 16 شخصا من بينهم جزائريون معتقلون في السجون السرية للمخابرات الأمريكية، الى جانب جميع الذين تم اعتقالهم دون محاكمة منذ سنة 2001 في إطار ما وصف بمكافحة الإرهاب. وقد كشفت منظمة "هيومن رايتس واتش" في ملف دقيق عن 16 مسلما اختفوا منذ اعتقالهم سنة 2001 في عدة دول، فضلا عن 22 آخرين تعتقد أنهم تحت قبضة المخابرات المركزية الأمريكية. ويستند هذا الملف الى العديد من التحقيقات والتقارير، لاسيما الاستجوابات مع من أطلق سراحهم من بينهم فلسطيني أكد وجود جزائريين في المعتقلات السرية الأمريكية بعد إطلاق سراحه الصيف الماضي. وكان الجزائري العيد سعيدي الذي سجن بتهمة الانتماء الى تنظيم القاعدة ممن قضوا سنتين في معتقل سري للمخابرات الأمريكية قبل أن يطلق سراحه أيضا، في نفس الفترة.. ويحتوي الملف بعنوان "السجناء الأشباح: سنتين تحت الاعتقال السري للسي أي ايه"، شهادات لسجناء تم إطلاق سراحهم من بينهم الفلسطيني مروان جابور، 30 سنة، الذي اعتقل هو أيضا، في مكان سري لأكثر من سنتين من قبل الولاياتالمتحدة وباكستان، تعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب. ويعتقد جابور أنه كان محبوسا في أفغانستان قبل أن يطلق سراحه الصيف الماضي. وقد قدم وصفا دقيقا ومفصلاً تفصيلاً لأحد السجون السرية. وفي رسالة بعثت بها الى الرئيس بوش الإثنين الماضي، طالبت جوان مارينر، مديرة قسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش الرئيس الأمريكي، بمعلومات عن مصير المحتجزين المفقودين وأماكن تواجودهم. وفي رده عن الرسالة، كما أفادت مارينر، قال بوش إن 14 شخصا كانوا معتقلين لدى "السي أي ايه" قد حولوا الى سجن خليج غوانتانامو بكوبا. لكن المحتجز السابق مروان جبور أبلغ هيومن رايتس ووتش أنه التقى مع العديد من السجناء في المعتقل من بينهم الجزائري ياسر جزيري، وهو الاسم الدي نقل على القائمة، تخفي الإدارة الأمريكية وجوده رفقة البقية من المحتجزين الذين يجهل الى حد الان مصيرهم. وأشار جبور أنه اقتسم نفس الزنزانة مع ياسر لعدة أسابيع وعرف خلالها بأنه يوجد عدد آخر من الجزائريين في المعتقل السري. وبالإضافة الى الجزائري تضم قائمة المختفين، التي أعلنتها هيومن رايتس ووتش، مصطفى ستماريان السوري الأصل والاسباني الجنسية، الذي اختطف شهر نوفمبر 2005 من مدينة كيتا الباكستانية ومحمد عمر عبدالرحمان ابن الشيخ عمر عبدالرحمان الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بسبب اتهامه بالتخطيط لانفجار مبنى المركز العالمي للتجارة بنيويورك سنة 1993. وتخشى المنظمة أن يكون المعتقلون قد سلموا لبلدانهم من بينها الجزائر، سوريا، مصر وليبيا، حيث - كما تقول - يحتمل أن يكون قد تعرضوا للتعذيب. وقد قامت المخابرات الأمريكية باعتقال جزائريين في إطار ما تصفه بمحاربة تنظيم القاعدة، من بينهم العيد سعيدي الذي اعتقلته لمدة 16 شهرا في سجن سري. وقال سعيدي عند ادلائه بشهادته، بعد إطلاق سراحه، إنه سجن شهر ماي 2003 بتانزانيا دون أن يقدم للمحاكمة وبعدها حوّل الى سجن على مشارف كابول، مكث فيه سنة كاملة قبل أن يطلق سراحه ويعود الى الجزائر مرورا بتونس. وقد أكد سعيدي، 43 سنة، أنه تعرض خلال فترة اعتقاله الى أسوأ أنواع التعذيب، مشيرا في حديث لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن الزنزانة التي وضع فيها لا تليق حتى بالكلاب، كان يتعرض فيها تقريبا كل يوم للتعذيب من قبل جنود أمريكيين. ووصف كيف يضربه ويجلده الجنود تارة وكيف يلقون الماء البارد عليه وكيف يجبرونه على شرب المياه القذرة تارة أخرى. وأكد سعيدي أن معتقليه لم يخبروه عن سبب اعتقاله ولم يقدم للمحاكمة وكان سعيدي وقت اعتقاله يشتغل لحساب فرع لمؤسسة الحرمين الخيرية السعودية بتانزانيا وهي مؤسسة رسمية معروفة حتى في الولاياتالمتحدة. وقد اعتبرت منظمات حقوق الإنسان أن هذه الاعتقالات بمثابة اعتداء سافر ضد حقوق الإنسان، ليس له أي مبرر وإنما تكشف في الحقيقة عن سياسة عنصرية أمريكية ضد أشخاص مسلمين تحت غطاء محاربة الإرهاب. كمال منصاري