فتحت صباح السبت صناديق الاقتراع في المرحلة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الذي اثار اكبر ازمة سياسية في البلاد منذ تولي الرئيس محمد مرسي السلطة في نهاية جوان الماضي وتجرى المرحلة الثانية من الاستفتاء في 17 محافظة موزعة بين شمال وجنوب البلاد وتشمل اكثر من 25 مليون ناخب اي نصف عدد الناخبين تقريبا. وقبل فتح مكاتب الاقتراع كانت طوابير تشكلت امامها في محافظة الجيزة (جنوب غرب القاهرة)، وفق صحفايي فرانس برس. وامام احدى المدارس في الجيزة، قال محمد حمزة وهو سائق (49 سنة) "ساصوت بنعم لان مصر تحتاج الى دستور للاستقرار"، مضيفا "اتمنى ان يؤدي اقرار الدستور الى تحسن الظروف المعيشية لاننا نعاني من غياب الامن وعدم توافر فرص العمل". اما سيد مصطفي وهو محاسب في السابعة والعشرين من عمره فاوضح "بالطبع ساقول لا... هذا دستور لا يحترم المصريين". واضاف مصطفي الذي ارتدى قميصا كتب عليه الثورة مستمرة "الدستور نسي ان مصر بها ثورة .. نحن نستحق افضل من ذلك بكثير". وكانت المرحلة الاولى من الاستفتاء جرت السبت الماضي في 10 محافظات من بينها اكثرهما ثقلا من حيث عدد السكان وهما القاهرةوالاسكندرية واسفرت عن موافقة 56 بالمئة من المشاركين على مشروع الاستفتاء ورفض 44% له. ودعت المعارضة المصرية الى التصويت بلا في الاستفتاء على مشروع الدستور الذي وضعته جمعية تأسيسية يهيمن عليها الاسلاميون وترى الاحزاب الليبرالية واليسارية انه لا يحظى بالتوافق ولا يكفل حقوقا وحريات اساسية كما تعترض عليه الكنيسة القبطية اذ تخشى ان يفتح الباب لتمييز ضد المسيحيين المصريين. ودعا الرئيس المصري الى الاستفتاء على الدستور رغم نشوب ازمة سياسية كبيرة في البلاد التي شهدت خلال الاسابيع الثلاث التي سبقته تظاهرات حاشدة للمعارضة بناء على دعوة جبهة الانقاذ الوطني التي تضم المعارضة اليسارية والليبرالية. وتخللت التظاهرات اعمال عنف ادت خصوصا الى مقتل ثمانية اشخاص في الخامس من ديسمبر الجاري في اشتباكات بين انصار ومعارضي محمد مرسي امام قصر الرئاسة في القاهرة. وعشية الجولة الثانية من الانتخابات اصيب 62 شخصا من بينهم 12 من رجال الشرطة في اشتباكات في مدينة الاسكندرية (شمال) بين المؤيدين والمعارضين لجماعة الاخوان المسلمين والحركات السلفية المتحالفة معها. وتم نشر 250 الف شرطي لتأمين الاستفتاء في المحافظات ال17 التي يجري فيها الاقتراع السبت كما تشارك قوات من الجيش في عمليات ضمان الامن. وقررت العديد من الهيئات القضائية مقاطعة الاشراف على الاستفتاء احتجاجا على قرارات للرئيس المصري اعتبرتها تدخلا سافرا في شؤون السلطة القضائية الا ان اللجنة العليا للانتخابات التي تنظم الاستفتاء اكدت ان لديها عددا كافيا من اعضاء القضاة للاشراف على الاقتراع. وتقول المعارضة ومنظمات حقوقية محلية ان المرحلة الاولى من الاستفتاء على مشروع الدستور شابتها مخالفات كثيرة وعمليات تزوير. وفي حال اقرار مشروع الاستفتاء، سينقل الرئيس المصري سلطة التشريع التي يمتلكها في الوقت الراهن الى مجلس الشورى. وعشية المرحلة الثانية من الاستفتاء اصدر مرسي قرارا بتعيين 90 عضوا في مجلس الشورى استنادا الى قانون موروث من عهد حسني مبارك يمنح رئيس الجمهورية حق تعيين ثلث اعضاء هذا المجلس. ووفقا لمشروع الدستور الجديد سيبقى مجلس الشورى قائما بتشكيلته الحالية لمدة 14 شهرا اذ ينص على اجراء انتخابات جديدة لهذا المجلس بعد عام من انتخابات مجلس النواب. وبموجب مشروع الدستور الذي يتم الاستفتاء عليه، سيتقاسم مجلس الشورى الصلاحيات التشريعية مع مجلس الشعب. واضافة الى الازمة السياسية التي تعصف بمصر، فان البلاد تواجه ازمة اقتصادية حادة اذ عادت عائداتها من النقد الاجنبي الى الانخفاض في نوفمبر الماضي بعد ثلاثة اشهر من الاستقرار كما انها تعاني عجزا كبيرا في موازنتها العامة نتيجة الانخفاض المضطرد في موارد الدولة منذ ثورة 25 يناير 2011 التي اطاحت مبارك. وقرر صندوق النقد الدولي وقف قرض قيمته 4,8 مليار دولار كان تم الاتفاق مبدئيا على منحه لمصر بعد ان قرر الرئيس المصري في اوج الازمة السياسية الراهنة وقف تطبيق قانون ضريبي جديد من شأنه رفع اسعار عدة سلع وخدمات.