تعيش هذه الأيام مختلف مناطق الأوراس، وخاصة ولايتي باتنةوخنشلة على وقع موسم جني فاكهة التفاح، وسط أجواء يسودها التفاؤل والارتياح بخصوص وفرة ونوعية المنتوج، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعود بالفائدة على الفلاحين الذين راهنوا على إعطاء تفاح الأوراس خصوصية نوعية قد تساهم في رفع في وتيرة الإنتاج وكذا تحويله إلى مادة قابلة للتصدير في زمن التقشف، وذلك من بوابة آريس معقل الثورة والثوار إلى باريس عاصمة الاستدمار. لم يخف فلاحو منطقة الأوراس ارتياحهم من نوعية المحصول الذي يميز فاكهة التفاح خلال هذا الموسم، خاصة في ظل الأجواء التي سادت فترتي السقي والمتابعة، ورغم أن بعض المناطق قد أثر فيها سلبا، بسبب تساقط الأمطار الرعدية وكمية كبيرة من البرد، ما خلف أضرار بالجملة، على غرار ما حدث في حيدوسة والرحاوات وسيدي معنصر وكيمل غيرها، إلا أن أغلب المناطق نجت إلى حد كبير من هذا الكابوس الذي يلاحق الفلاحين شهري أوت وسبتمبر من كل عام، بسبب التقلبات الجوية التي كثيرا ما تنعكس سلبا على هذه تفاح الأوراس بالخصوص، بدليل ما حدث في إينوغيسن منذ 3 سنوات، بعد تساقط كمية كبيرة من البرد الذي جعل المنطقة منكوبة فلاحيا، وحسب المعطيات الولية، فإن عملية جني هذه الفاكهة تسير بصورة ايجابية، وهذا وفق ما وقفنا عليه في عديد المناطق التي تشتهر بها، على غرار دشرة أولاد موسى وإشمول وإينوغيسن ووادي الطاقة وبحمامة وغيرها من المناطق البارزة إنتاج التفاح على مستوى ولايتي باتنةوخنشلة على وجه الخصوص. نحو جني مليون قنطار تفاح هذا العام في عاصمة الأوراس تترقب المصالح الفلاحية لولاية باتنة ارتفاعا مضاعفا من كمية التفاح هذا العام، مقارنة بالموسم المنصرم، وحسب توقعاتها فإنه من المنتظر أن يصل الرقم حوالي مليون قنطار من، أي بزيادة تتعدى الضعف مقارنة بالسنة الماضية التي بلغ فيها الإنتاج 825 ألف قنطار، حيث أرجع المتتبعون ذلك إلى العوامل المناخية التي صبت في صالح فاكهة التفاح هذا العام، مثل وفرة الماء وتساقط الأمطار، إضافة إلى عوامل أخرى طبيعية تعود إلى ركون التفاح إلى الراحة في موسم لتعقبه كمية إنتاج مضاعفة في الموسم الموالي، وإذا كانت عملية الجني قد بدأت مطلع شهر سبتمبر من بوابة المناطق الجنوبية لعاصمة الأوراس المعروفة بارتفاع درجة الحرارة فيها، على غرار بريكة والجزار، إلا الأنظار أصبحت منصبة في الأيام الأخيرة على المناطق الشرقية لباتنة التي تتسم بطابعها الجبلي، على غرار وادي الطاقة وإشمول وإينوغيسن وفم الطوب، وصولا إلى مناطق ولاية خنشلة التي تشتهر هي الأخرى بإنتاج هذه الفاكهة، في صورة بوحمامة ويابوس وغيرها. وترجح تقديرات التقنيين والمختصين في هذه الشعبة، أن يصل معدل المنتوج هذه السنة إلى حوالي 250 قنطار في الهكتار الواحد في المناطق المعروفة بفاكهة التفاح، مردود يصفه الكثير بالمعتبر، وهذا على الرغم من الأضرار التي مست بعض المناطق بسبب حبات البرد التي بعض الجهات في وقت مبكر، أولا خلال الأسابيع الأخيرة، حين تسببت في إتلاف 30 هكتار بمنطقة الرحاوات ببلدية حيدوسة. ويبقى الشيء الايجابي في نظر المختصين، هو أن الأضرار التي مست بعض المناطق شهر ماضي الماضي سرعان ما تم تداركها، بحكم أن 65 بالمائة من محصول التفاح بباتنة يقع في المناطق الجبلية التي تتميز بأصناف متأخرة يستمر جنيها إلى غاية أواخر شهر أكتوبر. آريس وإشمول وإينوغيسن ووادي الطاقة.. أقطاب هامة في إنتاج