(اليوم على 20:00 سا بالقاهرة) هي 90 دقيقة أو 120 دقيقة، على أقصى تقدير، تلك التي تفصل المنتخب الوطني الجزائري عن النهائي الحلم لمنافسة كأس أمم إفريقيا، المقامة حاليا بمصر. عندما يصطدم بمنتخب نيجيريا، سهرة اليوم بداية من الساعة الثامنة بتوقيت الجزائر، بملعب القاهرة، في إطار الدور نصف النهائي من المحفل الكروي القاري. في مواجهة لا مجال فيها لأشبال بلماضي سوى الفوز وتقديم كل ما لديهم من أجل حجز مقعدهم في النهائي الكبير، الذي غاب عنه الخضر منذ 29 سنة كاملة، من سنة 1990 حين توج الأفناك بأول وآخر لقب إفريقي في تاريخ الساحرة المستديرة الجزائرية.. أمل وحلم زادا وكبرا كثيرا بعد بلوغ كتيبة محاربي الصحراء مربع الكبار، إثر ملحمة السويس التي أطاحوا فيها بمنتخب كوت ديفوار في الدور ربع النهائي، بعد مباراة ماراطونية امتدت إلى ركلات الترجيح، حسمها رفقاء الحارس مبولحي بإرادة وقلب جزائري أثبت به بغداد بونجاح ورفاقه أنهم صامدون ولن يتنازلوا عن حلم التتويج بسهولة، هذا ولن تكون مهمة منتخبنا الوطني سهلة أمام منافس صلب وقوي، سيدافع بدوره عن كل حظوظه لبلوغ المباراة النهائية بهجوم قوي ودفاع صلب ووسط ميدان نشيط، إضافة إلى لاعبين ببنية جسدية قوية كثيرا ما لعبت دورا حاسما في انتصاراتهم، خاصة أنهم استفادوا من يوم راحة إضافي مقارنة بالخضر، وهو ما يمنحهم أفضلية طفيفة من الجانب البدني، إلا أنها لن تقف عائقا أمام المحاربين من أجل مواصلة الحلم حتى النهائية وإهداء 40 مليون جزائري فرحة كبيرة تنسيهم الضغط الذي يعيشونه في مرحلة حساسة في تاريخ الجزائر، تزامنا مع الحراك التاريخي للشعب الجزائري. غياب عطال النقطة السوداء لكن بلماضي يملك حلولا عديدة سيكون المنتخب الوطني منقوصا في مواجهة اليوم من خدمات الظهير الأيمن، يوسف عطال، الذي أنهى المنافسة، رسميا، بسبب الإصابة التي تعرض لها على مستوى الكتف في لقاء كوت ديفوار، والتي ستبعده عن الميادين لمدة لن تقل عن خمسة أسابيع، وهي الضربة الموجعة التي تلقتها التشكيلة الوطنية نظرا لوزن نجم نيس الفرنسي ضمن حسابات الناخب الوطني جمال بلماضي، هذا الأخير ورغم تحسّره إلا أنه يملك عديد الحلول على الجهة اليمنى لتعويض غياب عطال، أين يمكنه الاعتماد على البديل مهدي زفان، مع الحفاظ على نفس تركيبة الدفاع في المحور والجهة اليسرى، والتي قد تشهد تغييرا في حال قرر مدرب الخضر الاعتماد على رامي بن سبعيني كظهير أيمن، مع الزجّ بمحمد فارس على الجهة اليسرى، في الوقت الذي يبقى تحويل عيسى ماندي للجهة اليمنى ممكنا مع الاعتماد على مهدي تاهرات لتشكيل محور الدفاع مع جمال بن العمري، ومهما كان خيار بلماضي فإن المهمة ستكون صعبة على دفاع الأفناك والحارس مبولحي أمام مهاجمين نيجريين أقوياء، وهو ما يستوجب حضورا بدنيا وذهنيا كبيرا لمدافعينا. وسط الميدان أمام تحدّ كبير لفرض منطق «الخضر» هذا ولن تكون مهمة لاعبي وسط الميدان أسهل من نظرائهم في الدفاع من أجل الاستحواذ على الكرة واسترجاعها في أسرع وقت ممكن عند تضييعها، لفرض منطق المنتخب الوطني في وسط الميدان، والذي يتيح له تسيير اللقاء ومنع المنتخب النيجيري من تطبيق طريقة لعبه لعدم منحه الفرصة لاكتساب الثقة، وهي الوظيفة التي سيتكفل بها الثلاثي إسماعيل بن ناصر، عدلان ڤديورة وسفيان فيغولي، هذا الأخير الذي سيكون جاهزا بنسبة كبيرة جدا للقاء، بعدما أكدت الفحوصات التي خضع لها عدم خطورة الإصابة التي تعرض لها في لقاء كوت ديفوار في الدور ربع النهائي، وهو ما يريح بلماضي الذي يعول كثيرا على أفضل لاعب في نادي غالاتاسراي التركي الموسم المنصرم لتحمّل المسؤولية فوق المستطيل الأخضر ومنح الدعم اللازم لزملائه، سواء فنيا أو معنويا، بروحه الانتصارية وتوجيهاته الدائمة. محرز وبلايلي