صدح البارحة أول أذان لصلاة المغرب من جامع الجزائر الأعظم، حيث شهد افتتاح قاعة الصلاة وإقامة صلاتي المغرب والعشاء، بإشراف الوزير الأول، عبد العزيز جرّاد، قبل أن يتخللهما حفل تكريمي للطلبة حفظة القرآن الكريم الذين درسوا علم التجويد وتكريم الأساتذة المشرفين على الأسبوع الوطني للقرآن الكريم المقام في هذا الشهر الذي أطلق عليه الجزائريون تسمية "شهر نصرة رسول الله"، عليه أفضل الصلاة والسلام. وحسمت السلطات العليا الجدل بشأن التسمية الرسمية التي ستطلق على المسجد الأعظم، بعد اقتراح عدة أسماء سابقا ليستقر الأمر على اسم "جامع الجزائر"، ولم يعلن رسميا إطلاق هذه التسمية على هذا الصرح الإسلامي الضخم، لكنّ السلطات قامت بنصب لافتات عبر كافة الطرق المؤدية إليه مكتوب عليها "جامع الجزائر". وبالمناسبة، قال الأربعاء، المفتش العام لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف خميسي بزاز، إن الاحتفالات الرسمية بذكرى مولد خير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ستكون لها نكهة خاصة هذا العام، بعد ما فتحت قاعة الصلاة بجامع الجزائر ليلة الأربعاء. وأكد خميسي بزاز الأربعاء، للإذاعة أن فتح قاعة الصلاة لجامع الجزائر في ذكرى مولد خير الأنام يعبر عن انتمائنا للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، مضيفا أن "هذا لون من ألوان العاطفة القوية التي تملأ قلوب الجزائريين، هي رسالة للمحبين ورسالة أيضا لغير المحبين أن هذا الشعب له انتماء وله هوية وله عمق تاريخي وهو ارتباطنا بالنبي صلى الله عليه وسلم" . كما أن توقيت افتتاح الجامع الأعظم عشيّة الاحتفال بالذكرى السادسة والستين لاندلاع الثورة الجزائرية المظفرة يحمل رسائل كثيرة، منها أن المرجفين الذين يراهنون على القطيعة بين الجزائر وعمقها وأصالتها الإسلامية واهمون وهم ضحايا الفكر الدخيل المعادي للقيم الإسلامية والوطنية. وبذلك، فإنّ تدشين ثالث أكبر جامع في العالم بالجزائر سيكون آخر تطهير حضاري للمكان من آثار التنصير والفرنسة التي مارسها الاحتلال الفرنسي البغيض طيلة 132 سنة، حيث أنّ اختيار موقع المسجد يحمل رمزية تاريخية كبيرة، فهو الذي ضمّ أول وأكبر مدرسة للآباء البيض في كامل إفريقيا، بقيادة زعيم المبشرين "شارل لافيجري"، والذي سمّت باسمه سلطات الاحتلال هذا المكان، قبل أن تحوله جزائر الاستقلال إلى اسم "المحمدية"، نسبة وتيمنا بسيّد الخلق عليه أزكى الصلاة والسلام. ويا له من قدر حسن ساقه المولى المدبر الحكيم، إذ يتزامن فتح هذا الصرح الأعظم في سياق الحملة الفرنسية المسعورة للإساءة إلى نبي الرحمة المهداة، ليكون وجع فرنسا مضاعفا وفرحة الجزائريين مزدوجة، وهي التي قال عنها الرئيس عبد المجيد تبون في 2016 بصفته وزيرا للسكن مشرفا على متابعة المشروع "من يسمح لك بأن يصبح حي حمل اسم لافيجري في عهده عنوانَ المحمدية، نسبة إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وتُشيّد به المسجد الأعظم، الذي يغطي بظلاله كل أذناب أتباع فرنسابالجزائر"، وجاء ذلك في ردّه على انزعاج شركات فرنسية وتحريضها لإعلام بلادها ضدّ الجزائر. وفي السياق، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال آخر زيارة عمل وتفقد قادته يوم 20/08/2020 إلى جامع الجزائر الأعظم على ضرورة إنشاء هيئة علمية على أعلى مستوى وشركة كبرى لتسيير هذه المنشأة التي تم تدشينها البارحة. وأعطى رئيس الجمهورية وقتها تعليمات لوزير الشؤون الدينية، بضرورة إنشاء "هيئة علمية على أعلى مستوى" تتكفل بالجانب العلمي في هذا الصرح، داعيا إلى "الاستعانة بالمعاهد الكبرى في العالم، شرط احترام المرجعية الدينية الوطنية الوسطية وكذا الاستعانة بإسهامات دولية من العالم الإسلامي، ماعدا ما يتعارض مع توجهاتنا". كما أعطى الرئيس تبون حينها توجيهات بضرورة التعاقد مع شركة "كبرى" للتكفل بالصيانة والاعتناء بكل المرافق، مستطردا بالقول أن الاعتناء ب"ثالث مسجد في العالم بعد الحرمين يتطلب شركة تكون في مستوى الشركة التي تسير أحد الحرمين". وأوضح أن مهام هذه الشركة التي "ينبغي أن يكون في استطاعتها الاعتناء ب30 هكتارا بما فيها من مرافق"، ستخص "الأمن والصيانة والتعليم"، مع منحها إمكانية "المناولة مع شركات ناشئة" للقيام بمختلف المهام. وبشأن الشخصية الوطنية التي سترأس هذا الصرح الديني، أوصى الرئيس تبون بأن تكون "شخصية تتمتع بالكفاءة الدينية والعلمية"، لأن الأمر يتعلق – كما قال – ب"مجمع كبير يتضمن مسجدا ومعهدا ومكتبة ومصلحة لاستغلال وترميم المخطوطات وسيعرف استقطابا كبيرا".