التفاح والزائر لولاية باتنة يقف عن قرب على المناطق التي تعد أقطابا هامة في إنتاج فاكهة التفاح الذي يجمع بين الكم والنوع والتنوع، حيث أن الحديث في لمناطق الجبلية لا يخرج عن نطاق الحديث عن تفاح روايال وهانا وقالا ووقولدن دلسيوز وستاركريمسون وغيرها من الأنواع التي باتت محل طلب التجار والزوار على حد سواء، حيث مناطق مثل إشمول وإينوغيسن وآريس وفم الطوب ووادي الطاقة، وصولا إلى مريال بنواحي سيدي معنصر وعيون العصافير بمثابة أقطاب لافتة للانتباه في إنتاج التفاح، وهذا دون نسيان منطقة حيدوسة والرحاوات المطلة على دائرة مروانة التي تحمل هي الأخرى نفس مواصفات المناطق الجبلية، وهو ما يشكل محفزا كبيرا للمصالح الفلاحية في مواصلة تشجيع الفلاحين والمستثمرين على حد سواء، بدليل أن المساحة المغروسة حاليا بفاكهة التفاح بباتنة تصل إلى 4451 هكتار، منها حوالي 3817 هكتار منتجة، ما يجعل الطموحات منصبة على العمل ن أجل توسيع المساحة المخصصة لهذه الشعبة وفقا للإمكانات المتاحة، وفي مقدمة ذلك ضرورة توفر الموارد المائية اللازمة، فيما قدرت مديرية الفلاحية لولاية باتنة عدد الفلاحين الناشطين في مجال زراعة التفاح بحوالي 1500 فلاح مختص في هذا الجانب، وهو رقم يصفه المتتبعون بالمهم، في انتظار مواصلة تفعيله على ضوء الجهود القائمة لتوسيع المساحة الفلاحية المختصة في إنتاج هذه الفاكهة. حرص على النوعية والتنوع.. والتخزين عائق يلاحق الفلاحين وإذا كان الفلاحون والقائمون على المصالح الفلاحية بباتنة قد ابدوا ارتياحهم لكمية ونوعية المنتوج، إلا أن بعض الناشطين في هذا الجانب يحرصون على تكريس خاصية التنوع، من خلال البحث عن أنواع أخرى جديدة من التفاح بغية غرسها حتى تكون محل استقطاب في السنوات المقبلة، وبالمرة إضفاء نوعيات جديدة تساهم في استقطاب المناطق الجبلية لفاكهة تفاح الأوراس الذي كسب شهرة كبيرة مند التسعينيات، ما يجعل تجار الجملة يقصدون المناطق الشرقية لباتنة من مختلف الولايات، وفي مقدمة ذلك العاصمة والبلدية وغيرها من التجار المتوافدين من مختلف ربوع الوطن، في الوقت الذي يبقى الرهان منصبا حاليا على كيفية توسيع طاقات التخزين، وهو العائق الذي يلاحق الفلاحين في هذا الجانب، خاصة أثناء تسجيل كميات كبيرة في الإنتاج، على غرار هذا العام، حيث قدرت طاقة التخزين بغرف التبريد المخصصة لهذه الفاكهة محليا بحوالي 8519 متر مكعب، وتتواجد أغلبها في المناطق الجبلية الواقعة شرق ولاية باتنة وصولا إلى المناطق المشهورة بهذا المنتوج في ولاية خنشلة. حيث يأمل الفلاحون أن يلقوا مزيدا من الدعم بكميات إضافية من غرف التبريد التي تعد حسبهم العامل الأساسي للحفاظ على صحة المنتوج وتفادي تلفه، ما يسمح بتمديد فترة صلاحيته وتخزينه إلى غاية فصلي الشتاء والربيع. حبات البرد كابوس يلاحق الفلاحين والشبكات المضادة الخيار الحتمي من جانب آخر، لم يخف الفلاحون المتخصصون في إنتاج التفاح، وجود كوابيس تلاحقهم كل عام، وخاصة أثناء مرحلة الجني، وهذا موازاة مع التقلبات الجوية والأمطار الرعدية التي تتساقط موازاة مع حلول فصل الخريف، ما يتسبب عادة في عدة أضرار قد تجعل بعض المناطق منكوبة بنسبة 100 بالمئة، على غرار ما عرفته منطقة إينوغيسن شهر أوت من العام 2015، حسين تعرضت فاكهة التفاح لأضرار بليغة بسبب التساقط المكثف لحبات البرد التي جعلت المنطقة منكوبة فلاحيا، والكلام ينطبق هذا العام على منطقة حيدوسة والرحاوت المطلتين على دائرة