برهن المنتخب الوطني أنه يريد قول كلمته من موقع قوة في “كان 2019” بمصر، وعلاوة على تسيير مشواره بنجاح، فإنه عرف زملاء قديورة كيف يفوقون بين الأداء المقنع بنسوج كروية سمحت بتوقيع أهداف بكيفيات متنوعة، ناهيك عن الحفاظ على صلابة الدفاع الذي لا يزال محافظا على نظافة شباك مرمى الحراس مبولحي الذي يوجد على بعد 30 دقيقة فقط لمعادلة رقم الحارس سرباح في “كان 84″، في الوقت الذي يبقى الأهم هو تجاوز عقبة فيلة كوت ديفوار في الدور ربع النهائي. أكدت مباراة الدور ثمن النهائي التي نشطها المنتخب الوطني أول أمس ضد نظيره الغيني عن الكثير من النواحي الايجابية التي أبانت عنها تشكيلة المدرب جمال بلماضي، خاصة من حيث الذكاء في تسيير مجريات التسعين دقيقة، وكذا إعطاء المنافس القيمة التي يستحقها، وهذا بناء على فلسفة الطاقم الفني الذي عرف لحد الآن كيف يستثمر في خدمات لاعبيه وفق الإمكانات التي يتمتعون بها، مع مراعاة الخيارات الفنية التي تتماشى مع متطلبات المنافسة الإفريقية، وكانت الخلاصة تسجيل نتائج فاقت التوقعات، مكنت المنتخب الوطني من إعطاء صورة مشرفة للكرة الجزائرية في العرس الإفريقي، خاصة وأنه بات من المنتخبات التي خطفت الأضواء، ومرشحة أكثر من أي وقت مضى بالسير أبعد حد في دورة هذا العام، ما يجعل الاهتمام منصب على كيفية تجاوز عقبة الدور ربع النهائي أمام فيلة كوت ديفوار. دفاع صامد وهجوم شرس.. نسوج كروية أثمرت أهدافا متنوعة ويبقى الشيء الايجابي في مردود العناصر الوطنية هو استعادتها لنكهة وتقاليد الكرة الجزائرية التي تعتمد عادة على اللعب القصير والتمريرات الدقيقة والفعالة، ما جعل “الخضر” يبدعون بنسوجهم الكروية التي أثمرت لحد الآن بتسجيل أهداف جميلة ومتنوعة من كيفيات مختلفة، من ذلك الثلاثية التي وقعها رفقاء بن سبعيني في مرمى المنتخب الغيني، وإذا كان التمرير القصير على مستوى الأجنحة هو القاسم المشترك، فإن حسن التموقع والتوغل في عمق دفاع المنافس كثيرا ما صنع الفارق، على غرار ما حدث في هدف بلايلي بعد ثنائية خاطفة مع زميله بونجاح، والكلام ينطبق على الطريقة الإبداعية في الهدف الذي وقعه اللاعب محرز اثر تمريرة على طبق من بن ناصر، ودون نسيان الهدف الثالث الذي أبدع فيه آدم وناس بعد تمرير على الجهة اليمنى من عطال، وهي أهداف جمعت بين الجمالية وكشفت أيضا عن الفعالية في الأداء الهجومي، موازاة مع العمل الكبير والمشترك القائم على مستوى الوسط والدفاع، بدليل تكليف المدرب جمال بلماضي عددي لاعبيه في الوسط والهجوم بالقيام بعمل إضافي لمساعدة زملائه في الجهة الخلفية لتكريس صلابة الدفاع الذي لا يزال محافظا على نظافة مرمى الحارس مبولحي بعد 4 مباريات كاملة. وناس وبلايلي مبدعان وبلماضي بخطة “كلهم دفاع وهجوم” وإذا كان الطاقم الفني بقيادة المدرب جمال بلماضي يركز كثيرا على الاستثمار في ورح المجموعة، مع إرغام لاعبيه على الانضباط التكتيكي، وهو المر الذي قلل من اللعب الفردي العشوائي، فإن من الإضافات التي وقف عليها بعض المتتبعين هو تكريس الطاقم الفني لمبدأ الأداء المزدوج في الدفاع والهجوم، بدليل ان لاعبيه في الوسط والخط الأمامي كثيرا ما يعودون إلى الوراء لمساندة زملائهم لتأمين الجهة الخلفية، بما في ذلك القلب النابض رياض محرز، وهو الأمر الذي مكن “الخضر” من التفوق العددي على منافسيه، وكذا التقليل من الخطورة الهجومية، مع الاعتماد في عدة مناسبات على الهجمات المعاكسة التي كثيرا ما أثمرت أهدافا حاسمة، وفي مقدمة ذلك الاستثمار في الكرات التي يضيعها المنافس، بدليل الهدف الوحيد في مرمى السنغال الذي كان نتيجة الكرة التي استرجعها عطال من خط الوسط وحولها إلى هجمة سريعة وجماعية مكنت بلايلي من صنع الفارق، والكلام ينطبق على أهداف أخرى أبدعت فيها العناصر الوطنية حتى في مباراة الدور ثمن النهائي أمام غينيا، وكانت الخلاصة أن بلماضي أصبح يسير نحو تطبيق مبدأ لعبة كرة اليد بشعار “هؤلاء 10 في الميدان كلهم دفاع وهجوم”، خاصة في ظل إبداعات وناس وبلايلي، وكذا مساندة بن ناصر وعطال، إضافة إلى الدور الكبير الذي يقوم به محرز وبقية زملائه على مستوى الخطوط الثلاثة. وناس ومحرز وبلايلي هدافون بامتياز وبعيدا عن اللعب الجماعي الذي أبدعت فيه العناصر الوطنية لحد الآن، فإن المنتخب الوطني يسير نحو تحكيم عدة أرقام فردية، وهذا بناء على الحصيلة المسجلة لحد الآن، حيث تربع آدم وناس صدارة هدافي “الكان” ب 3 أهداف رغم أنه لعب 90 دقيقة، وهذا مناصفة مع لاعبين أفارقة آخرين بنفس الرصيد، يليه زميليه محرز وبلايلي بثنائية، علما أن محرز يوجد في رصيده 5 أهداف وقعها في نهائيات كأس أمم إفريقيا، ما جعله يلتحق ببلومي وجمال مناد، وكان محرز قد سجل هدفا في مرمى السنغال في “كان 2015″، وثنائية في مرمى زيمبابوي في دورة “‘الغابون، في الوقت الذي سجل لحد الآن هدفين في دورة مصر، ويسير نحو توقيع أهداف أخرى في بقية المشوار، فيما يوجد الحارس مبولحي على بعد 30 دقيقة فقط من معادلة رقم الحارس مهدي سرباح، حيث أن مبولحي لم يتلق أي هدف على مدار 4 مباريات (360 دقيقة)، فيما حافظ سرباح على نظافة شباكه لمدة 390 دقيقة في “كان 84” بكوت ديفوار، كان ذلك في مباريات ملاوي وغانا ونيجيريا، وكذا مباراة الدور نصف النهائي أمام الكاميرون التي دامت 120 دقيقة وابتسم الحظ للأسود غير المروضة بفضل ركلات الترجيح. وبصرف النظر عن كل هذه المعطيات والأرقام والمؤشرات، فيبقى أبناء المدرب جمال بلماضي أمام حتمية التحلي بالواقعية، ومنح الأهمية لمباراة الغد أمام كوت ديفوار، وهذا بغية تجاوز عقبة الدور ربع النهائي، وبالمرة مواصلة الإبداع والإقناع بغية تعبيد الطريق بنجاح.