انطلقت بمدينة فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم المتوسطي، بحضور جمهور غفير وفنانين ووفد رسمي يتقدمه والي عنابة محمد سليماني والأمين العام لوزارة الثقافة اسماعيل أولبصير والمحافظ سعيد ولد خليفة وسط غياب وزير القطاع عزالدين ميهوبي لأولّ مرّة منذ عودة المهرجان في 2015. وتميز حفل الافتتاح الذي جرى الأربعاء، بمسرح عنابة الجهوي "عزالدين مجوبي" بالبساطة، حيث أخذ الطابع الشعبي أكثر من الرسمي، بحضور جمهور غفير، سبقه احتفال فولكلوري خارج أسوار المسرح، بقلب ساحة الثورة، حيث قدمت خلاله رقصات وأهازيج وطلقات البارود تفاعل معها العنابيون بقوة. وسجل حفل الافتتاح غياب وزير القطاع عزالدين ميهوبي لأول مرّة منذ عودة المهرجان في طبعته الأولى عام 2015، حيث عوضه الأمين العام لوزارة الثقافة اسماعيل أولبصير الذي ألقى كلمة باسمه، في ظل حضور ممثلين وسينمائيين يتقدمهم حسان كشاش، حسان بن زراري، نادية طالبي وأخرون عرب وأجانب، إلى جانب محافظ مهرجان وهران للفيلم العربي ابراهيم صديقي ومراد شويح مدير المركز الوطني للسمعي البصري والسينما. وقال محافظ المهرجان سعيد ولد خليفة إنّ الدورة الثالثة تخلد الراحل عمر شطايبي، ابن مدينة عنابة، وتشجع المواهب الشابة. وأضاف: "الدورة الأولى كانت ناجحة، والثانية متوسطة وتعلمنا فيها من أخطائنا، والثالثة ترفع طموحات كبيرة لكونها تقام بطاقات محلية هم من سيحملون الشعلة مستقبلا". وأشار ولد خليفة أنّ الدورة الثالثة تقدّم أفلاما صنعها شباب من عنابة لأول مرّة والمدينة تستحق هذا الحدث". من جهته أكدّ الأمين العام لوزارة الثقافة اسماعيل أولبصير أنّ "مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي حدث مهم يجسد سياسة الفعل الثقافي وتكريس الإبداع الفني في الفضاء المتوسطي". وأشار أولبصير أنّه بالرغم من تقليص الميزانية حرصت الوزارة على مرافقة هذا المهرجان في محافظة أنجبت مبدعين كبار منهم من أسس لهذا الحدث من خلال "أيام عنابة السينمائية" في السنوات الماضية. ولفت أنّ وقوف الوزارة يعد ترجمة لمسيرة السينما الجزائرية والترويج للأفلام وإثراء المشهد السينمائي. وقال المتحدث: "رغم تقليص الموارد إلا أنّ الوزارة أبقت على ثلاثة مهرجانات سينمائية وهي وهران للفيلم العربي، مهرجان الجزائر الدولي للسينما ومهرجان عنابة للفيلم المتوسطي". وأردف: "مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي يقدّم بعدا ثقافيا وحضاريا واقتصاديا وسياحيا من خلال برنامجه وضيوفه المشاركين من كل البلدان". ودعا في السياق رجال الأعمال والجمعيات والإدارات المحلية لبقاء مثل هذه المهرجانات في الساحة وتحقيق تنمية اقتصادية وثقافية. وبدوره، أوضح والي عنابة محمد سليماني "أنّ مهرجان عنابة موعد مهم يسهم في خلق حركية ثقافية وفنية واقتصادية ويجعل من عنابة قبلة سياحية وسينمائية". وأكدّ أنّ المهرجان ينتظره الفنانون والسينمائيون الجزائريون والعرب والأجانب بشغف كبير، وإنتاج الأفلام يؤكد عودة السينما بقوة إلى بلادنا. وعرض في الافتتاح فيلم "عائلة سورية" للمخرج البلجيكي فليب فانو لو الذي يتناول فيه ما تعيشه سوريا حاليا من حرب ودمار من خلال قصة أسرة تسكن شقة بإحدى العمارات وتحاول أن تتأقلم مع القصف اليومي وصوت الرصاص والتفجيرات ولم تفضل مغادرة الوطن بل اختارت الصبر والمواجهة على أمل انتهاء الحرب. ويشار أنّ المهرجان