مروانة، حيث أنها عرفت تساقط كمية كبيرة من الأمطار الرعدية التي صاحبتها حبات البرد، ما خلف خسارة بالجملة، وتسبب في تلف فاكهة التفاح التي تشتهر بها المنطقة من حيث الكم والنوع. وقد لجأ الفلاحون في السنوات الأخيرة إلى خيار تغطية حقولهم الفلاحية بالشبكات المضادة لحيات البرد، وهذا بغية حماية المنتوج، وهذا من مواجهة كابوس الأمطار الرعدية بوسائل وتقنيات حديثة، إلا أن الإشكال حسب الفلاحين هو أن هذا النوع من الفلاحين يكلف الكثير ماديا، وليس في متناول الجميع، بدليل أن قيمتها قد تتعدى 80 مليون سنتيم لتغطية الهكتار الواحد من المساحات المخصصة لزرع أشجار التفاح، وهي قيمة مكلفة حسب البعض إلا أنها باتت ضرورة حسب وجهة نظرائهم لحماية منتوجهم من حبات البرد. تفاح آريس قابل للتصدير إلى باريس في زمن التقشف؟! ويراهن المحيط الفلاحي بباتنةوخنشلة وبقية مناطق الأوراس على إعطاء فاكهة التفاح صورة تليق بمقامه، وهذا من خلال الحرص على ترقية المنتوج وضمان الرفع في كمية المحصول، وهذا في إطار الحرص على توسيع دائرة تسويقه محلية، موازاة مع سياسة التقشف المنتهجة، وتوقيف استيراد التفاح الوارد من الخارج، وفي السياق ذاته، هناك أطراف فاعلة تعول على إدراج تفاح الأوراس ضمن المنتوجات القابلة للتصدير، في إطار البحث عن العملة الصعبة، وهذا من خلال رفع شعار “تفاح الأوراس قادر على رفع الرأس، من خلال تصديره من آريس إلى باريس”، وهو الشعار الذي يبقى تجسيده واردا ميدانيا، في ظل الحركية التي تسود الفلاحين والمستثمرين الذين يعولون على ترقية هذا المنتوج، خصوصا وأنه يتصف بالعديد من المزايا حسب البعض، وفي مقدمة ذلك أنه صحي مقارنة بالتفاح المستورد، مثلما ذهب إليه أحد المنتجين ممثلا في بولخراص بن بلاط وكذا رئيس جمعية منتجي التفاح بمنطقة باتنة أحمد بن بلاط الذي أكد في أكثر من مناسبة ارتياحه لقرار وقف استيراد التفاح الأجنبي، ما يتيح الفرصة لتشجيع الفلاحين المحليين على تركيز جهودهم من اجل الانشغال بإنتاج التفاح كما ونوعا، على غرار ما يقوم به هذا الأخير الذي حول قرية تيبيكاوين بفم الطوب إلى قطب فلاحي خطف الأنظار بفضل فاكهة التفاح على الخصوص. التسويق أكبر عائق وإنشاء سوق كبير مطلب الجميع ويبقى الإشكال الذي يلاحق المنتجين للتفاح بمنطقة الأوراس يكمن أساسا في التسويق الذي يعد عائقا كبيرا، خاصة في ظل الإمكانات المحدودة للكثير من الفلاحين، ما يجعلهم أمام حتمية بيعه بأثمان بخسة للتجار الذين يخوضون غمار المضاربة في الأسواق، ليبقى الرابح الكبير هو التاجر، على حساب الفلاحين الذين يعانون تبعات التكاليف الناجمة عن السقي والأدوية، ناهيك عن افتقادهم للإمكانات التي تسمح لهم بتشييد أماكن التخزين وغرف التبريد التي من شأنها أن تحافظ على صلاحية المنتوج أطول مدة ممكنة. وفي هذا السياق يأمل فلاحو منطقة باتنة في انجاز سوق كبير في منطقة الأوراس، يكون مجالا متاحا للفلاحين من اجل تسويق وبيع منتوجهم بعيدا عن الابتزاز والمضاربة، وهو الطلب الذي نادوا إليه لعدة سنوات، لكن لحد الآن لم يتجسد إلى شكل ملموس، ناهيك عن دعوتهم إلى منح يد العون في مجالات أخرى تعيق عملهم، من ذلك مساعدتهم على تشييد آبار ارتوازية لتوسيع دائرة الأراضي الفلاحية المخصصة لزرع أشجار التفاح، ناهيك عن الدعوة إلى تشجيع المصانع من اجل استيعاب الكمية المنتجة، بغية تفادي خسائر تتكبد الفلاحين في حال وفرة المنتوج، ما يؤدي عادة إلى انهيار الأسعار.