يخوض ثلاثة مرشحين تروتسكيين ومرشحة شيوعية ومرشح عن دعاة العولمة البديلة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ما يجعل "اليسار المتطرف" الفرنسي فريدا من نوعه في أوروبا ولو ان نسبة المؤيدين لمرشحيه تبقى متدنية في استطلاعات الرأي. ويرى فيليب رينو الخبير السياسي والأستاذ في جامعة "باريس 3" انه بعد 17 عاما على سقوط جدار برلين، فان مواضيع اليسار المتطرف "تنسجم مع قسم كبير من التطلعات الوطنية" في بلد تشكل فيه "الريبة حيال الليبرالية احد أبز خصوصيات الحياة السياسية". وكتب الخبير في كتاب بعنوان "اليسار المتطرف التعددي" ان "حجم التصويت الاحتجاجي على الأحزاب الحاكمة" هو من العوامل التي تفسر هذه "الخصوصية الفرنسية, "ولفت دومينيك رينييه الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس إلى "علاقة فريدة في الثقافة الفرنسية مع الفكر الراديكالي والثوري"، مشيرا إلى ان "التواريخ الكبرى العظيمة في كتب التاريخ هي لحظات قيام انتفاضات" مثل ثورتي 1789 و1848. وفي ظل تردي أوضاع شريحة كبيرة من الفرنسيين، حصل المرشحون المعارضون لليبرالية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2002 حوالي 14% من الأصوات، فيما تأهل مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن للدورة الثانية ب86،16% من الأصوات. ويتمتع بعض المرشحين الحاليين عن اليسار المتطرف بشعبية واسعة تتخطى حدود ناخبيهم، وابرز نموذج على ذلك المرشحة عن "الكفاح العمالي" آرليت لاغييه (67 عاما) الموظفة في احد المصارف والمدافعة المتحمسة عن الشرائح الأكثر فقرا. غير ان مرشح اليسار الراديكالي الذي يحظى بأكبر حجم من التأييد يصل إلى 5% هو اوليفييه بوزانسونو من الرابطة الشيوعية الثورية وهو ساعي بريد شاب في الثانية والثلاثين من العمر مفعم بالحيوية وبارع في الجدل, والمرشحون الثلاثة الآخرون هم ماري جورج بوفيه (57 عاما) مرشحة الحزب الشيوعي الذي فقد الكثير من شعبيته وجيرار شيفاردي (56 عاما) عامل البناء غير المعروف تقريبا والمدعوم من حزب العمال والمزارع جوزيه بوفيه (53 عاما) من دعاة عولمة بديلة. وأوضح مدير معهد "سي اس آ" لاستطلاعات الرأي رولان كيرول ان "من أسباب هذا الضعف النسبي ان ذكرى انتخابات 2002 لا تزال ماثلة في الأذهان ولا يرغب احد في المجازفة بعدم إيصال أي حزب يساري إلى الدورة الثانية". حيث تفتت أصوات اليسار وهو ما مكن لوبن من إلحاق الهزيمة بالمرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان في الدورة الأولى من الانتخابات الماضية، ما أثار صدمة قوية في فرنسا. وإزاء هذا الخطر القائم، يؤكد اوليفييه بوزانسونو ان ترشحه لا يشكل خطرا على الاشتراكية سيغولين روايال بل "فرصة اكبر لانتصار اليسار، إنما اليسار الحقيقي" وليس "اليسار المتراخي". أف ب