تتواصل الحرائق الغابية المهولة، التي اندلعت عبر عديد الولايات، آتية على مساحات شاسعة، ما تطلب تدخل المواطنين لدعم وحدات الحماية المدنية، التي استعانت بالإطفاء الجوي، بواسطة المروحيات، للسيطرة على النيران ومنع توسع رقعتها. سُجلت بولاية سكيكدة الإحد، وإلى غاية صبيحة الإثنين أزيد من 6 حرائق تسببت في إتلاف مساحات شاسعة من الثروة الغابية والأشجار المثمرة. وأرجعت مصادر من محافظة الغابات السبب إلى ارتفاع درجة الحرارة، وإهمال المواطنين الذين لا يدركون حجم الخطر الذي يتسببون فيه بترك مخلفات تتسبب في اندلاع تلك الحرائق. وبقالمة المجاورة، خلّف حريق مهول شبّ نهار الأحد، بمنطقة جبل ماونة في ولاية قالمة، إتلاف مساحات شاسعة من الثروة الغابية التي تزخر بها المنطقة، بعد ما التهمت ألسنة النيران ما لا يقل عن 45 هكتارا من الأشجار. وعلى الرغم من حجم الإمكانيات المسخرّة للتحكم في الحريق، وإخماد ألسنته، استمرت على مدار ثماني ساعات. وفي شرق البلاد دائما، لا تزال فرق الإطفاء لوحدات الحماية المدنية لولاية سطيف، لليوم الثالث على التوالي، تواصل إخماد حريق شب في غابات بلدية بوسلام، ثم انتشر إلى نواحي مداشر ببلدية بني شبانة في أقصى شمال غربي ولاية سطيف، حيث تسبب هذا الحريق في إتلاف أكثر من 100 هكتار من الأدغال والبساتين، ما أدى لتدخل ثلاث طائرات من نوع هليكوبتر تابعة للحماية المدنية، وكان التزود بالماء من سد تيشي حاف ببلدية بوحمزة ولاية بجاية. وغير بعيد عن سطيف، شهدت ولاية بجاية خلال ال24 ساعة اندلاع عشرات الحرائق التي حولت مساحات شاسعة من الغطاء الغابي إلى رماد في رمشة عين، من دون الحديث عن الخسائر التي لحقت بالأشجار المثمرة والحيوانات البرية، كما شلت النيران، حركة السير عبر العديد من الطرقات. وقد اندلع في هذا الصدد حريق مهول بغابة أمعراط ببرباشة خلف هلعا كبيرا في أوساط السكان بعد ما اقتربت النيران، من سكنات المواطنين، الذين تجندوا إلى جانب أعوان الحماية المدنية والغابات، من أجل إخماد الحريق، فيما جند البعض منهم صهاريجهم من أجل توفير الماء، وتم الاستنجاد بمروحيتين أقلعتا من العاصمة من أجل دعم المجهودات المبذولة برا من قبل أعوانها والمواطنين ومحافظة الغابات. كما أطلق سكان المناطق الجبلية المتاخمة للغابات بإقليم ولاية تيزي وزو، صرخة استغاثة للسلطات المعنية، قصد توفير الإمكانيات المطلوبة للتدخلات السريعة في حالات اندلاع الحرائق، التي حولت حياتهم بالقرب من الغابات إلى كابوس مرعب. وعادت الحرائق المهولة مجددا إلى ولاية تيزي وزو مع تجدد موجة الحرارة المرتفعة، حيث عرفت عدة مناطق اندلاع حرائق كبيرة منها التي بقيت مشتعلة لأكثر من يومين. وفي غرب البلاد، كلّلت مساء الأحد، جهود الحماية المدنية، وعديد المصالح المتدخلة إلى جانبها، بإخماد الحريق المهول المندلع على مستوى غابة سيدي الزهار، بعد امتداده إلى المناطق الجبلية الواقعة غرب عاصمة الولاية. وتسبب الحريق في انبعاث دخان كثيف غطى سماء المنطقة ما أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة لتتجاوز 46 درجة نهار أمس، وتسجيل اختناقا وضيقا في التنفس لدى سكان المنطقة المجاورين للغابة الشاسعة المحترقة. اتحادية عمال الغابات تحذّر من وقوع الكارثة: الحرائق المفتعلة تهديد مباشر للأرواح والممتلكات حذّرت الاتحادية الوطنية لعمال الغابات والبيئة والطبيعة، من كوارث أكثر حدّة وخطورة، جرّاء تنامي ظاهرة الحرق العمدي والإجرامي في أوقات متزامنة، وفي مناطق معينّة، ما يجعل مهمة التدخل السريع، والولوج إلى المناطق المتضررة مستحيلا وجد صعب بسبب غياب المسالك والتهيئة، وذكر بيان للاتحادية، تلقت "الشروق" نسخة منه، أن الحرائق المفتعلة والمتتالية، ستنجر عنها انعكاسات خطيرة على الثروة الغابية التي أصبحت تتلاشى من سنة إلى أخرى، وتؤثر سلبا على التوازن الإيكولوجي، ناهيك عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية، التي تخلفها تلك الحرائق كل سنة. وأعربت الأمانة التنفيذية للاتحادية، عن قلقها الشديد أمام التنامي الخطير وغير المسبوق لحرائق الغابات المفتعلة في أغلبها، والتي مسّت العديد من ولايات الوطن وخلفت في مجملها منذ الفاتح جوان الماضي، إتلاف أكثر من أربعة ألاف هكتار من الغطاء النباتي ونفوق عدد معتبر من الثروة الحيوانية، وغيرها من الخسائر التي لحقت بالأشجار المثمرة والممتلكات العمومية والخاصة، وشكلت تهديدا وشيكا على الأرواح البشرية، وأن هذه الحصيلة حسب اتحادية عمال الغابات كادت أن تكون كارثية لولا بسالة رجال محافظات الغابات والحماية المدنية وبعض المتطوعين الذين خاطروا بأرواحهم لمجابهة ألسنة اللهب رغم ضعف إمكانيات التدخل، خاصة الجوية منها. وخلصت اتحادية عمال الغابات في بيانها، إلى مناشدة السلطات العمومية وكل الأطراف الفاعلة، لإعطاء اهتمام خاص بحاضر ومستقبل الثروة الغابية الوطنية، والتي تعرف نزيفا وتحطيما ممنهجا، واعتداءات غير مسبوقة بسبب عوامل سلبية متعددة، ما يتطلب العمل على التكفل الجدي والمستعجل بمطالب قطاع الغابات وإعطائه أهمية خاصة من الجانب الهيكلي والمهني والقانوني، لاسيما ما يتعلق منها بتنصيب خلية أزمة دائمة متعددة القطاعات، خاصة وأن هذه الحرائق أصبحت تشكل خطرا وتهديدا مباشرا على الأرواح البشرية والممتلكات العمومية والخاصة، وكذا على الثروة النباتية والحيوانية الوطنية.