أحيت جائحة كورونا من جديد مظاهر التآزر والتعاون بين المواطنين بقرى ومداشر منطقة القبائل، بهدف التخفيف على العائلات خاصة المعوزة منها لقضاء شهر رمضان، في ظروف مريحة، بعد انقطاع أرزاقهم بسبب الحجر الصحي لتفادي انتشار الفيروس. رمضان هذه السنة له ميزة خاصة، امتزجت بين الفرح بقدومه والقلق الذي غمر نفوس المواطنين في نفس الوقت، بسبب استمرار الفيروس في اصطياد ضحايا جدد، ورغم جائحة كورونا، إلا أن العائلات كانت على قدم وساق لاستقباله، فالمواطنون بادروا إلى شراء السلع، والتجار بدورهم تفاعلوا كالعادة وبادروا إلى رفع الأسعار، ولكن الشيء المفرح والذي أثلج صدور الجميع، كون الجمعيات كثفت من نشاطاتها في توزيع قفة رمضان على المعوزين. فقد تم التنسيق بين الجمعيات على مستوى كل بلديات البويرة، ففي بلدية العجيبة مثلا، قام عشرات الشباب بمبادرتهم الشخصية، حيث جمعوا خيرات كثيرة وسلموها للجمعيات، وبدورهم فضل عشرات رجال الأعمال وحتى رجال الدين، على غرار الدكتور سعيد بويزري مساعدة الجمعيات بتوفير لهم كميات هامة من المواد الغذائية بهدف توزيعها على العائلات. وأجمع عديد كبار السن بالمنطقة، أن جائحة كورونا، أحيت من جديد مظاهر التآزر والتعاون، بين المواطنين وهذا أفضل بكثير من السنوات الماضية، حيث تطوّع الشباب منذ أكثر من شهر بتعقيم كل القرى والمداشر، وبعدها باشروا بجمع المواد الغذائية وإيصالها إلى العائلات بتسخير المركبات الخاصة. وبقرى تيزي وزو على غرار قرية أث كوفي تم نحر عدة عجول بهدف توزيع لحومها على العائلات، ومن العادات الجميلة في قرى منطقة القبائل أن كل الفقراء يشاركون في الحصول على اللحم دون أن يدفعوا شيئا. واكتسى التحضير لشهر رمضان هذه السنة، طابعا اجتماعيا وتضامنيا مميزا لا مثيل له، بعودة النشاط الخيري وبقوة، وهو ما يعكس تعلق السكان وتمسكهم بالعادات والتقاليد الضاربة بجذورها في عمق تراث المنطقة، ومن ثمة المحافظة على كل ما من شأنه، ترسيخ الهوية الحضارية الموروثة منذ غابر السنين.