يضم مركز العمليات بقيادة الدرك الوطني ثلاثة مكاتب، يتم عبرها استغلال المعلومات الواردة من الوحدات العملياتية للدرك لترسل بعدها إلى الهيئات المعنية لإعلامها بالوضعية العامة للبلاد في مختلف المجالات، ويعمل هذا المركز بالتنسيق مع مركز العمليات للمديرية العامة للأمن الوطني، والمديرية العامة للحماية المدنية، مصالح الأرصاد الجوية والمركز الوطني للزلازل. وتكمن المهام الرئيسية لهذا المركز في الحصول على المعلومة في وقتها للتحرك واتخاذ الإجراءات اللازمة للتدخل في الوقت المناسب في الاعتداءات الإرهابية والكوارث الطبيعية والحركات الاحتجاجية، وهو "عين وأذن قيادة الدرك الوطني" المركز يقع بمقر قيادة الدرك الوطني بالشراقة غرب العاصمة، في الطابق الأرضي، يعمل 24 /24 ساعة دون انقطاع. المكان متواضع باستثناء بعض التجهيزات، لكن المقدم بن لوريسي مبارك، رئيس المركز يؤكد أهمية هذه المصلحة التابعة لقيادة الدرك الوطني، على خلفية أن جميع التقارير والمعلومات حول مختلف أحداث الوطن ترد إلى هذا المركز من جميع الوحدات العملياتية التابعة لجهاز الدرك الوطني، خاصة من قاعات العمليات بالمجموعات الولائية المنتشرة على المستوى الوطني ومن حرس الحدود أيضا في حينها، وتصل أول مرة دون تفاصيل، ولاحظ أن جميع المعلومات الواردة تحمل الطابع الاستعجالي ومهمة، يتم على مستوى المركز التأكد منها وجمع المعلومات واستغلالها، وأشار المقدم بن لوريسي خلال عرض مهام هذا المركز عندما تنقلنا إليه. وعلمنا في وقت لاحق أن "الشروق" هي أول وسيلة إعلامية يفتح لها المركز أبوابه لتكون لنا فرصة اكتشاف عمل مصلحة "خفية" تعد العمود الفقري للمؤسسة العسكرية باعتبارها تحدد "الوضعية العامة للبلاد" تبعا للمعلومات المستقاة الواردة من الوحدات العملياتية للدرك، وأغرتني بعض المعلومات التي كانت ترد إلى مختلف المكاتب خلال تواجدي هناك، وتتعلق بحوادث مختلفة، بسيطة وعادية وأخرى ذات أهمية بالغة، وحرص العقيد أيوب عبد الرحمن، رئيس خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني الذي رافقنا خلال هذه المهمة على ألا نطلع على المعلومات المرتبطة بمكافحة الإرهاب، حيث كان يشدد كل مرة على أن مصالح الدرك الوطني لا تملك صلاحية إعطاء معلومات أمنية، لكنه أوضح أنه كمؤسسة عسكرية يسهر جهاز الدرك الوطني على مكافحة الجريمة بكل أشكالها بما في ذلك الإرهاب، ويتم إعلام السلطات العسكرية المعنية من خلال تقارير تتضمن أيضا توصيات وتوقعات وإحصائيات أيضا. الأولوية لأمن واقتصاد البلاد ويتوزع المركز على ثلاثة مكاتب رئيسية، أهمها مكتب الاستغلال، وأوضح المقدم بن لوريسي مبارك، أن هذا المكتب يتلقى المعلومات من مختلف الوحدات العملياتية ويتم استغلالها في حينها، من خلال إعلام أولي للجهات المعنية، ثم يتم بعدها إرسال المعلومة دون تفاصيل، ليتم جمع المعلومات وكافة المعطيات مع تشخيص المعلومة وبعدها تحديد الوضعية، ويتم في آخر مرحلة إعداد نشرة معلومات توجه للسلطات المدنية والعسكرية المعنية بالحدث وطبيعته. وأفاد المقدم بن لوريسي، أنه يتم على مستوى هذا المركز، إعداد نشرة يومية حول المعلومات الأمنية "تكون جاهزة على الساعة السابعة والنصف صباحا على أقصى تقدير وتوجه هذه النشرة إلى مصالح وزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني". أسأل رئيس مركز العمليات عن طبيعة المعلومات الواردة في هذه النشرة والأولوية فيها، ليشير إلى ترتيب الجريمة المنظمة في الأول على خلفية أنها تضر بأمن واقتصاد الدولة وتعكس هذه النشرة المهام الأساسية لجهاز الدرك الوطني ويقصد بالجريمة المنظمة "الإرهاب، الجرائم الاقتصادية، التهريب، الهجرة غير الشرعية، تهريب المخدرات، تزوير العملة النقدية، تزوير السيارات، تهريب الأسلحة"، ثم المعلومات ذات الطابع الإداري وبعدها المعلومات ذات الطابع القضائي، تليها المعلومات المتعلقة بالأمن العمومي، وأوضح المقدم بن لوريسي، أن العمليات هنا تتعلق بجرائم القتل، السرقات، الإعتداءات، الإخلال بالنظام العام والاحتجاجات، وتتضمن النشرة أيضا معلومات حول أمن الطرقات، خاصة حوادث المرور المميتة إضافة إلى معلومات تتعلق بالبيئة والمساس بالمحيط إضافة إلى الفيضانات، الأحوال الجوية، الحرائق، الغرق، الانتحارات، الزلازل، كما ترد في هذه النشرة