أقرت الحكومة مجددا زيادة في الميزانية السنوية المخصصة للتحويلات الاجتماعية، وذلك بنسبة لم تصل 1 بالمائة، وتحديدا بنسبة 0,7 بالمائة، مقارنة بالغلاف المالي الذي أقرته السنة الماضية، حيث قدرت الحكومة حاجتها لتغطية التحويلات الاجتماعية، ضمن المشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2019 ب1772 مليار دينار ما يمثل 8,2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في وقت كان الجهاز التنفيذي قد خصص ما قيمته 1.760 مليار لشراء السلم الاجتماعي السنة الماضية. أوفت الحكومة بوعدها المتعلق بعدم المساس بسياسة الدعم السنة المقبلة، وعلى نقيض مقاربات الانتقائية التي شكلت جوهر خطاب الحكومة والعديد من المسؤولين، فضل الجهاز التنفيذي مواصلة سياسة الدعم أو ما يعرف ب"السوسيال" بنفس نهج السنوات الماضية، حيث كشفت الوثيقة الأولية لمشروع قانون المالية لسنة 2019، اطلعت عليها الشروق رصد 1772 مليار دينار كغلاف مالي لإجمالي التحويلات الاجتماعية، أي 177200 مليار سنتيم وهو ما يعادل 17 مليار دولار، وككل سنة تعتزم الحكومة تخصيص حصة الأسد من هذا الغلاف، وتحديدا أزيد من 64 بالمائة من هذه القيمة، لفائدة العائلات والسكن والصحة، وهو الغلاف المالي الذي يقتطع منه الصندوق الوطني للسكن الأغلفة المالية التي تدعم مختلف الصيغ السكنية المعتمدة، كما تقتطع منه كلفة مجانية العلاج. الوثيقة الأولية لمشروع قانون المالية للسنة القادمة أظهرت أن الحكومة عملت على الزيادة المسجلة في قيمة الاعتمادات المخصصة لمساعدة العائلات والتي ارتفعت إلى 445 مليار دينار، بعد أن كانت في حدود 414.4 مليار دينار في قانون المالية للسنة الجارية، هذه المراجعة تمثل 25 بالمائة من قيمة إجمالي التحويلات الاجتماعية. وخصصت الحكومة ضمن مسودة المشروع دائما ما قيمته 208 مليار دينار، أي في حدود 20800 مليار سنتيم، لدعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع أي الحبوب والحليب والسكر والزيوت الغذائية، وهي المواد المدعمة من قبل الحكومة بمراسيم تنفيذية ترخص للحكومة التدخل لدفع الفارق بين السعر الرسمي للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وبين السعر الحقيقي لها. الغلاف المالي المخصص لدعم المواد الاستهلاكية عرف كذلك زيادة بنحو 25 مليار دينار، على اعتبار أن الغلاف المخصص السنة الحالية، كان في حدود 183.2 مليار دينار العام الجاري، بينما تم تخصيص 353 مليار دينار للسكن و336 مليار دينار للصحة، و112 مليار دينار للتعليم. قرار الحكومة مراجعة الغلاف المالي المخصص للتحويلات الاجتماعية السنة القادمة بإقرار الزيادة عليه تؤكد تأجيل الجهاز التنفيذي لمشروع التخلي تدريجيا عن سياسة الدعم الاجتماعي، واعتماد الانتقائية في تسيير الملف إلى إشعار لاحق، وإلى جانب هذا الإرجاء تعمدت الحكومة عدم إقرار أي زيادة في تسعيرة الطاقة والوقود على نقيض السنوات السابقة، حتى تقدم مشروع قانون مالية خاليا من عناصر الاستفزاز للمواطن، كما تكون بذلك بصدد تهيئة الأرضية لاستحقاقات رئاسية هادئة، كون عدم المساس بسياسة الدعم وتجنب إقرار أي زيادات جديدة رغم الظرف المالي الصعب الذي تمر به البلاد كفيل بتفويت الفرصة على المعارضة للعب هذه الأوراق، خاصة أن الحكومة كانت قد شرعت منذ 2014 في تحرير أسعار الطاقة والوقود. التدابير التي حملها مشروع قانون المالية للسنة القادمة أكدت التصريحات التي أدلى بها الوزير الأول أحمد أويحيى بقبعة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، عندما استبعد التخلي عن سياسة الدعم السنة المقبلة، كما أكدت تفنيدات وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي لتصريحات وزير المالية عبد الرحمان راوية أمام أعضاء صندوق النقد الدولي بخصوص التحرير الكلي لتسعيرة الوقود السنة المقبلة وهي التصريحات التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت تفاعلا سلبيا معها وسط الرأي العام المحلي اضطرت وزارة المالية إلى إصدار بيان توضيحي لتصريحات راوية وعقب عليها بكثير من التفاصيل حملت دلالات على أن الوزير غرد خارج السرب وتلقى توبيخا بخصوصها.