تعتبر شرطة الحدود الجوية جهازا، يلعب دورا هاما في حماية أمن واقتصاد البلاد، هو ما يجعل المديرية العامة للأمن الوطني، تولي اهتماما أكبر لهذه الفصيلة، لاسيما بعدما تمكنت في ظرف وجيز من تسجيل عدد لا يستهان به من القضايا المتعلقة بمحاولة تهريب العملة الصعبة، الذهب المهلوسات وقضايا أخرى نكشف خباياها، خلال هذا التحقيق الذي قادنا إلى مطار أحمد بن بلة الدولي بوهران، لتسليط الضوء على نشاط هذه الوحدة، والكشف عن خبايا العمل الروتيني. تصادف وجودنا بالمطار، مع توقيف عدد من المهربين في هيئة مسافرين حاولوا تضليل مصالح المراقبة، على مستوى نقاط التفتيش، فكانت تجربة هامة، أتاحت لنا الوقوف عن كثب على عمل جهاز شرطة الحدود الجوية.. مهرَب يدس "اليورو" في حذائه وآخر بملابسه الداخلية ونحن نتلقى بعض الشروحات حول عمل جهاز الشرطة على مستوى مطار أحمد بن بلة الدولي، تلقت الفرقة بلاغا عن تحركات مشبوهة لمسافر، أثار بخطواته غير المتزنة انتباه أول فرقة للمراقبة على مستوى البوابة الرئيسية الأولى للمطار، فخرجنا مع الفرقة نحاول رصد الطريقة التي سينتهجها أعوان الأمن، لتوقيف المسافر المشبوه، لمحنا الهدف ونحن مع مرافقنا الملازم أول للشرطة دحاوي ياسين رئيس فصيلة الاستعلامات العامة بمطار أحمد بن بلة وهران، المشبوه شاب في سن ال 30، يرتدي قميصا رمادي اللون وسروال جينز أزرق وحذاء رياضي ويجر حقيبة، وهنا بدأت عملية ملاحقته بالأعين وكاميرات المراقبة المنتشرة عبر أرجاء المطار، لدراسة تحركات المشبوه، ورصد خطواته قبل الإيقاع به، والهدف من ذلك يقول محدثنا ليتمكن أفراد المجموعة من الإطاحة بشركائه إن وجدوا، مرَت حوالي 20 دقيقة والفرقة تتبادل المعلومات عبر اللاسلكي، لبناء خطة توقيفه متلبسا، إلى أن وصل إلى آخر نقطة قبل ركوب الطائرة المتوجهة إلى باريس، وهناك تم إعادة تفتيشه بدقة على مستوى النقطة الأخيرة، ليتم إبلاغ مصالح الشرطة القضائية التي نزل أفرادها على الفور لتوقيف المشتبه فيه، كونه أخفى على رجال الشرطة، وحتى مصالح الجمارك قيمة العملة الصعبة التي كان يلفها، جزءا وسط حذائه الرياضي، وجزءا حول خصره والباقي بجيوبه، وهناك تم اقتياد المتهم إلى مركز الشرطة، لاستكمال إجراءات التوقيف ثم إحالته على النيابة. قبل، يومين فقط، من هذه العملية تم ضبط مسافر آخر حاول تمرير كمية معتبرة من العملة الصعبة، غير أن الغريب في الأمر هو تجرئه على إخفاء المال داخل مناطق حساسة بجسده، بعد لفّ الكمية على شكل سجائر، حتى يبعد الشبهة ويتمكن من ركوب الطائرة بسلام لكن… وخلال عملية التفتيش التي تعرض لها المسافر المشبوه، لفت انتباهنا الوسائل الحديثة المعتمدة من طرف أعوان الأمن، إذ زيادة على كاميرات المراقبة التي ترصد كل كبيرة وصغيرة، تعتبر أجهزة السكانير التي تعتمد عليها فرقة التفتيش والمراقبة جد فعالة، تسهل من خلال عملية التحميص، ويمكنها رصد الممنوعات حتى ولو تم لفها بمواد عازلة، مثل الألمنيوم وهو ما صار يسهل مهمة الأعوان، لضبط المخططات المخالفة، لأن الهيئة والشكل لا يعنيان شيئا ولأن خطة المتهمين التمويه والتدليس من خلال استغلال النساء، العجائز وحتى الرضع لم يسلموا من مخططات المهربين، وعليه