وقع أزيد من خميسن مثقفا وفنانا بيانا يدنون من خلاله هرولة الأنظمة العربية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، وصمت النخب الثقافية تجاه الأمر، كما استنكروا التبريرات التي تعطى لهذه الهرولة والتي ترمي إلى "جر الجزائر إلى التطبيع". وجاء في البيان الذي نشره الموقعون عبر صفحات التواصل الاجتماعي تحت شعار "وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء وعلينا نحن أن نحيا كما نشاء". "شهدت الساحة الفنية والثقافية الجزائرية في السنوات الأخيرة صمتا مريبا تجاه الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وما يصاحبه من اعتداءات يومية ومجازر تُرتكب في حق الشعب الفلسطيني، كما لوحظ انخراط غير طبيعي في توظيف خطاب فني ثقافي باسم عقلانية مزيَّفة للتنصُّل من أيِّ التزام باسم الحرية، خطاب يتلاعب بالمعاني السامية للأمن والسلام، بذكاء شديد يوحي بأن وراءه تيارا يحاول تعبيد الأرضية لجَرِّ الجزائر، بلد الشهداء والحرية إلى حظيرة العار والخيانة، بعملية تطبيع تستهدف تركيع الأحرار". وأضاف البيان الذي وقعته عدة أسماء انه و"أمام هذا الخطاب المتخاذل والمتراجع، وغير المنسجم مع الذات، وأمام حالة العدوى التي أصابت عددا من الفنانين والمثقفين والإعلاميين الجزائريين، الذين تحولوا إلى إعادة إنتاج خطابات الأمر الواقع السياسية، نسجل إدانتنا ورفضنا لكل أشكال التطبيع، ونشدد على ضرورة الوقوف مع حق شعبنا الفلسطيني في التحرر التام، بعيدا عن نماذج التبرير والإسقاطات الانهزامية المكشوفة". وثمّن أصحاب البيان الخطوات التي اتخذها المثقفون والكتاب الذين انسحبوا من الفعاليات والجوائز الإماراتية تنديدا بالتطبيع. ودعا الموقعون على البيان في ذات السياق كل المثقفين والكتاب إلى مقاطعة جميع الأنشطة والفعاليات التي تنظمها الهيآت التابعة "لحظيرة التطبيع" وهذا "بعد ما تبين أنها باتت أرضية تساهِم في التخفيف من صوت وقع نعال المهرولين". من جهة أخرى، قال أصحاب البيان أن الصمت الذي يعرفه الشارع الثقافي الجزائري تجاه التطبيع لا يليق ببلد الشهداء الذي تعتبر القضية الفلسطينة فيه قضية مركزية، وأنه من المخجل أن يصيح شبابنا في الملعب أسبوعيا "فلسطين الشهداء"، بينما "نضرب صفحا عن ذلك في إنتاجنا الفني والأدبي وفي تصريحاتنا الإعلامية، كأننا غير معنيين". واعتبر البيان أن توقيع الإمارات على اتفاق السلام مع إسرائيل يعتبر تحصيل حاصل "لعلاقات باطنية امتدت لسنوات، مهدت له بحركة إعلامية وثقافية يكاد يشبهها ما نشهده اليوم في الجزائر، بلد الشهداء من خطاب ثقافي مسوغ يتناغم مع جوقة الإعلام المدعوم إماراتيا، يرفده عدد غير قليل من مثقفين وكتاب وفنانين وموظفين، في ظل حصار مضروب على قضية الشعب الفلسطيني، ومنحى دولي يكرس تنصلا من الالتزامات السابقة وتعطيلا لها، بل وفي عدوان متواصل، ومجازر يومية لم ينقطع الفنان والمثقف والإعلامي في الجزائر عن التعبير للعالم عن غضبه منها كما يغضب لكل هرولة باتجاه حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، تعزز حالة نكوص غير مرحب بها على المستوى الشعبي، العربي والإسلامي، ناهيك عن كونها لا تتلاءم حتى مع الموقف العربي الرسمي الأكثر ضعفا وإمعانا في التراجع". ومن بين الأسماء الموقعة على البيان والتي فاقت الخمسين مثقفا وكاتبا، نجد عبد الكريم ينينه، مخلوف عامر، بوزيد حرز الله، الصديق حاج احمد،الزيواني، كمال بركاني، عبد القادر ضيف الله، حبيب مونسي محمد، زتيلي جمال فوغالي، احسن تليلاني، عبد الوهاب بن منصور، وغيرهم…