بيعت إحدى لوحاته ب23 ألف دولار، وأخرى ب10 آلاف و600 دولار، عرض أعماله بأمريكا وفرنسا وبريطانيا ودبي، والدوحة، وغيرها، عضو لجنة الفرز بينالي الشارقة الدولي للخط ومحافظ ملتقى للفنانين العرب في الدوحة 2018، سيكون حاضرا نهاية الشهر الجاري بلبنان في مهرجان "بعلبك" للفنون، إنّه التشكيلي الجزائري حمزة بونوة، نزل ضيفا على "الشروق" وكان معه هذا الحوار. ما هي آخر مشاريعك؟ قدمت مؤخرا أعمالي في معرض الشارقة للفنون، بمناسبة افتتاح بينالي الخط العالمي، وآخر مشاركة كانت في متحف العالم العربي بباريس، بدعوة مباشرة من السيد جاكلوند، شاركت في تصميم جدارية فنية رفقة 240 فنان عربي، احتفالا بمرور 30 سنة على افتتاح المعهد. وستفتتح شهر ديسمبر القادم. من مدرسة "الفنون الجميلة" إلى العالمية ما سرّ نجاحك؟ درست ب"الفنون الجميلة" وأفتخر بذلك، لأنني نتاج جزائري، وقبل التخرج سافرت والكثير لا يعرفون كيف نجحت، فأول سفرية كانت المشاركة في كرنفال ريو دي جانيرو بالبرازيل ومكثت 6 أشهر، حيث اشتغلت وقتها في أعمالي على الأقنعة الإفريقية، وعمري وقتها 21 سنة، فبعدها مباشرة غادرت إلى كندا وبقيت سنة بها، ثم رجعت إلى الجزائر، ثم بيروت وبقيت فترة طويلة، لذلك ليس هناك سر بل هناك عمل واستراتيجية. هل الفنانون الجزائريون في الداخل يمتلكون هذه الرؤية؟ مشكلة الفنانين داخل الوطن (المحلي) ولا أحد منهم ناشط خارجيا ومعروف دوليا، والمقصود منها أن يكون حاضرا ويكون مرجعا وله قيمة فنية وموجود في أهم معارض الفن وفي القاعات المهمة، وتكون أعماله بيعت في مزادات مهمة، لذلك أعتقد أنّه لا يوجد فنان لديه سمعة دولية، إلاّ الفرانكوجزائريين وفيهم قرابة 10 أسماء مهمة، والسبب برأيي هو قلّة الاحترافية لديهم واعتمادهم الكلي على وزارة الثقافة، ووجب أن يعتمدوا على أنفسهم والخروج من هذا الجو لأنّه جو غير صحي، وهذا يجعله متخّلّفا تماما مقارنة ببعض فناني المنطقة المغاربية. على ذكر معادلة الحضور والغياب للفنانين (المحليين) في الخارج، كيف تتعامل الوزارة في إشراككم ككفاءات في الفعل الثقافي والتظاهرات الكبرى؟ أحترم مسوؤلي وزارة الثقافة الحاليين أو الذين مرّوا عليها، وكثيرا ما طلبوا مشورتي لوجودي في لجان تنظيم مهرجانات فنية كبيرة، لكن أحيانا أستغرب. وكنكتة، قبل شهرين طلبت مني الوزارة خلال "سوق الفن" إلقاء محاضرة حول سوق الفن في العالم ونجاح بعض الدول في المجال، وتفاجأت بردهم لمّا طلبت منهم مقابلا ماديا قدره 30 مليون سنتيم نظير أتعابي وجهدي وأفكاري، وكنت سأقدم كل ما خبرته من تجاربي، لكن للأسف قابلوني بجفاء: "لسنا معتادين على دفع مبالغ لمن يقدم محاضرات؟ فاستغربت.. يتحدثون عن سوق الفن ولا يدفعون للفنان مقابل عمل يقدمه؟ فأنا أحترم عملي ومن حقي المطالبة بملغ مالي، ولكن ألبي دعوات بلادي في أي وقت ووجدت أنني أخدمها في الخارج أحسن. ماذا يجب لإعادة ترتيب البيت من جديد في قطاع الثقافة والفن؟ وجب مقارنة أنفسنا بدول مجاورة، كتونس والمغرب، والفعل الثقافي بهذين البلدين نشيط جدا، وحسب خبرتي في تونس 90 بالمائة من النشاطات لا تنظمها وزارة الثقافة، وفي المغرب لديهم بينالي الدار البيضاء أسسه مصطفى رملي لا علاقة له بالوزارة، ولديهم "بينالي مراكش للفنون"، ومزاد علني لبيع الأعمال الفنية بمراكش لا دخل لوزارة الثقافة فيه، أو في الإمارات، صحيح هناك مؤسسات حكومية، لكن الذي يسوّق العمل الجاد هو مؤسسات خاصة من المجتمع، وفي الجزائر وجب على وزارة الثقافة أن تترك قليلا المساحة للناس لكي تقوم بالفعل الثقافي ولا تحتكر كل شيء، من صلاحياتها المراقبة والمتابعة والإشراف وكل الأمور الإدارية مراعاة لسياسة الدولة، لأنّ الفعل الثقافي والفني الحقيقي يجب أن يبنى وفق رؤية واستراتيجية بعيدة المدى. هل تعتقد أنّ وزارة الثقافة أخطأت في تنظيم تظاهرة "سوق الفن لغياب رؤية في هذا المجال؟ الوزارة أقحمت نفسها في مشروع هي في غنى عنه، لأنّ سوق الفن لا تنظمه الوزارة، كما لا يوجد مصطلح "خلق سوق الفن"، لا توجد دولة في العالم فعلت ذلك، ولكن هذه السوق تنشأ بطريقة آلية ومنطقية وترتبط بالمجتمع وثقافته وبالتربية.. إلخ، أضف إلى ذلك، أنني لاحظت عند حضوري افتتاح هذا الحدث، تسعير اللوحات، هو إساءة إلى اللوحة كقيمة فنية وإلى الفنان نفسه، فما الفرق إذن بين حذاء مكتوب عليه السعر ولوحة فنية عليها سعر؟ وتحدّثوا عن قيمة الفنانين سوقيا، فالفنانون الموجودين داخل البلاد ليس لهم قيمة في السوق، فالقيمة السوقية لا يحددها الفنان بل مرتبطة بقيمته دوليا ومدى عرض أعماله ومقتنياته في المتاحف الدولية وما هي المزادات التي رفعت القيمة السوقية لهذا الفنان؟ عندها تصبح قيمة أعماله مُسقفة. سعر أعمالك في سوق الفنون التشكيلية مقترن بسمعتك العالمية أم بقيمتها؟ بالاثنتين معا، القيمة السوقية للفنان تتطور بتطوره وأفكاره، وحضوري في الفضاءات المهمة في العالم ينعكس على قيمتي السوقية، ونضج أفكاري وإبداعي وأسلوب إنجازي لها يسهم في الموضوع، لذلك الفن هو ميدان لا يعتمد فقط على القدرات بل على الإنجاز وتدخل فيه الإيديولوجية والسياسة، ومدى تكيّف الفنان في مستوى دولي معروف، ويقوم هذا على الذكاء والاستراتيجية، كما لا يعتمد فقط على ريع الوزارة. ما هي المواضيع التي تشتغل عليها في لوحاتك؟ قبل سنوات اشتغلت على الحرف العربي، وبعدها طوّرته، ونزعت منه المعنى، حيث رسمته بطريقة أذهلت الناس، عالمية، فالحرف شكل مقروء، لكن أخذته ونزعت منه المعنى وأدخلته في شكل عالمي، فحيث يعرض يفهم، لأنّ قراءته تكون بصرية وليست لغوية، كما أنني أستعمل تقنيات غريبة وقوية، وفي السنوات الأخيرة أميل إلى الأشياء المفاهيمية القائمة على السياسة التي أحب الخوض فيها، والفنان المعاصر يواكب الراهن، فمثلا اقتنعت بأنني وصلت إلى نقطة، أنّه يجب أن يكون لي تأثير قوي وحضور قوي، فمشروعي إذن لوحة عن التعايش من منطلق الشعار الذي اقترحته الجزائر وتبنته الأممالمتحدة، وسأهديه إلى الدولة الجزائرية التي بدورها يمكن أن تهديه إلى الأممالمتحدة. ذكرت أنّك التقيت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الكويت ماذا دار بينكما؟ الرئيس بوتفليقة ذواق جدا للفن، ويتكلم بمستوى وثقافة كبيرين جدا في الأعمال الفنية، لكن هناك من لا يعرف أنّ بوتفليقة يوم كان وزيرا للخارجية تحمّل شق الملف الثقافي الذي تركته فرنسا في الجزائر، وكان ملفا ثقيلا على عبء الدولة، وكان يجب معالجته، لذلك بوتفليقة كان لديه ملف كاملا حول متحف الفنون الجميلة والأعمال الفنية التي تركها الفرنسيون. والتقيته بالكويت سنة 2008. هل هناك فضاء تود عرض أعمالك فيه ولا يزال حلما؟ طبعا، هناك قاعات مهمة في نيويورك وباريس وبريطانيا، صحيح عرضت بها أعمالي، لكن هناك درجات أيضا، وأمنيتي الوصول إلى بعض المتاحف ك"الغوغنهايم" أو "اللوفر" أو "الموما" بنيويورك، متحف يستثمر في الفنانين الأعلى مستوى عالميا. وأيضا المزادات الكبرى تساعدني في تسقيف أعمالي.