يبقى دور أجهزة الكشف محوريا. "ميكروويف" ملغم بالعملة والمهلوسات داخل "تروتينات" عدنا بعد إنهاء عملية التوقيف الخاصة بمهرب الأورو لغرفة العمليات، وهي عبارة عن مكتب يقصده أفراد مجموعة التدخل لرسم الخطط، وتبادل المعلومات حول المسافرين المشبوهين، وهناك جلسنا نستمع لشروحات قائد الفرقة الملازم الأول، الذي عاد للحوادث التي وقعت السنة الماضية، التي كانت حافلة بالقضايا الخطيرة، فقد سرد لنا بالصوت والصورة كيف تمكنت نفس المجموعة من توقيف مسافر مشبوه أراد تحويل العملة الصعبة داخل جهاز طهي كهربائي الميكروويف، ولكن فطنة أحد أفراد المجموعة دفعته إلى التمعن جيدا في إطار الجهاز، الذي بدا وكأنه فكك ثم أعيد تركيبه، وبعد فتحه ظهر المبلغ الذي كان يخفيه المتهم. وقصة أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها تتعلق بمسافر آخر أراد تضليل مصالح الأمن، من خلال وضع كمية من المهلوسات داخل الزلاجة "تروتينات" الخاصة بالأطفال، بينما هناك من راح لأبعد من ذلك حين أخفى المهدئات وبعض الأدوية المحظورة داخل آلة حلاقة كهربائية، أو تغيير علب الأدوية بوضع بداخل علب دواء الزكام مثلا مهلوسات ومهدئات محظورة وسيدة أخرى فضلت إخفاءها داخل أدوات تجميل، كما نجحت المجموعة في توقيف سيدة رفقة زوجها الصائغ، بعد محاولتها تمرير كمية معتبرة من الذهب من تركيا، إذ كانت تخفي الذهب في أماكن حساسة لإبعاد الشبهة، لكن فطنة الأعوان حالت دون تنفيذ مخططاتها، وقضية أخرى تم التطرق لها وهي تخص محاولة تمرير كمية من السجائر ذات ماركة عالمية، داخل علب عصير. يخفي مسدسا ويدّعي أنه هدية؟ من بين أغرب القضايا التي عالجتها فرقة التدخل على مستوى مطار أحمد بن بلة بوهران، ضبط بأمتعة أحد الركاب القادمين من فرنسا، مسدس من نوع بيريطا، والغريب في الأمر أنه كان يخفيه داخل حذاء شتوي، ولما تم كشف المخطط، ادعى صاحب العلبة أنه اشترى الحذاء من شخص غريب بفرنسا، وأراد إهداءه لوالده المقيم بالجزائر، منكرا أن له علاقة مع السلاح الناري، وقد تم على الفور تحرير محضر سماع للمشبوه على أن يقدم للعدالة للنظر في قضيته الشائكة. مشعوذة تحاول "تصدير الكادنات" إلى الخارج كما استوقفتنا قضية أخرى بلغت درجة كبيرة من الخطورة، ويتعلق الأمر بتوقيف مشعوذة تبلغ من العمر 45 سنة، مغتربة بمرسيليا، وأثناء محاولتها ركوب الطائرة تبين لأعوان المراقبة على مستوى جهاز السكانير أشياء غريبة داخل أمتعتها، لتظهر بعد التفتيش اليدوي أن الأمر يخص مشعوذة حاولت نقل طلاسم وحروز إلى فرنسا، إذ ضمت تلك الأغراض شموعا، كادنات بالمفاتيح، حدوة حصان، علبة عسل، جداول، وصورا كثيرة خاصة بضحايا تلك الأعمال الشيطانية، يرجح أنهم يقطنون بالخارج وحاولت المشعوذة نقل سمومها إليهم، لتدمير حياتهم وإدخالهم في دوامة اليأس والقنوط. علب السجائر داخل لوحة عليها لفظ الجلالة و مادام هدف المخالفين يتركز دوما على طرق التلبيس والمناورة، فقد يلجأ هؤلاء لحيل قد لا تخطر على عقل بشر، مثلما الحال مع مسافر حاول تهريب كمية من السجائر المستوردة وإدخالها للجزائر، من خلال إخفائها داخل لوحة فنية مكتوب عليها اسم الجلالة، حتى يبعد كل شبهة قد تقود المحققين