استدعت لجنة الانضباط التابعة للرابطة المحترفة لكرة القدم رئيس فريق شبيبة القبائل شريف ملال والمدير الرياضي لفريق شباب قسنطينة طارق عرامة، قصد المثول أمامها يوم 10 جوان المقبل، ولم يكشف بيان لجنة الانضباط الذي نشرته على موقع الرابطة المحترفة عن أسباب استدعاء ملال وعرامة، إلا أن الأمر يتعلق بتداعيات تسريب تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية دارت بينهما قبل تاريخ 26 ماي الماضي، وتضمنت “محاولة رشوة”، وأمورا خطيرة أخرى. قررت لجنة الانضباط الدخول على خط الأزمة الدائرة بين ملال وعرامة، والتي كشفت مرة أخرى عن الوجه القبيح للمنظومة الكروية الجزائرية الغارق في فضائح الفساد والتلاعب بنتائج المباريات والمراهنات المشبوهة والعنف والمنشطات والمخدّرات، وستستمع لجنة الانضباط يوم الاثنين القادم لأقوال عرامة وملال اللذين يعتبران طرفا الفضيحة التي تفجرت بعد نهاية الموسم الروي الحالي، بإجراء مباريات الجولة ال30 والأخيرة من بطولة الرابطة المحترفة الأولى، والتي أفرزت تتويج اتحاد العاصمة بلقب البطولة، بينما اكتفت شبيبة القبائل بالوصافة. وكان رئيس شبيبة القبائل شريف ملال، أول من فجر خيوط هذه الفضيحة وذلك مباشرة بعد نهاية مباراة فريقه الذي فاز على أهلي البرج بهدفين لصفر يوم 26 ماي الماضي في ختام البطولة. وقال شريف ملال رئيس شبيبة القبائل في تصريحات للصحفيين بعد نهاية مباراة فريقه أمام أهلي البرج:”أريد أن أقول أيضا بأن المنطق لم يتم احترامه أبدا لأن فريق شباب قسنطينة لم يلعب المباراة كما يجب”، مضيفا:”لقد قام مسؤولو شباب قسنطينة بالتواصل معنا، وأكدوا لنا بأنهم بحاجة إلى مبلغ 2.5 مليار سنتيم كي يفوز فريقهم على اتحاد العاصمة ولكنني رفضت ذلك”، قبل أن يورّط ملال نفسه وفريقه في الفضيحة، قائلا:”لقد رفضت المبلغ الذي طلبوه مني، ولكنني عرضت منح كل لاعب من فريقهم مبلغ 20 مليون سنتيم”، وبعدها مباشرة رفض المدير العام لشباب قسنطينة طارق عرامة، الاتهامات التي وجهها لهم رئيس الشبيبة مهددا بمقاضاته، مؤكدا أن فريقه لعب بنزاهة أمام إتحاد العاصمة، وقال عرامة في تصريحات صحفية:”شريف ملال غاضب لأن فريقه لم يحصل على لقب البطولة، لقد سبق له زيارتنا في تونس وتشجيعنا عندما كنا نستعد لمواجهة الترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا، وكان يعتقد أنه وبتلك المبادرة سيتمكن من كسب ودّنا كي نتنازل له على نقاط مباراتنا مع الشبيبة في البطولة، ولكننا فزنا عليه وأظن بأن ذلك أثر عليه”، وتابع:”أقسم بالله أننا لعبنا بنزاهة أمام إتحاد العاصمة، لكن صفوفنا كانت منقوصة من ثمانية لاعبين أساسيين لأسباب مختلفة وهو ما تأثرنا به خلال اللقاء”، وأضاف:”شريف ملال اتصل بي قبل مباراتنا مع الاتحاد أكثر من عشرين مرة ولكنني لم أرد عليه، هو يقول بأنني اشترطت عليه أموالا كي نفوز على إتحاد