عبد الناصر لماذا لا تعلق العائلات الجزائرية الأعلام الوطنية على شرفات المنازل استعدادا للإحتفاء بذكرى الاستقلال؟ ولماذا لا يقوم الأفراد من تلقاء أنفسهم بزيارة مقبرة الشهداء والقراءة "بخشوع" لفاتحة الكتاب ترحما على الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون؟ ولماذا لا يكتب الشعراء عندنا ويعزف الموسيقيون ويؤدي الممثلون ألحانا وأفلاما للوطن من دون انتظار مقابل مادي؟ أسئلة نتحرج عن طرحها على أنفسنا، فما بالك أن نطرحها على المسؤولين الذين ساهموا بشكل مباشر منذ فجر الاستقلال في توسيع الهوة وتلغيمها ما بين المواطن الطيب والوطن الأطيب حتى هذا الوزير وذاك الوالي أو البرلماني، أو السيناتور الذي شاهدناه العام الماضي يحمل الزهور في الخامس من جويلية وينتقل إلى مقبرة الشهداء ليقرأ الفاتحة على الذين ضحوا بأنفسهم ليصبح في البلد وزراء وولاة وبرلمانيون، حتى هؤلاء بمجرد أن يسحب البساط من تحت أقدامهم ينسون هذا "البروتوكول" الذي يتكرر كل عام بذات المشاهد، ولكن بوجوه تختلف ولن تتكرر في السنوات المقبلة. حتى الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية التي تتقن "مهنة" البكاء على الميزانيات المالية والمقرات الحجرية تعجز عن صناعة فرحة الاستقلال إن لم نقل تنسى الذكرى نهائيا. هل هو شعور من بعض الشباب بأن استقلالهم لم يكتمل في غياب الاستقلال "المهني" و"الإجتماعي" و"النفسي" ؟ أم أنه يقين بأن الإستقلال طرق أبواب البعض من دون الكل؟ أم إجحاف بالنعمة ونكران للجميل؟ شعوب كثيرة تحتفل بشبه حرية نظير شبه ثورة وترسم لنفسها شبه تاريخ قد يعود لعدة قرون، بينما يشهد العالم، كل العالم، أننا نمتلك أعظم ثورة على الإطلاق، ويشهد كل العالم أننا نمتلك أروع استقلال على الإطلاق، ولا نكاد نحن نشهد بكل هذا، وموعدنا صباح الخميس مع باقة ورد وفاتحة.. آمين.