جردت الحكومة ولاّة الجمهورية من صلاحية اقتطاع الأراضي الفلاحية، لإقامة مشاريع السكن والتجهيزات العمومية، كما أن استغلال تلك الأراضي في المشاريع ذات الصبغة العمومية صار يتطلب "صدور مرسوم تنفيذي في مجلس الوزراء". أبلغت المديرية العامة للأملاك الوطنية، مديري أملاك الدولة على المستوى الولائي ومديري الحفظ العقاري والمفتشين الجهويين لأملاك الدولة والحفظ العقاري، أنه يحظر على ولاة الجمهورية، اقتطاع الأراضي الفلاحية في أشغال تتعلق ببناء السكن والتجهيزات العمومية. ونبهت مراسلة للمدير العام للأملاك الوطني، تحوز الشروق نسخة منها، موضوعها "اقتطاع الأراضي الفلاحية لتجسيد مشاريع السكن والتجهيزات العمومية"، إلى الإجراءات المتخذة مؤخرا لحماية الأراضي الفلاحية، خاصة الأراضي الخصبة والخصبة جدا والمستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية، ومن ذلك حظر اللجوء إلى اقتطاع وإلغاء تصنيف الأراضي الخصبة جدا أو الخصبة، كما أكدت التعليمة كذلك أن اتخاذ أي قرار استثنائي يستهدف أراضي هذه المستثمرات يجب أن يتم بالموافقة المسبقة على مستوى اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بملف الأراضي الفلاحية، بناء على تقرير بعثة قطاعية مشتركة للتقييم، وتنشأ تحت إشراف وزير الفلاحة. وعن كيفية اقتطاع أراض فلاحية من الأملاك الخاصة التابعة للدولة، في إشارة إلى الأراضي الخصبة والخصبة جدا والمستثمرات، فيتم ذلك عبر تنقل ميداني من لجنة ولائية قطاعية مشتركة تتكون من مديري الإدارات المعنية ومصالح الوزارة المكلفة بالفلاحة ويترأسها الوالي شخصيا، حيث تقوم بإعداد تقرير مفصل عن نوعية الأرضية المعنية بالاقتطاع، يوقعه الوالي تحت مسؤوليته القانونية، وفي مرحلة ثانية يرفع التقرير إلى اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة باقتطاع الأراضي الفلاحية للمداولة واتخاذ القرار المناسب بشأنها، كما لن يكون رأي اللجنة نافذا، تشير التعليمة، حتى يصدر بشأنها مرسوم تنفيذي من مجلس الوزراء، وأقرّت التعليمة كذلك أنه يحظر على الولاة كل إجراء آخر لاقتطاع الأراضي الفلاحية. وقد ذكرت مديرية الأملاك الوطنية في مراسلتها بتعليمات الوزير الأول الموجهة للقطاعات المعنية بإنجاز المشاريع العمومية، والتي تلزمها بأن تأخذ في الحسبان مستقبلا الضرورة الملحة لحماية الأراضي الفلاحية، نتيجة تأثرها الشديد خلال السنوات الأخيرة جراء تنفيذ المشاريع العمومية الكبرى، حيث شدد على تقبّل المسؤولين إقامتها فوق الأوعية العقارية المتوفرة في إطار الالتزام بمحتوى التعليمة. وجاء في ختام المراسلة أنّ المدير العام للأملاك الوطنية يولي أهمية قصوى للتطبيق الصارم لما ورد فيها من تعليمات. ونشير أن استغلال المساحات الفلاحية غير المستغلة قد شكل محلّ تنازع سياسي بين بعض القطاعات الحكومية وعلى رأسها وزارتا السكن والصناعة، حيث يشتكي كل طرف من نقص الأوعية العقارية لتنفيذ البرامج القطاعية، ما دفع وزير السكن الأسبق مثلا عبد المجيد تبون إلى أمر مديرياته التنفيذية باستغلال الأراضي الفلاحية الضعيفة المردودية، حسب تعبير مراسلة بعثها حينها لهياكله الولائية، قبل أن يحتج الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين ويطالب الحكومة بحماية الأراضي الفلاحية، حيث لجأ الوزير الأول أحمد أويحيى في وقت لاحق، بعد أن خلف تبون نفسه في قصر الدكتور سعدان، لتوجيه تعليمة جديدة تؤكد على منع استعمال الأراضي الفلاحية لإنجاز المشاريع العمومية، خاصّة أن دستور 2016 قد أكد على ذلك.