“يتنحاو قاع” تطوّرت منذ 22 فيفري، فاستنسخ الجزائريون خلال حراكهم السلمي “يتحاسبو قاع”، “يتعاقبو قاع”، ووصل مع مرور الأيام إلى “نترباو قاع”، و”نتعلمو قاع”، و”نخدمو قاع”، و”نربحو قاع”، و”نتعاونو قاع”، و”الله يهدينا قاع”، وكل هذا “القاع”، هو خطوة جماعية نحو المشاركة في بناء الجزائر الجديدة أو إعادة بناء الجزائر التي تعرّضت للنهب والتخريب والسطو والاختلاس والإفلاس، فاللهمّ حوالينا ولا علينا! فعلا، إرادة الشعب من إرادة الله، وإرادة الله لا تقهر، وهاهم عشرات المتهمين والمتورطين و”الغمّاسين” والمفسدين والفاسدين والمنغمسين في الفساد والإفساد، ملاحقون من العدالة، منهم من تمّ إيداعه السجن، ومنهم من وُضع تحت الرقابة القضائية، ومنهم من ينتظر الحساب، بعد سنوات من العبث واللعب والتلاعب، وسنوات من الإفلات من العقاب بتسخير القانون! الأكيد أن الكثير من الولاة والأميار والمديرين والمسؤولين وبعض الموظفين “الخلاطين”، السابقين واللاحقين والحاليين، عبر البلديات والولايات، لا ينامون هذه الأيام، ويمسكون ببطونهم من شدّة “الخلعة”، وطبعا المثل الشعبي يقول “ألّي في كرشو النار يخاف من التبن”، ولا داعي هنا لتقليب المواجع، وكلّ مواطن يعرف ما حدث في بلديته على مدار عدة سنوات، والفساد الذي تحوّل إلى مهنة ووظيفة وهواية ومصدر ثراء! للأسف، كان الحديث في وقت سابق عن فساد وزير أو وال أو مير أو مدير، مجرّد هرطقات وخزعبلات، ومن المبلغين من تحوّل إلى متهم، ومنهم من دخل السجن بعدما لفق لهم السرّاق و”الباندية” تهما لا أساس لها من الصحة، من أجل التخلّص منه نهائيا، أو إسكاته للأبد، أو على الأقلّ مؤقتا، إلى غاية تسوية الملفات ودفن الدلائل والنجاة من الفضيحة! الآن، وبسبب الحراك الشعبي الذي حرّر الجميع، لم يعد شراء الذمم، ولا استعمال “التلفون” في المنكر والتآمر والتلفيق، ولذلك، تستيقظ يوميا الملفات النائمة والشكاوى المقبورة، وتصحو الضمائر التي تمّ تنويمها مغناطيسيا، سواء بالترهيب أم الترغيب، حتى عمّ شعار “تخطي راسي”، وانخرط بعض النزهاء في فساد الفاسدين، بعدما تمّ استدراجهم وإغراؤهم وتوريطهم، ثم ابتزازهم ومساومتهم وتخويفهم! مصيبة المصائب، أن “العصابة” قصدت إفساد البيئة والمحيط والقمة والقاعدة، حتى يتورط معها الجميع، ويتحولون إلى أدوات ورهينة بين أيديها، لا يتكلمون ولا يبلغون ولا يخونون ولا يهدّدون ولا يطلبون المحال، والأخطر من ذلك، أنه نتيجة لهذا “المخطط المدروس”، نزل الفساد وعشش في كلّ زاوية ونافذة، وأصبح الفاسد الكبير صامتا عن الفاسد الصغير، وصغير المفسدين يسهّل لكبير المفسدين فساده، حتى أصبح هؤلاء وأولئك في الفساد سواء!