سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أياد خفية تريد تغريب التشكيل الجزائري ويجب الاقتداء بتجربة الإمارات بن عبد الرحمان فاروق أولّ عربي يدخل موسوعة الفنون التشكيلية العالمية يكشف ل"الشروق":
فنان تشكيلي وصحفي ناقد درس الفنون التشكيلية في مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة، حاصل على شهادة ماجستير في الفنون التشكيلية، توج 20 سنة خبرة بعديد المعارض بالداخل والخارج وعدّة جوائز وطنية ودولية، إنّه التشكيلي بن عبد الرحمان فاروق الذي زار "الشروق" وكان له معها هذا الحوار عن الفن التشكيلي في الجزائر وهواجسه ومن يتحكم فيه؟ دخول عالم الفن التشكيلي كيف كانت بداياته؟ الفنان التشكيلي تعتريه صعوبات في بداية الطريق كأيّ فنان فيما يتعلق بقاعات العرض والمادة الأولية، ولكن كلها تبني وتجعل منه ميزة، ففي البداية على الفنان تذوّق كل المدارس وفي أخر المطاف حينما يدخل الاحترافية يختار البصمة والحركة التي ينحاز إليها سواء الانطباعية أو الواقعية أو التجريدية، وعن نفسي شرعت في رسم الطبيعة ثم ولجت الرسومات الانطباعية والتجريدي، وأعالج في لوحاتي قضايا نفسانية وثقافية وسياسية وحتى الأمراض كالاكتئاب والذعر والخوف . كيف ترى واقع الفن التشكيلي في الجزائر؟ شهد هذا اللون عدة مراحل من الغموض والنمو، من خلال ما قبل الاستقلال أي في فترة الاستعمار، أين كانت تسيطر المدرسة الغربية على كل ما هو تقليدي ومصيري للوحدة الجزائرية، ولا تزال هذه المدارس لها أياد تعمل في الخفاء من أجل محو الجودة الجزائرية في الفن التشكيلي . كيف ذلك؟ أغلب مدارس الفنون في الجزائر تعطي أهمية أكبر وأكثر للفن التجريدي وكلّ ما له علاقة بالواقعية والانطباعية لا يجد مجالا أمام الحركة التجريدية، والمعروف أنّ الكتاب الشهير "تاريخ الفنون" صودر من طرف الغرب، كما أنّ كل الأفكار والنظريات أتت من الغرب، ولا تزال هذه التبعية تلاحقنا إلى اليوم، يعني هناك نوع من الاستعمار الفكري للفن التشكيلي في الجزائر، فأي فنان جزائري لا يقوم بتقديم أعمال عن الواقعية والطبيعة والهندسة التقليدية الجزائرية، إلا وتشوبها أفكار تجريدية؟، وهذا لا يعني أنّني ضد العصرنة والمعاصرة، لأنّ الفنون المعاصرة لها ميزة خاصة في تاريخ الفن وامتداد للحركات ومدارس الفن، ولكن أنا مع الفكرة التي تجمع التقليدي مع العصرنة، أمّا المدارس الغربية فتطالب بكلّ ما هو معاصر، ولكن يجب الحفاظ على الروح الجزائرية والعربية والإسلامية للفن التشكيلي في بلادنا. هل الفنان التشكيلي الجزائري واع بخطر التغريب هويته وثقافته؟ هو رأي الخاص، لكن يجب على الفنان الجزائري الذي يعدّ سفيرا لبلاده وممثلا لأمته أن يحافظ على الأصالة كي يزرع هذه الأفكار ويبرزها في الخارج، وبالمناسبة أعلم أنّ جلّ المستشرقين الذين عاشوا في الجزائر اهتموا بكل ما هو تقليدي وبالطبيعة الجزائرية على غرار إيتيان ديني وبريدمان وغيرهم، وهم ينتمون إلى المدرسة الواقعية، إذ كانوا يعملون بألوان مناخية "أتموسفيريك"، لكن ما أريد قوله أنّه توجد أياد خفية فاعلة في الجانب الفني تعمل لمحو الجودة الجزائرية من خلال التركيز على التجريد والمعاصرة، وهو ما أعتبره نوعا من التبعية. كيف تقرأ فترة عمالقة التشكيل الجزائري ومقاومتها للتغريب؟ تنطلق من خلفية أنّه عندما يطرح شخص بسيط سؤال ما رأيك في التشكيل الجزائري، فمباشرة يذهب ذهن متلقي السؤال إلى فترة إسياخم ومحمد راسيم وعلي خوجة، هذا صحيح، فهؤلاء عمالقة تركوا بصمات خالدة في هذا الفن، ولكن هناك فنانين الآن لهم لمسة خاصة على مستوى الاحترافية والمقاييس العالمية، يقبعون وتقبع أعمالهم في الظلّ ولا تذكر أسماءهم في الكتب، وهم جزائريون ومستشرقون عاشوا في الجزائر. ما هو المشكل الحقيقي الذي يعيشه الفنان التشكيلي؟ التبعية للمدارس الغربية، يجب التخلص منها وإعطاء طابع أصيل جزائري، عربي وإسلامي للوحات الفنية مع لمسة عصرية دون الخروج عن التقليدية، كما يجب على الفنانين التوحد ليكونوا قوة ضاربة وفعالة، فذات يوم طرح عليّ سؤال: هل توجد سوق للفنون التشكيلية في الجزائر فأجبت بنعم؟. سوق الفنون التشكيلية موجودة، لكن كيف وضعها؟ تتحكم فيها "المافيا" رغم أنّ الأمر يبدو غريبا، لكن حقيقة، وبالتالي تعكرّ جو العمل التشكيلي في بلادنا وبالأحرى تدار من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالفن، وتحكمهم يأتي من سلطة المال لأنّ الفنان التشكيلي يجد ضالته في قاعات المعارض فقط ببيع لوحاته، لأنّه يحتاج ماديا، وهذا ما يجعله يبيع اللوحة بأي ثمن للتحرر من الفقر، وهنا استغل الدخلاء الأمر وسيطروا على سوق الفنون التشكيلية. ولوقف كلّ هذا وجب الاهتمام بالفنان ماديا ومعنويا وتوفير له مختلف الإمكانيات، وللإعلام دور مهم في إيصال صوته إلى السلطات المعنية التي يجب أن تعطي أهمية أكبر للفن والرسم التشكيلي اقتداء ببعض الدول العربية، منها الإمارات التي أدركت أنّ الفنون كريمة للحياة العصرية، فشيدّت أكبر معهد للفنون التشكيلية المعاصرة، واشترت اسم متحف "لوفر" باريس وافتتحته بنفس التسمية التي كلفتها الملايير، وذلك لجذب الجمهور ورواد التشكيل في العالم، فضلا على العمل بقانون متحف "اللوفر" بفرنسا، أي بمعنى أنّ أي فنان حينما يعرض ب"لوفر" الإمارات" وكأنه عرض ب"لوفر" باريس. لذلك عرفت الإمارات كيف تلعب على أوتار السياحة والجانب الصناعي والفن، وفي السياق يسرني أنّه صدر قرار وزاري مؤخرا، لإقامة سوق الفنون التشكيلية في الجزائر، ستدوم من شهرين إلى ثلاثة أشهر في السنة، وستفتح الباب للفنانين لعرض إبداعاتهم وبيعها عن طريق المزاد العلني، ومن جهة أخرى بلورة الفكر الفني وتتيح تبادل الخبرات وغيرها من الأمور الإيجابية. لتحقيق هذه الأحلام والأهداف معا ماذا يجب فعله؟ للإعلام دور كبير في بلورة الفكر الثقافي والفني بأشكاله المختلفة، والإعلام كذلك عليه أن ينقل نداء الفنانين إلى السلطة الأولى التي تسير وتدير البلد وتحتها سلطة الرأي العام، فالفن التشكيلي في القرون الوسطى كان أقرب إلى السلطة وكان صوتها مرآة المجتمع. ما هي مشاريعك؟ بالمناسبة أنا أولّ فنان تشكيلي جزائري يدخل موسوعة الفنون التشكيلية العالمية المعاصرة، وأتواجد في ثلاث طبعات لثلاثة قواميس أصدرها منصور عبروس المختص في علم الاجتماع ومهتم بقضايا التشكيل، والأولّ الذي يتعامل بمناجير منذ تاريخ هذا الفن في الجزائر، لذلك أنا بصدد إعداد أجندة مع مناجيري سمير بداك، كي أنتقل في جولة لعرض لوحاتي وتقدر ب20 لوحة زيتية وأنفوغرافية، تبدأ من ثلاثة معارض وطنية بأروقة "عسلة حسين"، "عائشة حداد"،" المركز الثقافي الفرنسي بوهران"، وفي نهاية جانفي أتنقل إلى الدار البيضاء المغربية، ثم إلى أبوظبي وفي منتصف فيفري سأعرض أعمالي بباريس في صالون "دو بروفانس".