ألقت الجزائر بثقلها في مساعي حل الأزمة الليبية، التي يبدو أنها وصلت إلى حالة من التعقيد، مع تزايد المتدخلين، ويؤشر على هذا التحركات التي يقوم بها كل من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ووزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم. وباشر الرئيس عبد المجيد تبون، سلسلة من اللقاءات جمعته بسفراء عدد من الدول الكبرى، وكان لافتا استقباله في ظرف أقل من 24 ساعة، كلا من سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية، جون ب. ديروشر، وسفيرة ألمانيا الفيدرالية، أولريكي ماريا نوتزو، ويتوقع أن يلتقي دبلوماسيين آخرين يعملون في الجزائر. وفي البيانين اللذين توجا هذين اللقاءين، أشار بيان رئاسة الجمهورية إلى أن المسألة الليبية كانت ضمن الملفات التي تمت مناقشتها مع الدبلوماسيين الأمريكي والألماني. وقبل ذلك، كان وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، قد تحدث هاتفيا، مع نظرائه في كل من ليبيا، محمد الطاهر سيالة، وتونس نور الدين الري، ووزير خارجية مصر، سامح شكري، ووزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان بن عبد الله، وفق ما جاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية. وقالت الخارجية إنه "بالإضافة إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية مع هذه الدول الشقيقة، تناولت المحادثات مستجدات الأوضاع على المستوى الإقليمي، خاصة التطورات الأخيرة في الشقيقة ليبيا". كما جدد الوزير التأكيد على موقف الجزائر الثابت والداعي إلى تسوية سياسية عبر الحوار بين مختلف الفرقاء الليبيين للتوصل إلى "حل سياسي شامل يضمن وحدة واستقرار وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وفقا للشرعية الدولية وفي إطار احترام إرادة الشعب الليبي الشقيق بعيدا عن التدخلات الخارجية". وكانت الجزائر قد عرضت على الفرقاء الليبيين الجلوس إلى طاولة الحوار في الجزائر، وبذلت جودا مضنية من أجل جلب الاستقرار إلى الجارة الشرقية، غير أن الذين وضعوا العصا في الدولاب، كانوا أكثر حرصا على عرقلة المبادرة الجزائرية، ومن ثم إبقاء ليبيا غارقة في شلال الدم. وقد أشار الرئيس تبون في الحوار الذي بثه التلفزيون العمومي، إلى الأطراف التي كانت تعرقل المساعي الجزائرية، وألمح حينها إلى أن الذين عملوا على قطع الطريق على وزير الخارجية السابق، رمطان لعمامرة، لتولي منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا خلفا لغسان سلامة، هم الذين أفشلوا المبادرة الجزائرية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من النجاح، على حد تعبيره. ومعلوم أن الجزائر كانت من بين الدول التي تحفظت على المبادرة المصرية حول ليبيا، وساقت الخارجية تبريرات لهذا التحفظ، عندما أوضحت أن الموقف الجزائري يوجد على مسافة واحدة من الطرفين المتخاصمين في الجارة الشرقية، لأن مبادرة السيسي كانت منحازة إلى جماعة الشرق الليبي، ممثلين في رئيس البرلمان، عقيلة صالح، وقائد عملية الكرامة، خليفة حفتر، على حساب الطرف الأساسي في المعادلة وهي الحكومة المعترف بها دوليا. وتسعى الجزائر من خلال الجهود التي يقوم بها رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، إلى محاولة تصحيح الإجحاف الذي وقع للطرف الذي كان أكثر تعقلا وهدوءا على مدار نحو سبع سنوات، خاصة أن هذا الطرف هو الذي استطاع في الآونة الأخيرة فرض منطقه على الأرض.