يتجه الصندوق الوطني للتقاعد إلى المزيد من المعاناة واختلال في توازناته المالية، إذ يتوقع عجزا ماليا سيتجاوز 600 مليار دينار، أي 60 ألف مليار سنتيم السنة القادمة، في وقت يبقى رهانه الوحيد بداية من جانفي القادم اللجوء إلى الصندوق الوطني للاستثمار للاقتراض لديه لسد الفجوة وضمان دفع المعاشات المهددة ل2.8 مليون متقاعد، وهو الرقم المؤهل للارتفاع بعد 10 أيام من اليوم. يكشف واقع صندوق التقاعد واختلال توازناته المالية أن هذا الأخير أصبح وجوده مهددا كما تتهدد هذه الوضعية معاشات 2.8 مليون متقاعد، يؤكد مدير الصندوق أن الرقم مؤهل للارتفاع السنة القادمة بسبب الفصل في طلبات الإحالة على التقاعد المودعة لديهم، إذ كشف مدير صندوق التقاعد سليمان ملوكة الذي اختار وكالة الأنباء الجزائرية ليكشف واقع الصندوق وظروفه المالية، أن نفقات الصندوق فاقت 1.200 مليار دينار نهاية السنة الجارية، أي 120 ألف مليار سنتيم، سيسجل الصندوق عجزا ب560 مليار دينار نهاية 2018، في حين سيتجاوز هذا العجز قيمة 600 مليار دينار السنة القادمة. وأرجع المتحدث تنامي عجز الصندوق إلى تزايد عدد المتقاعدين في مقابل بقاء عدد المشتركين "ثابتا"، إذ أكد أن ضمان التوازن المالي للصندوق لن يتسنى سوى ب5 مشتركين لكل متقاعد على خلاف الوضع الحالي الذي يسجل مشتركيْن اثنين فقط لكل متقاعد. واعتبر المدير العام أن هذه الوضعية لا تكفي لتلبية حاجيات المعاشات، خاصة وأن مراجعة الرواتب والزيادات التي عرفتها سنة 2012، أفرزت معاشات مكلّفة مما يزيد من حدة العجز. أما بخصوص الإجراء الجديد الذي تضمنه قانون المالية 2019، والذي يرخّص للصندوق الوطني للاستثمار بمنح قروض للصندوق الوطني للتقاعد بنسبة فائدة محسنة على المدى الطويل، أوضح ملوكة أن إدراج هذا الإجراء جاء لتلبية احتياجات الصندوق نظرا للعجز المتوقع السنة المقبلة، وأشار إلى أن قيمة هذه القروض لم يتم تحديدها في قانون المالية، من أجل السماح للصندوق بتحديد حاجياته المالية بطريقة موضوعية ابتداء من جانفي المقبل، الأمر الذي قد يعمق من عمر أزمة صندوق التقاعد. ومعلوم، أن العجز المتوقع في الصندوق الوطني للتقاعد، يأتي بعد عجز متواصل انتقل من 155.1 مليار دينار، في 2014 إلى قرابة 337 مليار سنة 2016 في حين بلغت قيمته عام 2017 أكثر من479 مليار، هذا العجز الذي أدى إلى تدخل الحكومة لضمان تمويل الصندوق الوطني للتقاعد من الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية وكذا إعانات الدولة في مجال التضامن. وحسب المدير فإن "نفقات الصندوق تجاوزت مداخيله المستقرة، في حين تراجع عدد الملفات المودعة بالثلثين مقارنة بالسنوات الفارطة"، واعترف أنه لولا الميزانية التي خصصتها الدولة للصندوق السنة الجارية والمقدرة بأكثر من 500 مليار دينار، سمحت المساهمة التضامنية بنسبة 1 بالمئة المطبقة على عمليات استيراد السلع، للصندوق بالاستفادة من مبلغ إضافي يقدر بأكثر من 20 مليار دينار خلال السنة الجارية لكانت وضعية الصندوق أسوأ. فهل ستتمكن السلطات العمومية من إخراج الصندوق من عنق الزجاحة؟ مع العلم أن مجموعة عمل مختلطة تضم إطارات من وزارة العمل وممثلين عن الصندوق الوطني للتقاعد تعمل على بحث الإجراءات الضرورية لإدراج العامل التكنولوجي في نشاط الصندوق في عدة جوانب لاسيما السن ومستوى الاشتراك وكيفيات الدفع وضمان المعاش.