بحماس وإرادة قوية امتزجت فيها روح الوطنية وأمل في التغيير ومستقبل أفضل، انطلقت مسيرة الطلبة التي بلغت العدد 14 تحت عنوان “لا رجوع لا رجوع حتى يتم المشروع”، و”ديقاج ديقاج حكومة البريكولاج”، مجددين عزمهم على مواصلة النضال لغاية تحقيق كافة المطالب على رأسها رحيل “جميع وجوه النظام وورثة السلطة”، ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الرابع جويلية، في ظل غياب ظروف نزاهتها وشفافيتها. بأعداد أكبر وبتنظيم أكثر إحكاما، لم يخلف الطلبة في العاصمة وباقي ولايات الوطن موعدهم مع الثلاثاء فخرجوا في كل الشوارع، وعلى غرار الأسابيع المنصرمة، تجمع طلاب الجامعات في الجزائر العاصمة بمحاذاة المدخل الرئيس لجامعة بن يوسف بن خدة “الجامعة المركزية”، إلى جانب ساحة موريس أودان قبل أن يتم الإعلان عن إشارة الانطلاق نحو المصب النهائي في ساحة البريد المركزي، للمطالبة بتحقيق كافة المطالب الداعية إلى التغيير الجذري للنظام ورحيل كافة رموزه من الواجهة، مع الإسراع في إيجاد حلول سياسية توافقية ورحيل ما تبقى من باءات “عبد القادر بن صالح، نور الدين بدوي، معاذ بوشارب”. وجدد الطلبة الذين لم تثنهم مشقة الصيام وارتفاع درجة الحرارة التي تجاوزت 30 درجة مئوية أمس الثلاثاء موقفهم الرافض للتلاعب بمطالب الحراك أو أي فتوى ستصدر من المجلس الدستوري بخصوص الانتخابات الرئاسية، أو تمديد فترة تولي بن صالح لرئاسة الدولة، باعتبار أن هذا يعد حسبهم بمثابة “إعادة النظام القديم بوجوه جديدة”، والأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي تقدم بها عدد من الشخصيات التوافقية على رأسهم طالب الإبراهيمي. “ماكانش البريكولاج يالعصابات” وشهدت مسيرة الثلاثاء كالعادة، تطويقا أمنيا مكثفا، خاصة عند مدخل حديقة صوفيا وشارع عسلة حسين لمنع الطلبة من التوجه إلى شارع زيغود يوسف، حيث رفع الطلبة في مسيرتهم الرابعة عشر، شعارات منها “لا خضوع ولا رجوع”، “جزائر حرة ديمقراطية”، “طلبة صائمون في رمضان حاضرون”، “سنسير حتى يحدث التغيير”، “جيش شعب خاوة خاوة”، كما دعوا إلى رحيل رموز النظام “البوتفليقي” واقتلاع كل جذور “ورثة السلطة”، مرددين بصوت واحد “سيستام ديقاج”، “حرروا الجزائر”، “جزائر حرة ديمقراطية”، “مكاش لبريوكلاج بالعصابات”، مشددين على سلمية مسيراتهم الطلابية، بالرغم من منعهم من الوصول إلى مدرجات ساحة البريد المركزي، التي شهدت حصارا أمنيا من طرف قوات مكافحة الشغب التي طوقت المكان، مما جعلهم يغيرون الوجهة والسير نحو المجلس الشعبي الوطني، فيما فضل الأغلبية البقاء في محيط البريد المركزي. يا قضاة افتحوا الملفات المكان الثاني، الذي استطاع الطلبة الوصول إليه، هو محكمة سيدي أمحمد، بشارع عبان رمضان، التي تشهد تحقيقات واسعة مع عدة متابعين بملفات فساد شملت شخصيات سياسية نافذة ورجال أعمال من الصف الأول، وهناك رافع المحتجون من أجل “عدالة مستقلة” لمحاربة الفساد ومحاكمة كل المتورطين في قضايا نهب المال العام، حيث تعالت الهتافات ب”الشعب يريد قضاء مستقلا” وكذا “يا قضاة يا قضاة افتحوا الملفات”. فيما واصل المئات من الطلبة سيرهم نحو ساحة الشهداء، إلا أن قوات مكافحة الشغب حاصرتهم على مستوى المسمكة ومنعتهم من الوصول إلى عين المكان، بالرغم من المحاولات المتكررة لاختراق الحاجز عدة مرات، إلا أن الجامعيين