هز انفجار إجرامي عنيف في حدود الساعة العاشرة و42 دقيقة من صباح أمس الأربعاء، مبنى قصر الحكومة في قلب الجزائر العاصمة، سبب أضرارا بليغة بالمبنى، وخلف في حصيلة أولية 12 ضحايا وما يقارب 118 جريح، جلهم من أعوان الأمن الذين كانوا أمام مدخل المبنى يقومون بالمداومة ويسهرون على تأمين قصر الحكومة. وتضاربت الأنباء بشأن تواجد كل من رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم ووزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني، داخل قصر الحكومة أثناء الانفجار. فبينما أشارت مصادر إلى أن بلخادم كان بداخل المبنى رفقة الوزير زرهوني، قالت مصادر أخرى إن وزير الداخلية فقط كان بداخل المبنى وقت الانفجار. الاعتداء الانتحاري هز الجهة الشمالية لقصر الحكومة، ووقع بالتدقيق على مستوى الباب الرئيسي، وأحدث حفرة بعرض مترين، كما هدم جانبا معتبرا من المبنى واحدث شقوقا كبيرة في الجدران، وهشم زجاج النوافذ، في مشهد درامي يعبر بصدق عن قوة هذا الانفجار. وقد اختلفت الروايات حول الكيفية التي تم بها الاعتداء على مبنى قصر الحكومة، غير أن كل من شاهد الحادثة عن قرب، أكد أن الاعتداء كان انتحاريا، قامت بتنفيذه سيارتين كانتا محملتين بكميات معتبرة من المتفجرات، اقتحمتا المبنى رفقة من كان بداخلهما، يجهل لحد الساعة عددهم وهوياتهم. وحسب رواية أحد الأعوان، أوردها في مكان الحادث، بحضور المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي، رفقة من كان حاضرا من الصحفيين، فإن الاعتداء تم بواسطة سيارتين، الأولى من نوع "رونو كليو" خضراء، وشاحنة صغيرة لتوزيع المياه، قاما بلفتين حول مفترق الطرق المقابل للمدخل الرئيسي لقصر الحكومة، وفي اللفة الثانية انطلقت السيارة التي من نوع "رونو كليو" بقوة نحو المدخل الرئيسي، ما أدى بعناصر الشرطة التي كانت تسهر على تأمين المبنى إلى إطلاق النار عليها، الأمر الذي أدى إلى انفجارها نظرا للمتفجرات التي كانت محملة بها، في حين اقتحمت السيارة الثانية جانبا آخر من الجهة الشمالية للمبنى في نفس الوقت، محدثتان انفجار مروع وغير مسبوق. وكان انفجار السيارة الأولى هو الأعنف بالنظر إلى الحفرة التي سببتها، والتي بلغ قطرها ما يقارب المترين، وكذا بالنظر للأضرار التي ألحقتها بغرفة مركز الحرسة، التي تهدمت بالكامل على من كان فيها من أعوان الأمن وعناصر الحراسة، بل ووصلت شظايا السيارات المنفجرة إلى مبنى مطعم الموظفين. أما قوة الانفجار فقد نسفت زجاج المبنى بالكامل، بما فيه زجاج الجهة الجنوبية على الرغم من بعدها عن مكان الانفجار، في حين ذهبت روايات أخرى إلى القول بأن سيارة "الكليو" سرقت من قصر الحكومة منذ حوالي شهر من الآن. وتحولت السيارة التي هاجمت المدخل الرئيسي لقصر الحكومة، إلى كومة صغيرة متفحمة من الخردة، فيما لوحظت بقع من دم الضحايا على عدد من السيارات التي أصابها الانفجار، وأشلاء وقطع من ثياب اجرحى. وأحصت "الشروق اليومي" ست سيارات كانت مارة وقت الانفجار بعين المكان، لحقت بها أضرار متفاوتة، منها سيارة من نوع "رونو كليو" خضراء تفحمت بالكامل ولم يتبق منها غير الهيكل، كان يقودها عجوز في السبعين من عمره، نجا بأعجوبة، بحيث لم يصب إلا بجروح خفيفة على مستوى الرأس والوجه، في الوقت الذي التصقت قطعا نقدية كانت بحوزته، في بعضها البعض، في مشهد يعبر عن قوة الانفجار. وفي تصريح يعبر بصدق عن حالته النفسية قال هذا العجوز في تصريح للصحفيين، إن"الله قدر أن يبقى في عمري بقية"، وأضاف في حالة هستيرية، " ظننت أن الأمر كان يتعلق بقنبلة وضعت خلسة في خزان سيارتي، لكني اكتشفت بعد خروجي من السيارة أن الأمر لم يكن كذلك". وقال شهود عيان إن الانفجار يعتبر الأعنف من نوعه في الجزائر منذ الانهيار الأمني مطلع التسعينيات، بما في ذلك الذي طال مبنى أمن ولاية الجزائر في ديسمبر 1994. حيث امتدت قوته إلى مناطق تبعد عن مكان الحادث بما يقارب الألف متر. بحيث تهشم بسببه زجاج نوافذ فندق الاوراسي، وتضررت مباني المكتبة الوطنية والمقر الرئيسي للشركة الوطنية للكهرباء والغاز، وكل البنايات السكنية المحاذية لمكان الحادث. وفور حدوث الانفجار، هرعت مصالح الأمن والشرطة إلى عين المكان وقامت بغلق شارع الدكتور سعدان المار بالقرب من قصر الحكومة في وجه حركة السيارات، عند مفترق الطرق أمام المقر الرئيسي لشركة سونلغاز بشارع كريم بلقاسم شمالا، وعند النفق الجامعي بشارع باستور جنوبا، وعملت على إخلاء الشوارع المؤدية من وإلى قصر الحكومة بهدف تأمين الطريق لمصالح الحماية المدنية لنقل الجرحى إلى المراكز الاستشفائية، والذين أصيب معظمهم بزجاج النوافذ المهشم بفعل قوة الانفجار الانفجار. وكان أول من حضر مكان الاعتداء الإجرامي رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، مرفوقا بكل من وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني، والمدير العام للأمن الوطني العقيد على تونسي. ووصف عبد العزيز بلخادم في تصريح للصحفيين، الاعتداء الذي استهدف مبنى رئاسة الحكومة ب "العمل الاجرامي و الجبان". وقال إنه "لا يمكن أن يوصف هذا الاعتداء إلا بالجبن والغدر، في الوقت الذي يطالب فيه الشعب الجزائري بالمصالحة الوطنية"، فيما فضل إرجاء المزيد من التوضيحات عن حيثيات هذا الاعتداء قائلا : "نحن الآن بصدد وضع حصيلة أولية للضحايا من الجرحى والتكفل بنقلهم إلى المستشفيات". كما شهد مكان الحادث حضور بقية أعضاء الطاقم الحكومي، على غرار وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال بوجمعة هيشور، ووزير التشغيل والتضامن الوطني جمال ولد عباس، ووزير الشباب والرياضة يحيى قيدوم، والسياحة نور الدين موسى، والجنرال المتقاعد عباس غزيل ونواب ومترشحين للإنتخابات التشريعية المقبلة. محمد مسلم:[email protected]