فتح باب النقاش بشأن التجنيد الإجباري للنساء مؤخرا خلق جدلا واسعا في أوساط الجزائريين، الذين استقبلوا المقترح بكثير من التهكم والسخرية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي اشتعلت على آخرها وأعطت للحدث خصوصية لا مثيل لها.. أول شرارات اللهب أطلقها ممثل وزارة الدفاع الوطني طارق دبيش الذي صرح بأن القانون رقم 06/14 الخاص بالخدمة الوطنية لا يمنع تجنيد الإناث في الخدمة، لأنه يتحدث بصريح العبارة عن "إجبارية الخدمة الوطنية للمواطنين الجزائريين دون تحديد جنسهم". ليتحول تصريحه إلى مادة دسمة تتناقلها وسائل الإعلام المحلية والعربية، وتثير الرأي العام.. السخرية كانت هي السائدة أسلحة ودبابات باللون الوردي، صور لنساء ب "الكومبة" و "الرونجاس"، عبارات تهكمية، وغيرها من المنشورات الساخرة، هي الطريقة التي تفاعل بها أغلب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع موضوع إلزام النساء الجزائريات بآداء الخدمة الوطنية، على اعتبار بأنها واجب وشرف لكلا الجنسين، حسب دبيش!! من باب التوقعات أورد "زكي" تعليقا عاد عليه بمئات الإعجابات، حيث كتب: "ترقبو في 2019 أسماء الفايسبوك الجديدة: أميرة بسلاحي، العسكرية الأنيقة، كلاشي سر سعادتي، العسكورة السكورة، العسكرية البسكرية تخدم فالمدية، محاربة الدواعش، بومبة لابسة كومبة، مولات ليماش هازة كلاش، عسكرية فيدال تعشق الكولونال.. ومازال الخير القدام". ومن باب التهكم كتب إسماعيل: "وحدة ما تعرفش ترفد طبسي كيفاش حبوها ترفد الكلاش وتنوض بكري"، وكتب لطفي: "الإرهاب راهم يطراسيو في اللحية في الجبال يا درى علاش؟"..ونشرت صفحة المرأة الجزائرية على فيسبوك عديد الصور والتعليقات كان أبرزها صدمة الرجل لما يذهب لخطبة فتاة ويجدها "روشرشي" أو ردة فعل العريس لما يقتحم الدرك منزله لأخذ زوجته للخدمة الوطنية إجباريا بعد تهربها لسنوات! أما الشغل الشاغل للفتيات فكان كيفية التصرف في أصعب المواقف، حيث اتفقت الكثيرات على أن أول عائق في طريقهن سيكون التأقلم مع لباس واحد لا يتغير، ومن باب النكتة تداولن منشورا يقول أن الفتاة في ثاني يوم خدمة ستطلب من المسؤول تغيير سلاحها لأنهم رأوها تحمله بالأمس!!! مكانها المنزل وليس الثكنة من جهة أخرى اتفق الكثيرون على أن مكان المرأة الطبيعي والمناسب هو المنزل وليس الثكنة، حيث غرد سليمان: "نريدها في الكوزينة وليس في الڨاريطة" وعلق إدريس: "هذيك لي تحوس على دارها وحدها راهم رايحين يديرولها ڨاريطة وحدها..". هذا واستفز المقترح بعض الجزائريين الذين عبروا عن رأيهم بانفعال، كالسيد جهاد الذي قال" ارخص يا لحرير حتى تولي بردعة للحمير وواش يعرف الحمار لشم النوار..خلاص رخصو بناتنا حتى نبعثوهم للجبال والله يالو كان نبدلهم الجنسية وما يعقبوهاش".. وتساءل رضوان: "هل يعقل أن تخرج فتاة في سن 19 للغابة في الليل؟ هل تستطيع الحراسة بتناوب ساعتين حراسة و4 ساعات راحة مدة 24 ساعة؟ هل تستطيع تحمل 5/5؟ هل تستطيع تحمل برد البليدة و بجاية و بلعباس وحرارة تيندوف وبشار وتمنراست؟ هل تستطيع أن تستيقظ من النوم وتلبس ملابس عسكرية في مدة دقيقة؟ هل تستطيع أن ترى أشياء غريبة وتسمع أصوات أغرب؟ هل تستطيع حمل حقيبة عتاد وزنها 80 كلغ و بندقية 5 كلغ.. هل..وهل.. وهل؟؟؟". المقترح ليس وليد اليوم وإن جئنا للتحدث عن موضوع الخدمة الوطنية للجزائريات بجدية، نجد بأنه ليس وليد اليوم وإنما أثير النقاش حوله من سنوات، ففي أفريل 2015 تلقت الحكومة الجزائرية طلبات من عديد الفتيات والجمعيات النسوية تتضمن مقترحاً بتجنيد العنصر النسوي، مع مراعاة بعض النقاط الهامة كاختيار مراكز التجنيد الخاصة بالنساء في وسط المدن الكبرى مثل العاصمة، وتقليص فترة الخدمة العسكرية بالنسبة لهن إلى 6 أشهر وليس 12 شهراً كما هو معمول به للذكور، مع تمتع المجندات بالمنحة الشهرية التي يحصل عليها كل مجند لتمكينهن من تلبية احتياجاتهن أثناء فترة التجنيد. هذا المقترح الذي تم رفعه إلى السلطات دعا لأن تكون خطوة تجنيد الفتيات اختيارية وليست إجبارية، كما نوه إلى ضرورة السماح لهن بالالتحاق بصفوف الجيش عقب انتهاء مدة خدمته. واستندت الجهات التي قدمت هذا الاقتراح في طلبها، إلى المادة 13 من القانون الأساسي التي تنص على أن "مؤسسات الدولة تستهدف ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الفرد وتحول دون المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية". لا بد من قرار سياسي وعلى الرغم من الضجة التي أثيرت حول الموضوع، وردود الفعل المتباينة حينا والمتناطحة حينا آخر، يبقى ضم العنصر النسوي للجيش مجرد مقترح يحتاج إلى قرار سياسي لجعله ساري المفعول كما قال ممثل وزارة الدفاع طارق دبيش، الذي أكد أن "إلزام الفتيات بآداء واجب الخدمة الوطنية ليس من صلاحيات الجيش، وإنما هيئات أخرى هي المسؤولة عن تفعيله، ويكون للبرلمان دور في وضع النص التشريعي المناسب له".