عرفت السياحة الجبلية انتشارا واسعا، في المدة الأخيرة، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة، وكذا الحصار والضغط الذي فرضته جائحة كورونا، منذ شهر مارس المنصرم، ما جعل الكثير يلجأ إلى الجبال كخيار مهم من أجل الترفيه والمتعة واكتشاف مناطق مجهولة، وهو ما يحدث في عديد مناطق الأوراس، سواء بشكل فردي وعائلي أم في نطاق النشاط الجمعوي، من خلال تأسيس فرق خاصة بالسياحة الجبلية. أجمع الكثير من المتتبعين على أن آليات السياحة الجبلية قد تميزت بديناميكية مهمة في السنوات الأخيرة، خاصة وأن الكثير قد كرّس تقاليد على شكل مخيمات تقوم بها فرق خاصة بالسياحة الجبلية، وهو ما وقفنا عليه في عديد جبال ومرتفعات منطقة الأوراس، وفي مقدمة ذلك نواحي جبال شيليا الواقعة في الحدود بين باتنة وخنشلة، وأماكن أخرى تجمع بين الطابع الغابي والطبيعي والأثري والتاريخي، مثلما هو حاصل في شرفات غوفي، في الطريق الوطني الرابط بين آريس وبسكرة، أو في نواحي كوندورسي وكاسرو وجبال مروانة ووادي الماء وغيرها من أماكن تستقطب هواة السياحة في الأوراس وباقي مناطق الوطن. وهو الأمر الذي أعطى حركية سياحية شبابية مهمة، مع إضفاء طابع التثمين والتأطير والتوعية، بغية تفادي أي ممارسات تؤثر سلبا على الطبيعة، خاصة ما يتعلق بالنيران التي تسببت في التهام الكثير من الغطاء النباتي من طرف جهات مجهولة أو بسبب تصرفات ناجمة عن التهاون وغياب المسؤولية. ويعد سمير سليماني من تكوت بباتنة، من العناصر الناشطة في ترقية النشاط السياحي في الأوراس، وهذا من خلال تأسيسه رفقة أصدقائه فريقا هاويا مختصا في السياحة الجبلية، حيث يقول ل"الشروق": "حبنا للسياحة جعلنا ننسق مع بعضنا في كل مرة على زيارة مكان معين، وذلك حسب الظروف والإمكانات المتاحة"، مضيفا أنه تم الشروع في تفعيل السياحة الجبلية من مرتفعات "لصفاح" بتكوت، حيث قال في هذا الجانب: "وأنا في أعالي لصفاح راودتني فكرة فتح مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي سميتها السياحة الجبلية بالأوراس، وهو الأمر الذي ساهم في التحاق عدة مهتمين ومتتبعين، ما جعل بعض الرحلات تتم بحضور أكثر من 30 شخصا"، مشيرا إلى عديد الرحلات الناجحة إلى مناطق تاريخية مثل بالول وإيقلفن وبانيان وغوفي وشيليا والمنطقة التاريخية علي سوايعي بخنشلة، في رحلات وصفها بالمتعبة والممتعة في نفس الوقت، خاصة وأن بعضها تدوم ساعات طويلة سيرا على الأقدام، وقال سمير سليماني بأن هناك طموحات لزيارة أماكن بعيدة لكن الانشغالات المهنية والعائلية وكذا نقص الإمكانات يحول أحيانا دون ذلك، ولو أن طموحاتهم حسب قوله منصبة في زيارة كل مناطق الأوراس، خاصة التي تتوفر حسب قوله على آثار الأجداد مثل القلاع والمنازل القديمة ففريقنا حسب محدثنا له عشق لكل ما يرمز أو فيه رائحة أجدادنا. من جانب آخر، تتميز منقطة الأوراس بنشاط فرق هاوية أخرى في السياحة الجبلية، مثل جمعية "لاماصبا" مروانة وجمعية واد الماء، وكذا نادي "كاراكال اوف شيليا" ونادي الرستميون وفريق كوكسول، حدث ذلك تزامنا مع إقامة عدة أنشطة ومنافسات في هذا الجانب، وفي مقدمة ذلك الاحتفال باليوم الدولي للجبل الذي كان أقيم نهاية العام المنصرم في جبال شيليا، وتم خلالها إنجاح عملية تشجير ألف شجرة تحت شعار "كل مواطن يغرس شجرة". وبعيدا عن المتعة والجانب الجمالي الذي وقف عليه هواة السياحة الجبلية في الأوراس، إلا أنهم لم يتوانوا في الدعوة إلى ضرورة الحفاظ على نظافة البيئة، من خلال تفادي الرمي العشوائي للفضلات والأوساخ، وهذا بغية الحفاظ على نقاء وجمال المناطق الغابية والجبلية والطبيعية بشكل عام، بالشكل الذي يعود بالفائدة والمنفعة على الجميع، وفي مقدمة ذلك الحرص على تفادي كل التصرفات والأسباب المؤدية إلى انتشار الحرائق التي كثيرا ما كلفت خسائر فادحة في الثروة الغابية وحتى الحيوانية في كل صائفة خلال السنوات الأخيرة.