يكفي أن تعلن وزارة التجارة عن موسم التخفيضات “الصولد” حتى يتطلع المتتبعون لعالم الموضة والأناقة على حقيقة علامات الألبسة والأحذية والاكسيسوارات التي تسوق لهم على أنها ماركات عالمية أصيلة. قد تشك وانت ترتدي حذاء جلديا من آلدو أو زارا أو كاتربيلار أو غيرها من الماركات الشهيرة، اقتنيته بما يعادل راتب موظف حكومي، ليتمزق سريعا أو تظهر على سطحه خدوشات ونتوءات تشكك في جودته، كيف لحذائك الأصلي الذي كلفك الكثير أن يفنى بهذه السرعة، فقد يرافقك حذاء صيني رخيص الثمن مدة أطول بكثير. في الحقيقة، إن مظاهر الترف الشكلية التي تظهر في مراكزنا التجارية الكبرى وفي المحلات الفخمة المتمركزة في الأحياء الراقية، ليست سوى خدعة بصرية من المشهد العام لسوق العلامات الكبيرة في الجزائر، فالمتسوقون الذين قرروا قبل أيام أو شهور اقتناء قطع معينة من الثياب أو الأحذية والحقائب والاكسيسوارات، ولكنهم انتظروا موسم التخفيضات، يعلمون بحق أن تلك التسعيرات الباهظة التي تعلن على المعروضات لا تمثل قيمتها الحقيقية أبدا، ولابد أن تنزل إلى النصف على الأقل. الصولد يكشف واقع الماركة على خلاف بلدان العالم أجمع، حيث تندرج القطع المتبقية ذات المقاسات الكبيرة جدا أو الضيقة جدا في رفوف الصولد، توفر العلامات حتى الشهيرة منها الناشطة في الجزائر، جميع المقاسات ومختلف الألوان والأذواق، بأسعار متدنية يستحيل أن تكون أمرا قد لا ينتبه له الجميع وهم غارقون بين تسعيرة مشطوبة وأخرى تنقص عنها بكثير، فينشغلون عن البحث في خامات القطع المغرية أسعارها، وفي موطن انتاجها وفيما لو كانت أصلية أم دون ذلك، وفي حين تحمل غالبية القطع المسوقة على هذا النحو علامة: made in china أو made in Marocco وتصنع قطعا كثيرة في دول آسيا في ورشات عادية لا تنضبط بمعايير الجودة العالية، يأتي بارونات عالم الأزياء في الجزائر ليتداولوا فكرة مستهلكة مفادها أن جل العلامات الأصلية الشهيرة غير قادرة على تغطية طلبية السوق العالمية، لذلك تلجأ في العادة إلى الاستعانة بورشات معتمدة في البلدان القريبة منها أو التي بها يد عامل نشيطة، كذبة أخرى يحاول أن يتحجج بها التجار وتفضحها جودة ومدة صلاحية الملابس والأحذية والحقائب. ماركات عالمية من انتاج جزائري مازال الجزائريون وخاصة فئة السيدات يفتقدون لثقافة الجودة في اقتناء الملبس، ولا يتعلق الأمر بالجانب المادي والقدرة الشرائية فحسب، إذ يقتني كثيرون قطعا غالية جدا لا تساوي قيمتها الحقيقية، فقط، لأن شكلها جذاب، أو أن هذه الملابس والأحذية والاكسيسوارات دارجة على الموضة، وتتطابق في مواصفاتها مع القطع الأصلية من ناحية التصميم، الألوان وبعض التفاصيل، وقد انتبه التجار إلى هذا الأمر، ما جعلهم يعزفون مؤخرا عن جلب سلعهم من الخارج، خاصة في ظل تقليص الاستيراد وسن قوانين مشددة، ليوجهوا تعاونهم مع ورشات محترفة لخياطة الملابس الجاهزة، أين يتم تقليد المنتجات الأصلية، ومحاولة انتاج قطع مطابقة لها، بأقل تكلفة من خلال توظيف مواد أولية كالأقمشة والجلود، تختلف تماما عما يستعمل في الأصل، ثم إخراجها إلى السوق تحت توقيع ماركات عالمية، والأمر هنا يتعلق بالمنتجات الموجهة لكلا الجنسين والأطفال أيضا، وخير دليل على ذلك هو ما يتم تسويقه في شارع باب عزون من ألبسة رجالية مصنعة في الجزائر تحمل توقيع ماركات عالمية على غرار levi's ، gucci، pierre cardin، Eden parck.. الغريب في الأمر أن هذه العلامات والكثير غيرها، لا تملك أي عملاء في الجزائر، فيما تباع منتجات ذات صناعة محلية من توقيعها وبأسعار تنافس أسعار القطع الأصلية في بعض الأحيان، من دون أي رقابة، وهو ما يجعل البعض يفضل أن يكون زبونا لتجار الكابة، على أن ينخدع في جودة مقتنياته الغالية.