المعلومات المتعلقة بالأحداث التي تقع مثلا على الحدود الجزائرية. وحرص مسؤول الدرك على التأكيد على أنه من أهم مزايا مركز العمليات "السرعة في تلقي المعلومة في وقتها الآني مما يسمح بالتدخل الناجع وإمكانية إطلاق الإنذار في الحالات الإستعجالية والطوارئ"، معتبرا أن مركز العمليات هو "همزة وصل بين قيادة الدرك الوطني والوحدات العملياتية".. التقارير تكون مدعمة بتوصيات واقتراحات تنقلنا بعدها إلى مكتب التخطيط والتحضير، وهو ثاني مصلحة بمركز العمليات، حيث يشرف على دراسة الأحداث الهامة وتحليل الإحصائيات، ولخص المقدم بن لوريسي، مهام هذا المكتب في اعتباره "بنك معلومات بالنسبة لمركز العمليات"، حيث يقوم بتدوين جميع المعلومات الواردة إلى المركز، وتحليلها وتصنيفها في ملفات مع إعداد تقرير شامل يكون أحيانا مرفوقا بتوصيات واقتراحات تتعلق بالتدخلات وحتى توقعات بأحداث، خاصة ما تعلق بالمشاكل الاجتماعية، وتمكنت خلال اطلاعي على بعض الملفات المخزنة، من ملاحظة إعداد ملف خاص بالتائبين يتضمن عددهم، مناطق انتشارهم، الجماعات التي كانوا ينشطون تحت لوائها وجميع المعلومات عنهم، إضافة إلى الاعتداءات الإرهابية موزعة على تفجيرات، مجازر، اغتيالات، ويمكن الرجوع الى هذه الملفات التي تعرف هنا ب"الذاكرة" لمقاربة العمليات. ويتوفر المركز إضافة إلى ذلك على المكتب التقني الذي يتمثل في وسائل الإتصال الموزعة على وسائل تقليدية مثل الهاتف الثابت، الفاكس، وتدعم مؤخرا بشبكة انترانت تم ربطها بمركز العمليات والوحدات العملياتية الجهوية وحرس الحدود، ويتلقى المركز المعلومات من وسط البلاد عن طريق أجهزة اتصال لاسلكية بقاعة العمليات التابعة لمجموعات ولايات : تيبازة، المدية، البليدة، العاصمة، بومرداس، وتتمثل خصوصية هذا النوع من الإتصال في الحصول على المعلومة "ساخنة" في وقتها لموقع العاصمة الاستيراتيجي وتمركز أهم الهيئات الوطنية والأجنبية بها. ويعتمد مركز العمليات أيضا على الخريطة خلال معالجة المعلومات الواردة أو الأحداث، وشرح لنا ضابط بالمصلحة، أنه يتم إعداد الخريطة الورقية أو على جهاز الكمبيوتر بناء على قاعدة معلومات يتوفر عليها المركز حول البلديات وموقع المناطق والفرق التابعة للدرك الوطني، وتابعنا معه حادثة اغتيال 7 دركيين ببني يني بولاية تيزي وزو قبل أشهر، حيث تم على الخريطة تحديد مكان الإعتداء، ومنها أهم المواقع ونقاط المراقبة لضبط خريطة تدخل آنية وناجعة وسريعة "لا تكون عشوائية وغير مضبوطة حتى نحقق نتائج فعالة" وجدد المقدم بن لوريسي تأكيده على أن "الأولوية للمعلومة ذات الطابع العملياتي"، وأن هناك لامركزية لهذه المعلومات "وتعتبر الوحدات العملياتية مصدر معلومات للمركز"، قبل أن يشير إلى أن العديد من المواطنين العاديين يتصلون بمكاتب مركز العمليات لتقديم معلومات أو الاستفسار أو طلب مساعدة "عملنا في هذه الحالات يكون بتوجيههم إلى المصالح المعنية". وكشف على صعيد آخر، "أن عدة مواطنين يقدمون معلومات عن تحركات مشبوهة وأشخاص غرباء في إطار مكافحة الإرهاب"، و"نحن نثمن هذا التعاون الذي ينم عن وعي المواطن وسجلنا اتصالات عديدة في الأشهر الأخيرة، وتمكنا من خلال استغلال المعلومات من إحباط مخططات إجرامية وتوقيف أصحابها". ولخص رئيس مركز العمليات مهام مصلحته في الحصول على معلومات سطحية، تتم معالجتها لاحقا بعد التأكد منها وإعداد تقارير توجه إلى الولاة، المسؤولين العسكريين والمدنيين، وزراء الصحة، البيئة، النقل، أو المصالح التابعة لها في إطار إعلامها بوضع على صلة بالقطاع "مثلا نستغل نشرة الأحوال الجوية، لنجند عناصرنا لتفادي أية كارثة بسبب توقعات سوء الأحوال الجوية، ونقوم في العديد من الحالات بإنشاء خلية أزمة تحت إشراف مركز العمليات لمتابعة الأحداث الطارئة ونقوم بإبلاغ قائد الدرك الوطني من خلال تقييم وتقرير عن الوضع إذا تطلب الأمر ذلك"، وعلمنا خلال إنجاز هذا الاستطلاع، أن هذا المركز ليس فقط مصدر معلومات للسلطات العليا للبلاد، بل أيضا هو الذي "يمول" خلية الإتصال بقيادة الدرك الوطني التي تشرف على تصنيف المعلومات "وغربلتها" قبل إرسالها إلى مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية المرئية والصحافة المكتوبة.. يبقى الهدف من معالجة المعلومات إعلام السلطات والرأي العام والمواطن. نائلة. ب