أن يصل متأخرا أحسن من أن يبقى في الطابور إلى نهاية العمر الرياضي، هذا هو حال المدافع الجزائري جمال بن العمري، الذي لم يكن شيئا في عالم الكرة قبل كأس أمم إفريقيا التي جرت في مصر، لكنه فجّر المفاجأة السارة في الدورة، كصخرة جعلت "الخضر" يلعبون سبع مباريات قوية جدا واحدة منها بوقتيها الإضافيين ولا تتلقى شباك رايس مبولحي سوى هدفين أحدهما من ركلة جزاء، ليتفق الجميع على أن الذي ذرف العرق والدموع وحتى الدماء في اللقاء الأخير، بعد إصابته على مستوى الوجه بعد اصطدامه بساديو ماني، هو فعلا أحد أحسن اللاعبين المحليين في تاريخ الجزائر. بدأ الحديث عن بن العمري في نادي خيتافي الإسباني، ثم انتقل إلى ليون الفرنسي الفريق الذي صنع منذ أسابيع قليلة الحدث الكبير بإقصائه لجوفنتوس ومانشستر سيتي، فجاء انتقال مدافع الوفاق السابق إلى الفريق الثاني في فرنسا مفاجأة وأحسن خبر في الميركاتو الصيفي بالنسبة للجزائريين رفقة انتقال محمد فارس إلى لازيو روما، وسيكون دفاع المنتخب الجزائري صلبا وقويا مستقبلا مع لاعبين جميعا ينشطون في أوروبا. هل يمكن لبن العمري صاحب الثلاثين ربيعا من أن يلعب أساسيا مع فريق بحجم ليون؟ سؤال بدأ طرحه، ولكن الفريق الفرنسي كان يقصد من جلب مدافع "الخضر" بمنحه مكانة أساسية، حيث غادر الدانماركي أندرسون إلى فولهام الإنجليزي في شكل إعارة وأصيب في مباراة مرسيليا الأخيرة التي انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق، البرازيلي مارسيلو صاحب ال33 سنة وقد يجد بن العمري نفسه أساسيا في المباراة القادمة التي سيلعبها ليون في ستراسبورغ في 18 من الشهر الحالي. سيجد جمال بن العمري إلى جانبه في الدفاع البلجيكي دينايير والإيطالي دي سيغليو والتركي أوزكاكار والفرنسي الشاب بارد، ومن قوى دفاع ليون الحارس البرتغالي الدولي أنطوني لوبيز، وهو فريق دفاعي بامتياز برهن عن ذلك في صموده في تورينو أمام جوفنتوس في لقاء إياب ثمن نهائي رابطة أبطال أوروبا بفعل خطط المدرب المحترم الفرنسي رودي غارسيا، أما القوة الضاربة للفريق فتكمن في هجومه بقيادة الهولندي ديباي صاحب ال26 سنة، الذي أسال لعاب كبريات الأندية رفقة إيكامبي والفرنسي دامبيلي والصغير ذي الأصول الجزائرية ريان شرقي صاحب 17 سنة، كما يراهن الفريق على خط وسط يوجد فيه ثلاثة برازيليين وهم غيماريش ولوكاس وباكيتا دون نسيان اللاعب الذي اختار منتخب فرنسا حسام عوار. سيكتشف جمال بن العمري ملعب غروباما ستاديوم الجميل الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، ويعرف بأنه في فريق تأسس سنة 1950 وفاز بالدوري سبع مرات والغريب في ذلك أن تتويجاته جاءت متتالية، كما حصد الكأس الفرنسية في خمس مناسبات. مشكلة الفريق حاليا هي غياب النتائج فبعد ست جولات يقبع في المركز ال14 ولن يشارك في أي منافسة أوروبية هذا الموسم، وليس أمامه سوى الدوري المحلي لأجل صناعة مجده ويعود إلى التألق الذي توجه الموسم الماضي ببلوغ الدور نصف نهائي من رابطة أبطال أوروبا وخرج حينها بصعوبة بليغة أمام البطل بيارن ميونيخ. لعب مع فريق ليون في الفترة الأخيرة الكثير من اللاعبين من أصول جزائرية ويعتبر جمال بن العمري استثناء لأنه الوحيد القادم من الكرة الجزائرية المحلية، ومن النجوم الذين تألقوا في هذا النادي وهم من أصول جزائرية نجد الثلاثي كريم بن زيمة ونبيل فقير وحسام عوار الذين لعبوا للديكة، يضاف إليهم الصغير ريان شرقي، أما من اللاعبين الذي تقمصوا ألوان "الخضر" فمنهم ياسين بن زية ومهدي زفان ورشيد غزال وإسحاق بلفوضيل. ومن مكاسب الفريق المدرب رودي غارسيا الذي بدأ في سانت إيتيان ثم درّب في ديجون وليل ومنها طار إلى روما وصنع اسمه لمدة موسمين ونصف موسم مع فريق العاصمة الإيطالية، ثم عاد إلى فرنسا وقاد مرسيليا قبل أن يستقر في ليون ويحقق أهم إنجازاته ببلوغه الدور نصف النهائي من رابطة أبطال أوروبا. تأخر كثيرا انتقال جمال بن العمري إلى أوروبا، فقد لعب كثيرا في الجزائر ولم يستقر على فريق واحد، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية، ولم تتوقف أسطوانة المشاكل، وسيجد نفسه في فرنسا في أهم امتحان لأن عقده اختصر في سنة واحدة، سيكون مجبرا على أن يجعلها جواز سفر لأجل البقاء في أوربا لأربع سنوات على الأقل. ب.ع