كشفت محاكمة واحدة من اخطر العصابات التي استباحت في وقت سابق حياة عشرات المهاجرين من الشباب والعائلات بما فيهم الأطفال والنساء، كيف يتمّ استغلال رغبتهم الجامحة في عبور المتوسط لأجل جنة الأحلام في أوروبا، للمتاجرة بهم ودفعهم لركوب البحر في قوارب الموت، وجني من وراء ذلك أموالاً طائلة. ذلك هو ما استعرضته محكمة الجنايات بالدار البيضاء بالعاصمة نهاية الأسبوع، خلال سماع أقوال أفراد عصابة تتكون من أربعة أشخاص وتعلق الأمر، بغطاس وبائع سمك وبائع “محاجب” على شاطئ البحر، وكذا العقل المدبر، وهو صاحب منزل صيفي بشاطئ عين البنيان المدعو”صامي”، والذي اتخذ من منزله وكرا سريا لمخططات عصابته التي عملت بذكاء على تنظيم رحلات لتهريب الشباب الراغبين في الوصول إلى الضفة الأخرى بإسبانيا، انطلاقا من سواحل العاصمة على متن زوارق خشبية صغيرة وغير آمنة مقابل دفعهم مبلغ 15 مليون سنتيم لكل فرد، واستدراج زبائنهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي”فايسبوك”. التحقيقات الأمنية بالملف باشرتها مصالح الضبطية القضائية شهر نوفمبر 2019، بعد تلقى مصالح أمن باب الواد عدة شكاوي أودعها أشخاص ينحدرون من العاصمة والشلف، حول تعرضهم للاحتيال من قبل مجموعة إجرامية كانت تعرض رحلات نحو إسبانيا، عن طريق شاب يدعى “خ،ن”، الأخير كلف من طرف المتهم الرئيسي بجلب الزبائن والتفاوض معهم حتى لا يظهر هو في الصورة أو يعرض نفسه للخطر، حيث يعرض عليهم خدمات نقل المهاجرين نحو إسبانيا مقابل 15 مليون سنتيم و400 أورو، وبعد جلب الزبائن يتم تجميعهم داخل منزل المتهم الرئيسي لمدة 20 يوما، ليتكفل عضو آخر في العصابة بالحماية والأمن لمراقبة تحركات حراس السواحل وكذا أحوال الطقس، ويتم قبل الانطلاق تحضير المؤونة، من تمر وحلويات، لتناولها خلال رحلتهم التي تستغرق 12 ساعة في عرض البحر، لتنطلق الرحلة بعد تجهيز القارب وعلى متنه 14 شخصا، برفقتهم مرشد استغل تجربته في الإبحار للعمل كمرشد لقوافل المهاجرين السريّين. واستمرارا للتحريات، تبين أن المتهم الرئيس محل أمر بالقبض منذ سنة 2015 صادر عن محكمة بئر مراد رايس، واتضح بعد التحقيقات الميدانية وجود علاقة بين المشتبه فيهم انطلاقا من سجل مكالماتهم التي اثبت اتصالات مستمرة بينهم طيلة الأشهر الأخيرة. بالمقابل أشار النائب العام خلال مرافعته أن الأدلة كلها تدين المتهمين وتثبت تورطهم، وعليه طالب بتطبيق أقصى عقوبة مقدرة وهي عشرة سنوات سجنا مع حرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية في إنتظار النطق بالحكم الابتدائي .