يكرم التونسي الطيب لوحيشي والمخرج الجزائري يوسف بوشوشي والممثلين حسان بن زراري ونادية طالبي، ويعرض 34 فيلما منها 20 فيلما روائيا ووثائقيا و14 فيلما قصيرا داخل المنافسة الرسمية للتنافس على جائزة "العناب الذهبي" في الفئات الثلاث. وتقدّم بلجيكا ضيف شرف الدورة الثالثة 6 أفلام منها "أصوات عالية"، "أنا ميت لكن لدي أصدقاء": "عائلة سورية" و"هذا كل شيء بالنسبة لي". سعيد ولد خليفة محافظ "عنابة للفيلم المتوسطي" ل"الشروق": "فشلنا أو نجاحنا لا نبرره بتقليص الوزارة لميزانية المهرجان" أكدّ محافظ مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي سعيد ولد خليفة أنّ تقليص ميزانية المهرجان في طبعته الثالثة لم يؤثر على الفعاليات والمشاركة على مستوى الضيوف والأفلام، ونفى أن الفشل أو النجاح مرتبط بها بل حسبه الفشل أو النجاح مرتبط بالجمهور وما يقدمه المهرجان من تميز على جميع الأصعدة. وقال ولد خليفة في تصريح ل"الشروق" على هامش افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي الأربعاء، بمسرح عزالدين مجوبي إن تخفيض ميزانية المهرجان من قبل وزارة الثقافة لم يؤثر على الفعالية في دورتها الثالثة، وأضاف ولد خليفة أنّ الثقافة تحتاج أولا إلى الالتزام لكونها حق المواطن ومطلبه، وهي مبدأ مكرس وليس لها ثمن، كما أنّ أسهل شيء هو الثقافة. وأردف المتحدث أنّ ما يهم هو المرافقة المعنوية للدولة للمهرجان وليس المادية فقط، وتقليص ميزانية المهرجان ليس مبررا للحديث عن فشل أو نجاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي. وأوضح ولد خليفة على خلفية حديث الأمين العام لوزارة الثقافة اسماعيل أولبصير حول تقليص ميزانية المهرجان بقوله: "إذا فشلنا أو نجحنا لا نبرر ذلك بالميزانية، ولكن النجاح يكون بحضور الجمهور والإعلام والأفلام المهمة التي تقدم طوال الفعالية". ولم يخف في السياق ولد خليفة تفاجئه بالحضور الغفير الذي توافد على مسرح عزالدين مجوبي في حفل الافتتاح لمشاهدة فيلم المخرج البلجيكي "عائلة سورية"، وعبرّ عن ذلك: "الجمهور حضر بقوة وتفاعل مع "عائلة سورية" لفليب فان لو، والفيلم نوعي وحاصل على 17 جائزة دولية أنجزه بلجيكي باللغة العربية عن وضع بلد عربي، وهذا ما يستحقه الجمهور العنّابي والجزائري بصورة عامة. وأشار المتحدث أنّ المهرجان يلتفت للوطن العربي بعرض ما تعيشه الشعوب العربية، خاصة إذا قدم ذلك في أفلام متميزة وكبيرة تسمح بنقل معاناة بعض البلدان العربية إلى العالم مثلما جسده فيلم "عائلة سورية". وعن جديد الدورة الثالثة وغياب بعض البلدان، أوضح ولد خليفة أنّ المهرجان في طبعته ال3 فتح نافذة متوسطية على العالم، تتيح الفرصة للمشاهد ليشاهد أفلاما خارج الحوض المتوسطي، ومثال ذلك عرض فيلم من الفليبين وأخر عن الروهينغا لمخرج فرنسي. وأرجع في السياق غياب بعض البلدان المتوسطية عن الدورة الثالثة إلى تلقي أفلام ضعيفة لأنّ المهرجان يركز على الأفلام الجيدة والعبرة ليست بالكم ولكن بالكيف، فضلا عن تعثر المفاوضات بشأن أفلام أخرى منها فيلم لبناني، وذلك بسبب الجهة المالكة للفيلم، وقال: "قدمت لنا أفلام ونحن نختار الجودة وليس الكم، وأموال المهرجان من المال العام، وهو حق المواطن ولا يجب العبث به، وبالتالي من حق المواطن أن يشاهد أفلاما جيدة، وبالنسبة للفيلم اللبناني، كان مبرمجا ولكن المفاوضات توقفت في أخر دقيقة بسبب الجهة المنتجة له".