طغى الحراك على يوميات الشعب الجزائري وسيطر على أحاديثهم وتفاصيل حياتهم فأشعل في قلوبهم حب الوطن، وتسلل إلى أفراحهم وأعراسهم وحتى حفلات عيد ميلادهم، فأخذت قاعات الزفاف هي الأخرى الكثير من جرعات الوطنية وحجزت حتى الأعلام والبالونات بألوان الراية الوطنية مكانا لها في سيارات مواكب الزفاف وداخل قاعات الأعراس. سيطر الحماس وحب الوطن على مظاهر حياة المواطنين، حيث أصبحت جزءا منهم وشغلت مساحات كبيرة من حياتهم، وأضحت ملازمة لهم في كل تحركاتهم لتتأثر الأعراس هي الأخرى بها، ليكون العلم الوطني حاضرا بقوة في سيارات المواكب ويزين خلفياتها إما بعلم كبير أو رايات صغيرة تعلق على الأبواب فتزيدها جمالا، وكذلك البالونات بالألوان الثلاثة الأحمر والأخضر والأبيض إلى جانب شرائط الحرير “الساتان” أو مثلما نصطلح عليه بالعامية “الحاشيات” بالألوان المتعددة، فلا يكاد يمر موكب دونها وكأن الأمر يتعلق بعرس وطني أو مباراة لكرة القدم وليس بحفل زفاف. وفي داخل قاعات الزفاف أصبحت بعض الأغاني على غرار “لاليبارتي” لسولكينغ الأكثر طلبا من قبل الشباب الذين يفضلون التجمع عليها والرقص على أنغامها، ويتفاعلون مع كلماتها ويرددونها كبارا وصغارا مع أن الأمر يتعلق بعرس لكنها بحسب مسيرة قاعة زفاف شرق العاصمة، مطلوبة بكثرة فجميع الأعراس التي تمت بعد منتصف مارس تمت على أنغامها واعتمدتها العرائس في التصديرة عند ارتدائهن لفستان السهرة. وتضيف محدثتنا أن بعض العرائس خلال التقاطهن للصور بتن يحرصن على إظهار العلم الوطني في تلك القعدات، وهي ثقافة جديدة وسابقة من نوعها لم تكن مسجلة في الأعراس الجزائرية حيث لم يعد يستغنى عنه سواء خلال أخذ صور الملابس التقليدية أم الفستان الأبيض حيث يتشارك العروسان في حمله. وتواصل مسيرة القاعة بأن الاقتراحات تتعدد في كل مرة وتختلف من أسبوع إلى آخر مشيرة بأن معظم الأعراس المتزامنة مع يوم الجمعة، تشهد غيابا كبيرا للمدعوين الذين يفضلون الخروج للتظاهر بدل حضور الأعراس وهو ما دفع بالكثير من العرسان الذين سبق لهم حجز القاعة بأشهر للتقدم إليها بغية تغيير اليوم، كاشفة لنا أن إحدى العرائس انهارت بالبكاء عندما دخلت ووجدت القاعة شبه فارغة إلا أنه وبعد الساعة الخامسة بدأ أقاربها بالقدوم مرتدين العلم الوطني مبررين تأخرهم بمشاركتهم في المظاهرات فالوطن قبل كل شيء. ووقع اختيار غالبية شباب الحراك الشعبي على كعكات زفاف على شكل العلم الوطني في يوم فرحة العمر، معلنين تمسكهم بالوطن ودعمهم للحراك الشعبي بمطالبه المشروعة لبناء الجمهورية الثانية حتى في زفافهم، وأكد لنا صاحب محل لصناعة الحلويات والمرطبات “باتيسري” تلقيه عشرات الطلبيات لصناعة كعكات عيد ميلاد وحتى زفاف بألوان الراية الوطنية، فهناك من يفضل كعكة بحجم صغير على شكل قلب أو فراشة وهناك من يحبذها مستطيلة، مربعة أو دائرية بحجم كبير أما بالنسبة لكعكات الزفاف فتكون مكونة من عدة طوابق وعليها العلم الوطني بالنجمة والهلال، إما باستعمال عجينة اللوز الملونة أو باعتماد الفواكه في التزيين كالكيوي والفراولة حسب ذوق الزبون والمناسبة المقدمة فيها، والأسعار تتراوح ما بين 3000 و20000 دج بحسب الحجم ونوعية العجينة المستخدمة إن كانت عجينة سكر أو عجينة لوز. وإلى جانب الكعكات تعرض بعض المحلات حلويات على شكل “صابلي” بألوان العلم الوطني بأشكال مختلفة، باتت تقدم في العديد من المناسبات مع القهوة. كما باتت تصنع بعض الأكلات التقليدية على غرار البغرير بألوان العلم الوطني وتقدم في شكل يمنحها صورة وكأنها لوحة من لوحات الفنية.