انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل واسع في مجتمعنا رياض الأطفال بسبب متطلبات الحياة اليومية، واحتياجات النساء العاملات وحتى الماكثات بالبيت لها على حد سواء، فكثيرا ما تكنّ مرتبطات بأشغال تُلهيهن عن تربية أولادهن والاعتناء بهم طوال اليوم، وما خلصنا إليه في هذا الموضوع أن الطلبات باتت في تصاعد على هذه الرياض. وتُعتبر دور الحضانة نموذجا حضاريا في إعداد وتربية النشء، لما تقدمه من برامج علمية تثقيفية تتماشى مع القدرات الذهنية للبراعم الصغار المؤطرين من قبل مربيات لهن اختصاص في الميدان بمؤهلات كبيرة، ولهن من القدرة ما يكفي لتهيئة الأطفال نفسيا وعقليا وفكريا قبل التحاقهم بمقاعد الدراسة. وتبقى هذه الرياض المكان الوحيد تقريبا الذي يوفّر خدمات الطفولة المبكرة والرعاية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم عادة من 6 أشهر إلى 5 سنوات. وقصد الوقوف على خبايا هذا الفضاء، تنقلنا إلى الميدان وقابلنا مديرة روضة "فضاء الملائكة" التي أكدت أن روضتها تستقبل أبناء الأمهات العاملات وحتى الماكثات بالبيت على حد سواء، وهم على ثلاث فئات، رضع ما بين 6 أشهر إلى سنتين، أما الفئة الثانية فتضم الأطفال البالغين ثلاث سنوات، والفئة الثالثة تتراوح أعمارهم ما بين 4 إلى 5 سنوات، ولتسهيل أوضاع التسجيل للالتحاق بالروضة، أعدت بعض المطويّات التي تعرّف بالروضة وأهم النشاطات التي تقام بها، بالإضافة إلى المشاريع المستقبلية. وعن حقوق التسجيل، تؤكد المديرة أنها تأخذ بعين الاعتبار حالة كل طفل وبالتالي ثمن الالتحاق بالروضة غير محدد، ويتغير بتغير الأوضاع. وتضيف مديرة المركز أن روضتها كغيرها من الرياض تخضع لبرامج مسطرة تنصب كلها في قالب يهتم بتربية الطفل وإعداده لعالم الدراسة، سواء من الجانب الفكري أو السيكولوجي من أجل تدارك النقائص والعيوب الموجودة لدى بعض الأطفال، مما يسمح بالكشف عن مواهبهم في مجالات الرسم، التمثيل والغناء وغيرها. وفي حديث جمعنا مع أخصائية نفسانية، أكدت فيه على الدور الكبير والأهمية القصوى التي تحظى بها روضة الأطفال بالنسبة لهؤلاء، حيث أوضحت أن رياض الأطفال باتت أمرا ضروريا خصوصا وأن الطفل من 4 إلى 6 سنوات يتميز بالحركة الدائمة والدؤوبة والنشاط، لذلك تعد الروضة الفضاء الملائم لتجسيد حركته وتفريغ شحناته الطاقوية، وتواصل حديثها بهذا الشأن قائلة: "إنّ دور هذه الرياض ليس بالأمر البسيط والهيّن مثلما يعتقد الكثير، فهي تساهم في تعليم الطفل، كما أنّها تُلقنه كيف يمسك القلم لأول مرة وكيف يتعلّق بالورقة وكيف يتأقلم مع الخارج بدون الاتكال على والديه، إضافة إلى هذا فإن الروضة تكسب الطفل خبرات أكثر في شتى المجالات، كما أن لها دورا كبيرا في بناء شخصيته وتساعده على الاندماج الاجتماعي من خلال بنائه علاقات صداقة مع غيره من الأطفال، كما أن هذه الرياض تبقى دوما الصرح الذي يوفر الرعاية والاهتمام والعناية بهم، أين يجدون مؤطرات لاهتماماتهم وبالتالي إدارتهم بطريقة علمية متقنة". ولمعرفة رأي الأولياء في رياض الأطفال اقتربنا من بعض من سمحت لنا فرصة التنقل للروضة الالتقاء بهم، حيث أكدت لنا إحدى السيدات أنها لم تندم يوما على إلحاق ابنها بالروضة، فهي تكون مُطمئنّة عليه بما أنها مضطرة للذهاب إلى العمل. كما أن الروضة، تضيف المُتحدثة، تعلّمه الاندماج وتضعه في جو من الثقة في النفس. ويضيف آخر أن رياض الأطفال فضاء رحب يساهم في تشجيع الطفل على الاتسام بعادات سليمة، ويغرس القيم التربوية التي يرغب فيها المجتمع، إضافة إلى هذا فمنذ التحاق ابنه بالروضة صار شخصا مميزا، ويعيش الاستقرار النفسي. وعلى هذا الأساس، تبقى رياض الأطفال ملتقى لاهتمامات كل الفئات من أطفال وأولياء ومربّين ومختصّين في الميدان التربوي، كما أنّه من الواجب التشديد على أنّ إيلاء الاهتمام لهذه الأماكن يبقى ركيزة أساسية في إعداد الأجيال القادمة. من جهة أخرى، سجل البعض شيوع النزعة التجارية في فتح بعض دور الحضانة على أساس تزايد الطلب عليها بأي ثمن، خاصة من قبل السيدات العاملات اللواتي يبحثن عن دور للحضانة غير بعيدة عن البيت أو عن مقر العمل بأي ثمن وهو ما يدفع بالبعض الى استغلال الظرف وفتح حضانات لا تتوفر على كامل الشروط الضرورية، الأمر الذي يتطلب رقابة صارمة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالبراءة التي لا يجب أن تربّى بمنطق تجاري. نسيمة بلعباس