يقودان الهجوم وبونجاح لردّ دين الأنصار من جانبهما، يحمل الثنائي رياض محرز ويوسف بلايلي آمال الجزائريين ومعهم كل الأحرار العرب الذين يساندون كتيبة محاربي الصحراء، للقيام بدورهما في الخط الأمامي وقيادة الهجوم من أجل زعزعة دفاع المنافس والوصول إلى مرمى الحارس النيجيري، أومنح تمريرات حاسمة للمهاجم بغداد بونجاح الذي يتواجد أمام تحد كبير للانتفاضة واستعادة حسّه التهديفي الذي غاب عنه منذ المواجهة الأولى أمام كينيا، التي سجل فيها هدفا من ركلة جزاء، كما سيكون هداف السد القطري أمام فرصة كبيرة لرد دين أنصار الخضر الذين ساندوه كثيرا ورفعوا معنوياته عقب إهداره ركلة جزاء في مباراة كوت ديفوار، وهو الذي لن يجد فرصة أفضل من قيادة منتخبنا الوطني إلى نهائي أكبر محفل كروي قاري للتعويض ورد دين عشاق المنتخب الوطني. المباراة تلعب على جزئيات والجانب البدني الأهم لا يختلف اثنان على أن المباريات الحاسمة والمصيرية تلعب على جزئيات صغيرة، وهو ما ينطبق على مواجهة نصف النهائي، اليوم، بين منتخبنا الوطني ونظيره النيجيري، التي ستطغى عليها لغة الحسابات والحذر من الجانبين، أين سيسعى كل طرف لاستغلال نقاط قوته ونقاط ضعف منافسه لخطف تأشيرة التأهل إلى نهائي 19 جويلية، ويعتبر الجانب البدني أهم جزئية تلعب عليها المواجهة التي سيحسمها صاحب النفس الطويل، وهو ما يحتم على عناصرنا الوطنية التعامل بذكاء مع معطيات اللقاء وتسيير جهدهم البدني بأفضل صورة لضمان إنهاء المواجهة بقوة وعدم الانهيار، خصوصا في حال امتداد المقابلة إلى الوقتين الإضافيين، على غرار مواجهة كوت ديفوار الأخيرة، وهو ما ركز عليه بلماضي الذي خصص آخر حصتين تدريبيتين، أمس وأول أمس، للاسترجاع بالدرجة الأولى، موازاة مع العملين الفني والتكتيكي من خلال وضع آخر اللمسات على التشكيلة التي سيرفع بها التحدي في وجه أشبال المدرب روهر. الدخول القوي في المباراة والصلابة الدفاعية لتفادي اختلاط حسابات البداية هذا وعودنا المنتخب الوطني على الدخول المتأخر في المواجهات منذ بداية «كان» أم الدنيا، وهو ما يدخل ضمن استراتيجية الناخب الوطني الذي يسعى لامتصاص حرارة المنافس قبل فرض منطق الخضر على اللقاء، إلا أنه يجب الحذر من تلقي أي هدف مباغت خلال العشرين دقيقة الأولى سيخلط حسابات الجميع ويدخل اللاعبين في فخ التسرع ويزيد من حجم الضغط الملقى على عاتقهم، خاصة أن المنتخبات الكبيرة في صورة نيجيريا تمتاز بهجوم قوي قد لا يمنحنا فرصا عديدة في حال ارتباك الدفاع، في صورة مواجهة كوت ديفوار الأخيرة، حين دخل المدافعون مرتبكين، وهو ما كاد يكلفنا غاليا لولا غياب الفعالية الإيفوارية، وهو ما يجب أن يأخذه بلماضي ولاعبوه بعين الاعتبار، بصلابة دفاعية ووسط ميدان حاضر طيلة التسعين أو 120 دقيقة في حال المرور للوقتين الإضافيين، في مهمة سيتكاثف الجميع بمن فيهم المهاجمين من أجل تقسيم المجهودات البدنية في المباراة. مهما حدث يعطيكم الصحة.. شرّفتمونا وفي الأخير، يجب على جميع اللاعبين والناخب الوطني جمال بلماضي وطاقمه الفني أن يدركوا أن الشعب الجزائري ينتظر منهم إسعاده وتحقيق الفوز والتأهل إلى الدور النهائي على أمل العودة بالتاج القاري من أرض الكنانة يوم 19 جويلية الجاري، لترصيع قميصنا الغالي بالنجم الذهبية الثانية، ولكن عليهم أن يتأكدوا، بالموازاة مع ذلك، أن 40 مليون جزائري فخورون بمنتخبهم ومحاربيه الذين شرفوا الراية الوطنية وصنعوا الحدث في كأس إفريقيا، بعدما نصّبوا أنفسهم نجوما فوق العادة بمستواهم الكبير وروحهم وإرادتهم التي جعلت الجميع يشيد بهم وعلى رأسهم أنصار الخضر الذين يتمنّون رؤية منتخبهم في النهائي، إلا أنهم لن يتوانوا في التصفيق لرياض محرز ورفاقه مهما كانت نتيجة لقاء اليوم بعدما كسبوا قلوب الجزائريين.