هم ثلاثة إخوة (أمينة، سارة وسفيان) عاشوا لأكثر من 20 سنة مجهولي الهوية وإلى يومنا هذا رغم عيشهم وسط عائلتهم الشرعية المتكونة من الأب بوڤطفاية بوداود والأم لبيض ثليجة، إضافة إلى الإخوة الثلاثة الآخرين محمد وزينب وعباسية، الذين كانوا محظوظين وسَلِموا من سهو وتهاون والديهما، ليضمنوا تسجيل أسمائهم في الدفتر العائلي. حالة خاصة صنعتها الظروف التي مرّت بها عائلة بوڤطفاية الرحّالة، التي كانت تتنقل من منطقة إلى أخرى بحثا عن الرزق، قبل أن يحط بها الرحال نهائيا ببلدية العمارنة بسيدي بلعباس، فلا الأب ولا الأم كانا يعلمان العواقب التي ستنجر عن سهوهما وتهاونهما، ليدفع ثمن ذلك أبناؤهم الأبرياء، أمينة، سارة وسفيان الذين عاشوا مجهولي الهوية لأكثر من 20 سنة، لأنه لا الوالد ولا الوالدة بادرا إلى تسجيل أسماء أبنائهم في سجلات الحالة المدنية، ليتركوهم يدخلون في صراع مع الذات، طرح في داخلهم العديد من التساؤلات، سببت لهم عقدة نفسية صعبة، كما حرمتهم حالتهم هاته من عدة حقوق دستورية، كان أهمها حرمانهم من الالتحاق بمقاعد الدراسة، كونهم لا يحملون أية وثيقة تثبت هويتهم. عكس إخوتهم الثلاثة الآخرين، محمد (28 سنة)، زينب (23 سنة) وعباسية (19سنة)، الذين حظوا بتسجيل أسمائهم ضمن سجلات الحالة المدنية. ومع مرور السنين وإحساس الوالدين بالذنب بسبب العذاب النفسي الذي أضحى يكبر مع كبر سن أبنائهم، حاولا تصليح غلطتهما وإثبات وجود أبنائهم، ولو أن ذلك جاء متأخرا، فكانت الخطوة الأولى عرضهم على الطبيب الشرعي، كونهما لا يعلمان سنة ميلاد كل واحد فيهم، ليقوم الطبيب بتحديد السن التقريبي لكل ابن، فكان السن التقريبي لأمينة (22 سنة)، سارة (20 سنة) وسفيان (14 سنة). أما الخطوة الثانية فتمثّلت في فتح محضر إثبات الوجود من طرف مصالح الدرك الوطني بعد الاستماع إلى الوالدين والشاهدين، وهي الخطوات التي أعادت الأمل في نفوس الأبناء الأبرياء من جديد، في انتظار استكمال الإجراءات القضائية التي بإمكانها أن تدمجهم في المجتمع من جديد وتحل العقدة النفسية التي طاردتهم لسنوات عديدة، جراء تهاون وجهل الأبوين لعواقب سهوهم. م. مراد