لن يتمكن الجزائريون عشية اليوم من مشاهدة مباراة المنتخب الوطني ونظيره الغامبي، إنها الحقيقة المرة التي أطلعتنا عليها مؤسسة التلفزيون مساء أمس في البيان المقتضب التي أصدرته عبر برقية لوكالة الأبناء الجزائرية، خبر غير عادي تماما هو الذي سيحرم 40 مليونا من متابعة مباراة منتخبهم، وبالتالي سيضطرون للعودة لمشاهد سنوات السبعينيات بمتابعة أطوار هذه المباراة عبر المحطات الإذاعية، طالما أن لا أحد اشترى لحد الساعة هذه الحقوق. وإذا كان بيان التلفزيون خال من لغة الأرقام ولم يشر ولو مرة واحدة للقيمة المالية التي اشترطتها الشركة المالكة للحقوق "سبور فايف " ، مكتفيا بالإعلان أن المبلغ كبير، إلا أن مصادر مطلعة من داخل مبنى "اليتيمة" أكدت للشروق أن المبلغ المذكور لا يتجاوز ال250 ألف دولار، أي أن مؤسسة التلفزيون الجزائري تتواجد في حالة مالية صعبة للغاية وهي العاجزة عن تسديد مثل هذا المبلغ المتواضع، لا سيما وأن الأمر يتعلق بمباراة كروية دولية سيكون المنتخب الوطني طرفا فيها، وعليه كان بمقدور المؤسسة الجزائرية التفاوض من موقع قوة بناء على عديد المعطيات التي تخدمها وتعيد لها الاعتبار لنفسها بعد ما كانت في المواعيد السابقة فقدت كل المصداقية، خصوصا حرمانها الجزائريين من متابعة مباريات دورة المغرب الأخيرة المؤهلة للألعاب الاولمبية ليضطروا لتحويل وجهتهم ومتابعة خرجات المنتخب الوطني عبر إحدى القنوات الأجنبية.
مسألة معارف، نيف ومصداقية وقالت مصادر قريبة من مبنى شارع الشهداء على صلة وطيدة بمثل هذه الصفقات أن عجز التلفزيون على ضمان حقوق البث ودفع المبلغ المطلوب من طرف الشركة المالكة لا صلة له بالمال، بقدر ما يتعلق بمفاوضات ومقترحات لو عرف مسؤولو اليتيمة كيف يستغلونها لكان بمقدورهم كسب المباراة بمبلغ أقل بهذا بكثير، وحتى العلاقات الشخصية والمصداقية لدى مختلف المتعاملين هامة جدا في مثل هذه المواقف الحرجة. وأشار مصدرنا أن خزينة التلفزيون دفعت مبالغ زهيدة وأقل من هذا بكثير مقابل مباريات أكثر أهمية، فكيف لمسؤولي القناة اليوم يوقفون المفاوضات ويستسلمون بمجرد أن اشترطت الشركة المالكة 250 ألف دولار، وعليه، فالشعب الجزائري الذي تعود على مشاهدة مباريات المنتخب والمواعيد الرياضية الكبرى في القنوات الأجنبية ،سيكتفي اليوم بالاستماع دون الصورة ولسان حاله يقول أن فرجة كرة القدم قد باتت في زمننا هذا حكرا على الأغنياء، ومن يدفع أكثر، بينما الفقراء فلا مكان لهم تماما في المشهد.
الجزيرة الرياضية الأقرب لشراء الحقوق وكشفت مصادر مطلعة للشروق أن شركة سبور فايف المالكة لحقوق البث دخلت مساء أمس في مفاوضات ماراطونية مع إدارة الجزيرة الرياضية من أجل إقناع هذه الأخيرة بشراء الحقوق مقابل ال250 ألف دولار، ومن المحتمل جدا أن تتم الصفقة، وقد يشاهد الجزائريون المواجهة عبر هذه القناة التي استطاعت في ظرف قصير أن تسقط "اليتيمة" من اهتمامات الجزائريين.
ملايير تصرف على التفاهات وأبسط هدية ممنوعة على الشعب وأمام حالة الغليان السائدة وسط الشعب الجزائري، فإن القناعة التي ترسخت في أذهان الجميع أن التلفزيون العاجز على تلبية مطلب بسيط للشعب الجزائري وهو الذي يعتقد انه أحسن التدبير، كثيرا ما صرف ولازال يصرف الملايير من اجل برامج تافهة لا أحد يشاهدها، ورغم ذلك يفرضها على المشاهد، وعليه يمكن القول ان عزوف الجزائريين على مشاهدة برامج اليتيمة له ما يبرره، وكم هم كثيرون من شطبوها كلية من اهتماماتهم.
"الرياضية المغربية" تنقل مباراة غامبيا والجزائر وتصفع "اليتيمة" ستنقل قناة "الرياضية المغربية" مباراة غامبيا والجزائر على المباشر، بداية من الساعة الخامسة والنصف من مساء اليوم، في صفعة أخرى للتلفزيون الجزائري، الذي كان قد أعلن، مساء أمس، فشله في شراء حقوق بث اللقاء من شركة "سبورت فايف" لأسباب مالية. وكشف رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة، بعد نهاية الحصة التدريبية للمنتخب الوطني، أمس، بملعب الاستقلال في بانجول، بأن قناة "الرياضية المغربية" ستنقل اللقاء على المباشر، وبإمكان الجميع مشاهدته على القناة المفتوحة، وقال روراوة الذي كان في قمة الغضب "الأمر مخز للغاية، هل من المعقول أن يشاهد الجزائريون مباراة منتخب بلادهم على قناة أخرى؟"، وشكك روراوة في مصداقية المفاوضات التي ادعى مسؤولو التلفزيون القيام بها مع شركة "سبورت فايف" مالكة حقوق البث قائلا: "الأمر تشوبه الكثير من التناقضات والشبهات، لقد طلبت الشركة مبلغ 250 ألف دولار، وخفضوا المبلغ إلى 200 ألف، وهو مبلغ معقول، لكن مسؤولي التلفزيون اعتبروه باهظا، هذا الأمر مثير للريبة، ولا أعتقد بأنهم تفاوضوا أصلا". وليست هي المرة الأولى التي يجبر فيها الجمهور الجزائري على مشاهدة مباريات "الخضر" على قنوات أخرى، سيما المغربية منها، فقد سبق أن شاهدوا لقاء تنزانيا في دار السلام في سبتمبر الماضي على قناة مغربية، وشاهدوا الدورة المؤهلة للألعاب الأولمبية على قنوات مغربية أيضا.