العاصمة، وأنا أطالبه بإظهار الدليل، وإلا فإن العدالة بيننا”. لكن الفضيحة كانت أكبر، بعدما شهدت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي سهرة الأربعاء الماضي، تسريب مكالمة هاتفية تورط شريف ملال وطارق عرامة في محاولة للإطاحة بفريق اتحاد العاصمة في الجولة الأخيرة من البطولة، قصد حرمانه من التتويج بلقب البطولة الذي ناله في النهاية. وتوضح المكالمة التي دامت قرابة 3 دقائق ونصف، بصراحة قيام ملال بمطالبة عرامة بضرورة الفوز على الاتحاد واحترام أخلاقيات اللعبة، قبل أن يطلب بشكل مفاجئ من عرامة بأنه مستعد لتحفيز لاعبي فريقه ماليا قصد الإطاحة بالاتحاد وكذا إرسال أشخاص إلى قسنطينة، ووافق عرامة على عرض ملال بمنح مكافآت للاعبي الشباب إذ أكد به بأن لاعبيه بحاجة لعلاوات مالية قصد الفوز وأن أشخاصا محسوبين على فريق اتحاد العاصمة عرضوا أموالا كثيرة قصد “شراء المباراة”، وانتهت المكالمة، بتواعد الرجلين على الحديث مجددا حول الأمر. ولم يتأخر رد فريق اتحاد العاصمة، حيث رد على الواقعة ببيان هاجمت فيه كلا من ملال وعرامة، وهددت بمتابعتهما قضائيا، بسبب تأمرهما على نادي “سوسطارة” وكذا تورطهما في الفساد والتحريض على الكراهية، من خلال ما جاء في التسجيل الصوتي الذي تسريبه مؤخرا ويحتوي على مكالمة هاتفية جمعت كلا من ملال وعرامة. وجاء في البيان:”الكرة الجزائرية تلطخت مؤخرا بفضيحة جديدة، بسبب التسجيل الصوتي للمكالمة الهاتفية التي جمعت رئيس شبيبة القبائل شريف ملال والمدير الرياضي لشباب قسنطينة طارق عرامة، والتي نستخلص منه شيئين في غاية الخطورة، وأولهما التآمر ضد الاتحاد وهو ما اتضح من خلال اقتراح ملال منحة تحفيزية للاعبي الشباب، وهو الأمر الذي يعد ممنوعا في كل القوانين، وأما الأمر الثاني فهو أن ملال وعرامة قاما بالتحريض بشكل واضح على الكراهية والعنف، بينما حاول عرامة تغليط ملال من خلال تأكيده بأن فريقنا كان ينوي ترتيب نتيجة المباراة، وهو أمر عار من الصحة تماما، وهنا على عرامة أن يعلّق على هذه الاتهامات الخطيرة أمام العدالة الجزائرية”، وأضاف البيان:”تتحدى إدارة الاتحاد أي كان أن يأتي بدلائل ملموسة على المحاولة “المزعومة” للرشوة من طرف مسؤولي فريقنا، وإدارة الاتحاد بصدد ممارسة حقها قصد متابعة أي شخص يتهم الفريق دون تقديم أدلة قضائيا، وسنقوم أيضا بفضحهم أمام المحاكم”. ومن شأن هذه “الفضيحة” أن تزيد المشهد الكروي الجزائري أكثر قتامة وسوادا، مما هو عليه خاصة بعد تواتر الكثير من الأخبار السيئة في الفترة الماضية، امتدادا إلى مسلسل طويل عريض من الفضائح التي تعيش على وقعها المنظومة الكروية منذ فترة طويلة، على غرار تفاقم ظاهرة ترتيب نتائج المباريات، وكذا استفحال تعاطي المنشطات والمخدرات إضافة إلى عنف الملاعب، وأخيرا “المراهنات المشبوهة” التي ورطت فريقي دفاع تاجنانت ووفاق سطيف.