من المفاجآت السارة وغير المتوقعة التي حدثت في كان القاهرة مع فوز الخضر باللقب الإفريقي، هو الحالة الجيدة لدفاع المنتخب الجزائري، الذي لم يتلق في المباريات السبع التي لعبها سوى هدفين، أحدهما من ضربة جزاء، ولم يكن ذلك بسبب تألق الحارس رايس مبولحي وإنما بالتكتيك الدفاعي الذي طبقه جمال بلماضي وبتركيز اللاعبين بشكل رائع، خاصة جمال بلعمري وعيسى ماندي ومساهمة اللاعبين إسماعيل بن ناصر وعدلان قديورة في الذود عن الخطط الدفاعية، ومرت المباريات السبع الثقيلة، من دون أن يحدث أي انفراد بالحارس مبولحي أو خطر حقيقي جعله يعيش حالة طوارئ، ولا أحد برغم فوز الخضر بكل المباريات، وضع رايس مبولحي ضمن أحسن اللاعبين الجزائريين، لأن عرينه لم يواجه الخطر والضغط الشديد ولم يرتكب الدفاع أخطاء فادحة جعلته يعيش أوقاتا عصيبة، وفي لمح البصر تحولت النقطة السوداء في المنتخب الجزائري وهي خط الدفاع إلى نقطة مضيئة وحتى لو تغيّرت تركيبة الدفاع بلاعبيها فإن الأداء سيكون نفسه، بسبب الخطة التي يلعب بها جمال بلماضي، بجعل أحسن خطة للدفاع هي الهجوم، وبالعلاقة المتينة بين خط الوسط والدفاع التي نجحت في كل المباريات خاصة في اللقاء النهائي الذي سيطر فيه المنتخب السنغالي بالكامل، ولكن من دون تمكنه من خلق فرص سانحة للتسجيل. حتى اللاعبين من ذوي المهارات الكبيرة في صورة ساديو ماني واجه الخضر في مناسبتين في البطولة الإفريقية، ولم يتمكن من خلق فرص التسجيل وعجز عن التنفس بالرغم من تغييره لطريقة لعبه وتنقله عبر كامل محاور الهجوم، وعجزت المنتخبات التي واجهت الجزائر، عن صنع الفرص من القذفات من منطقة 18 متر بسبب الحائط البشري القوي، ولم يزد عددها عن أربع طوال المنافسة إحداها ارتطمت في القائم في مباراة كوت ديفوار وثانية مع نفس المنتخب سكنت الشباك، واثنتين في اللقاء النهائي أمام السينغال، حيث خرجت الأولى في الشوط الأول فوق العارضة والثانية أخرجها مبولحي ببراعة في الشوط الثاني إلى الركنية. كل المؤشرات توحي بأن جمال بلماضي قادر على ضخ لاعبين جدد في المباريات القادمة خاصة الرسمية في كل المحاور، إلا في خط الدفاع، فقد فتح ورشة عمل في هذا الجنب الذي كان مفلسا، ونجح في خياراته وجنى الثمار سريعا في كأس أمم إفريقيا في مصر، وستكون مخاطرة كبيرة لو غيّر من اللاعبين، وحتى فوزي غولام العائد بقوة مع نابولي قد يجد مكانه محجوزا، إذا نجح رامي بن سبعيني في فرض نفسه في بوريسيا مونشن غلاد باخ، في دوري ألماني قوي مع فريق تاريخي له من الألقاب أكبر وأهمّ من ألقاب فريق نابولي الإيطالي الذي لا يمتلك غير كأس واحدة للاتحاد الأوروبي، وخزانة بوريسيا مونشن غلاد باخ أثرى من خزانة تتويجات نابولي على الصعيدين المحلي والأوروبي. قوة دفاع الخضر تمثلت في طريقة لعب الثنائي جمال بلعمري وعيسى ماندي فالأول يلعب بطريقة قتالية وبدنية من دون أن يرتكب الأخطاء التي كان يرتكبها رفيق حليش في منطقة العمليات حيث كانت تدخلاته عنيفة وغير مفهومة في بعض الأحيان كما حدث أمام منتخب مصر في نصف نهائي كان 2010 في أونغولا حيث كان السبب الأول في الخسارة القاسية برباعية أمام الفراعنة وهو الذي أخرج اللاعبين عن تركيزهم، وتكمن في رزانة عيسى ماندي وتركيزه الكبير، واحترافيته كقائد مخفي للدفاع على طريقة مجيد بوقرة، وهو ما جعل الثنائي يتحوّل في ظرف وجيز إلى أحسن ثنائي كسبه الخضر في تاريخهم إن تواصل العمل على نفس المنوال وبلغ المنتخب الجزائري المونديال حيث سيكونان سويا أي ماندي وبلعمري قد تجاوزا سن الثلاثين ولكنهما سيكونان في قمة العطاء في حالة تفادي الإصابات. صحيح أن اللاعبين ماندي وبلعمري يلعبان في دوريان مختلفان تماما، وصحيح أنهما لا يلتقيان إلا نادرا عندما يلعب الخضر بين الحين والآخر، ولكن تواجدهما لمدة قاربت الشهرين سويا جعلتهما وكأنهما يلعبان مع بعض منذ الفئات الصغرى، حيث لعب ماندي في مناصب متعددة من عهد خاليلوزيتش وكان مدافعا أيمن في مونديال البرازيل 2014، بينما يعتبر بلعمري الضيف الدائم للخضر من دون أن يلعب، وهذا بسبب عدم حصوله على عقد للعب في الدوريات الأوروبية الكبرى. لن يتفلسف كثيرا جمال بلماضي في منطقة خط الدفاع فالفريق الذي لا يتلقى الأهداف لا يجب زعزعته بالتغييرات، خاصة في طريقة اللعب فقد يغيب ماندي أو بلعمري أو حتى كليهما وسيبقى الأداء على حاله في وجود لاعبي وسط معروفة أدوارهم التأمينية وأيضا ليس بالضرورة أن يقوم بها عدلان قديورة أو إسماعيل بن ناصر وهذا في أسوء الأحوال، وماعدا ذلك فللخضر مدافعين إلى غاية المونديال. ب.ع