فضلوا عدم الاحتكاك بأفراد الشرطة، حفاظا على سلمية المسيرة. “لن نرضى بغير رحيل كل رموز نظام بوتفليقة” خرج ككل يوم ثلاثاء، طلبة وأساتذة جامعة “عبد الرحمن ميرة” لبجاية، الذين كانوا في الموعد في مسيرة الصمود للمطالبة برحيل كل رموز النظام السياسي للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة على رأسهم بن صالح وبدوي وحكومة هذا الأخير بشعار “لن نرضى بغير رحيل كل رموز النظام”. وانطلقت المسيرة من القطب الجامعي “تارڤة أوزمور” وصولا إلى ساحة حرية التعبير “سعيد مقبل”، مرورا بمقر الولاية، للمطالبة برحيل كل رموز الفساد ومحاسبتهم، من جهة أخرى فقد جدد الطلبة والأساتذة رفضهم المطلق للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم 4 جويلية المقبل، مطالبين بضرورة المرور الى تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور بشعار “الشعب مصدر السلطة” و”لا صوت يعلو فوق صوت الشعب”. وقد نددت الأسرة الجامعية لجامعة بجاية تزامنا وهذه المسيرة بظروف وفاة المناضل كمال الدين فخار، مطالبين في نفس الوقت بضرورة فتح تحقيق ومحاسبة المتسببين في وفاته. كما تنقل المئات من طلبة جامعات الطارف وقالمة وتبسة وسوق اهراس إلى مقر جامعة باجي مختار بعنابة للمشاركة في مسيرة سلمية، جابت الأحياء المجاورة للجامعة ووصلت إلى وسط المدينة، وجاءت هذه المرة بكثير من الإصرار والتحدي والاتحاد من أجل التغيير الشامل الذي يراه الطلبة في صالحهم وسيمنحهم فرصة الحلم ببلد تسوده العدالة ولا يضعهم في دائرة الخطر الذي جعل غالبية الطلبة يفكرون في الهجرة، وفي العمل في أمور دون مستواهم التعليمي في بلدان أخرى. “جيش.. شعب.. خاوة خاوة” في مسيرات الطلبة كما سار طلبة قسنطينة في أجواء سلمية من جامعة منتوري إلى غاية وسط المدينة كما جرت العادة، وكان إلى جانبهم طلبة ولاية ميلة الذين فضلوا التنقل إلى مدينة قسنطينة، وتوشح الطلبة والطالبات بالأعلام الجزائرية، وجاء في إحدى لافتاتهم بأن الباءات موجودون بكثرة في الجامعات ووجب الإصلاح الشامل في هذا القطاع الحساس الذي أخّرت سياسات النظام الفاشل من مراتبه ضمن الجامعات العالمية. وعلى نفس المنوال، سار طلبة جيجل وبرج بوعريريج في عز الامتحانات في الكثير من الشعب، كما سار الأساتذة والإداريون إلى جانب الطلبة في تعبير مباشرة عن الدعم الكامل للحراك الشعبي الذي دخل الآن شهره الرابع وهدفه الحالي هو إلغاء أو تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من شهر جويلية القادم. من جهتهم، جدّد طلبة وأساتذة مختلف جامعات وهران حراكهم الدوري كل يوم ثلاثاء، في مسيرة جابوا من خلالها شوارع وسط المدينة، بداية من نقطة التقائهم وانطلاقهم بساحة السلاح في حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا، إلى ساحة النصر مرورا بشارع العربي بن مهيدي، وصولا إلى مقر الولاية، حيث رفع المتظاهرون، وأغلبهم من جامعة العلوم والتكنولوجيا، إلى جانب آخرين من جامعة إيجيامو ومعهد الحضارة الإسلامية، نفس الشعارات التي تنادي بتأسيس دولة ليس فيها أي من الوجوه التي تمثل النظام الفاسد، هاتفين “الجيش الشعب.. خاوة خاوة”، “لا لانتخابات قبل رحيل باقي الباءات”، علما أن طلبة وهران يجتمعون يوميا بعد كل إفطار في ساحة السلاح، مشكلين حلقات للتشاور وإثراء النقاش حول موضوع الساعة.