عبد الناصر يخطئ من يظن أن أمريكا مازالت "تتحرّش" بالدول والشعوب العربية والإسلامية، كما كانت تفعل عندما كان معظمها ينام بين أحضان الغول البريجنيفي الأحمر، فالأمر تغيّر الآن وزمن التحرّش ولّى للأبد، أمريكا الآن دخلت بيوتنا ومطابخنا وحماماتنا وحتى غرف نومنا، والأدهى والأمرّ أننا أصبحنا نُغلّق الأبواب عليها ونقول لها... هيت لك... ونهمّ بها وهيهات أن تهمّ بنا أو تستبق الباب فنقدّ قميصها من دبر، وما وقع نهار أمس، من إشعار أمريكي لرعاياها بالجزائر عن تفجيرات في مكان معيّن أقرب إلى توجيه للإرهابيين أو قيادة "بالتيلي كوموند" دون احترام لشعب تذوق الأربعاء الماضي، خبز "القاعدة" الأسود الذي عجنته وخبزته مطابخ السياسات الأمريكية وأكله غيرها إلى حد التخمة. نكاد نجزم الآن أنه لولا هذه الدول والشعوب العربية "الغارقة" في "النار" وفي الفتن لما وجدت المواقع الإلكترونية والفضائيات والصحف الأمريكية ما تقدمه لمتابعيها، فقد تحوّلنا فعلا إلى توابل الطبخ الإعلامية.. وللأسف، فإن هذه التوابل مكونة من فلافل سوداء وحمراء تحرق أفئدتنا جميعا.. وإطلالة سريعة على العناوين الأولى لأية صحيفة أمريكية أو الأشرطة المتحركة والأخبار العاجلة التي تتهاطل على الفضائيات تبيّن جميعا بأن النار تسكن الجسد العربي الإسلامي من تفجيرات دامية في الدارالبيضاء والجزائر وقتلى في هلمند وكابول وقندهار وإبادة في مقاديشو وبعثرة مقنّنة لخارطة بغداد، وفي الجهة المقابلة ينعم حلفاء أمريكا حضاريا، فتخترع بريطانيا طائرة صامتة، وتقضي سويسرا على سرطان البروستاتة وتستعد الهند لإرسال مركبة فضائية إلى المريخ. والخلاصة أن أمريكا وحُلفائها من غير المسلمين يحصدون جوائز نوبل في مختلف العلوم ونحن نحصد ما اخترعه نوبل من "ديناميت". أمريكا التي زرعت "الحشيشة" التي تسميها الإرهاب في أفغانستان، عادت بعد ذلك لتقتلعها وتقتلع معها الأمان في بلد جمال الدين الأفغاني، فلا هي اكتفت ولا أفغانستان استراحت من النار، أمريكا التي نفخت الرئيس العراقي المشنوق بالنصائح والعتاد لأجل مقارعة جيرانه، عادت لتسميه إرهابيا، فاجتثت الرجل وذرية هارون الرشيد، وما اكتفت بذلك، ولا العراق استراح من النار، أمريكا التي خربشت في القرن الإفريقي، فاستنسخت أبرهة وفيلته عادت لتبديد جذور بلال الحبشي، فلا هي اكتفت ولا استراحت السودان والصومال.. ما نخشاه الآن أن أمريكا التي تتحدث عن الإرهاب في المغرب والجزائر، ستحاول إزالته من الوجود ولن تكتفي حتى تبيد أحفاد عبد الكريم الخطابي وعبد الحميد بن باديس وحينها فقط.. لن نستريح أبدا..