لكشف مخططه، وقد تم فتح اللوحة ليكتشف الأعوان تواجد علب سجائر عالمية، كما أكد في هذا الصدد الملازم الأول وقائد تلك العمليات أن هناك من بات يمرر المحظورات داخل مواد غذائية مثل السميد والتمور وغيرها، للتضليل لكن حنكة رجال الأمن دوما تحبط تلك المخططات. نادل مقهى بالمطار يقود شبكة لتهريب العملة كما عالج عناصر الفرقة الأمنية قضية تورط فيها نادل مقهى يتواجد داخل المطار، حيث اغتنم المتهم وظيفته وسهولة مروره وتحركه داخل المطار، ليبني شبكة تهريب العملة الصعبة، حيث يتم الاتفاق مع شركائه على خطة عمل شيطانية، تصل العمولة إلى النادل من طرف شخص متواطئ فيخفيها تحت سقف المرحاض، بإزالة مربع خاص، لإبعاد الشبهة ثم يأتي دور المسافر الأخير الذي يأخذ الكمية من المرحاض، ويركب مباشرة الطائرة كونها تعد آخر نقطة قبل الوصول للمدرج الأخير، غير أن التحرك السريع والذكي لعناصر الفرقة الأمنية، مكنت من تفكيك الشبكة، وتوقيف المتورطين لتقديمهم للعدالة. شجارات وسرقات داخل الطائرة تفيد التقارير الخاصة بحصيلة نشاط الفرقة خلال سنة 2018 وتحديدا فيما يتعلق بقضايا وقعت داخل الطائرة، حيث يتم الاستنجاد برجال الأمن لحل الأزمات، أن هناك 24 تدخلا العام الماضي، تمثل في التدخل من أجل فض شجارات دامية، داخل الطائرة، وهي المعطيات التي تدفع بقائد الرحلة إلى إلغائها لغاية السيطرة على الوضع، فمثلا تم التدخل للسيطرة على شاب حراق تم طرده من فرنسا، بسبب افتقاده للوثائق، وهي الفرصة التي دفعت به إلى نشر الرعب داخل الطائرة من خلال سبّ الجميع، ومحاولة الاعتداء على عوني الشرطة الأجانب اللذين رافقاه لغاية الجزائر، وهو ما تطلب الاستنجاد بفرقة التدخل بمجرد هبوط الطائرة، والتحكم في الوضع لتسهيل مهمة نزول الركاب في ظروف مناسبة. كما تم التدخل من أجل توقيف مرتكب عملية سرقة، بعد نداء استغاثة قادم من حجرة التحكم في الطائرة، وبينما تم إجراء تحقيق ميداني لمعرفة الفاعل، حتى تبيّن أن السارقة عجوز جاوزت الستين من العمر، استغلت فرصة انشغال المسافرين لتسرق هاتفا نقالا يخص أحد الركاب، وهو ما أخلط الأوراق واستدعى تدخل مصالح الشرطة لإعادة الأمور إلى نصابها وتوقيف السارقة. مراقب شرطة الحدود: هذا هو هدفنا بعد إنهائنا العمل الميداني دعانا مراقب الشرطة السيد علي برايكة إلى مكتبه، هناك استعرض نشاطات الفرقة، مبرزا مهامها التي تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني، من خلال التصدي لكل أشكال التهريب لاسيما مع التطورات الملحوظة وتكيف رجال الأمن مع المستجدات، وقد تم معالجة 1910 مخالفة السنة الماضية، منها 24 محاولة تهريب المحظورات، مثل الذهب والعملة الصعبة والمهلوسات، كما أكد المسؤول الأول على الأمن داخل مطار أحمد بن بلة أنه يرتقب مع مطلع السنة الجارية، تدعيم الجهاز بأعوان جدد لتحقيق الاكتفاء والتغطية الشاملة، لتوفير الأمن والطمأنينة في نفوس المسافرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، مشيرا إلى الدورات التكوينية التي يخضع لها أعوان الفرقة بين الفينة والأخرى، لمواكبة آخر التطورات والمستجدات في عالم الجريمة وإبطال مخطَطات المهربين التي تعتمد على الحيلة والتدليس.