عبد الناصر لحسن الحظ مازال في هذا العالم الراكع في غالبيته للولايات المتحدة من يذكر هاته الأمة العظمى بماضيها القريب كأول دولة إرهابية في العالم الحديث عندما حولت الاختراعات الفيزيائية الكبرى إلى موت وإرهاب بقنبلتي هيروشيما ونغازاكي اللتين قتلتا أضعاف ما قتله ما يسمى بالإرهاب خلال سنوات عديدة.. فقد جاء الإحتفال الشعبي والرسمي الياباني بالذكرى الثانية والستين لقنبلة نغازاكي التي قضى فيها أزيد عن سبعين ألف مواطن ياباني من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ليذكر العالم بأن "أمريكا الحديثة جدا" هي التي زرعت بذور إرهاب الشعوب وهو إرهاب نووي مازالت إشعاعاته لحد الآن تزرع الخلايا السرطانية في أبناء اليابان، ولحسن الحظ وربما لسوئه أن هذه الذكرى تتزامن مع احتفالات ليست شعبية ولا رسمية من بعض اللبنانيين بالذكرى الأولى لمجزرة قانة التي أحرقت فيها اسرائيل بدعم أمريكي خالص "وفيزا" دولية وعربية أجساد أطفال لبنان في النار التي أشعلتها الصائفة الماضية. فإذا كان اليابانيون قد تذكروا عيدهم ومأساتهم التي قارب عمرها ثلثي قرن فإن العرب وحتى اللبنانيين بدوا منشغلين بصراعات الكرسي التي لا تنتهي وكأن الهولوكوست الذي عاشوه لا يعنيهم. أمريكا التي حولت اليابان بهيروشيما ونغازاكي إلى مقبرة نووية هي الآن المثل الأعلى لكل الحكومات والشعوب بما فيهم اليابانيين، وكلهم يباركون احتلالها لدول العالم باسم مكافحة الإرهاب على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لا أحد وصفها بالإرهاب أو طاردها أو قاطعها بعد تفجيرات هيروشيما ونغازاكي، ولكنها هي الآن تطارد المسلمين ولا نقول الإسلاميين في كل مكان وتلصق بهم الإرهاب، لأنها فقدت مئات من مواطنيها في تفجير برجي نيويورك، لتبدأ بعدها مطاردة الإسلام ولا نقول المسلمين من طرف حلفائها عبر الرسومات المسيئة للرسول الكريم في الدانمارك ومنع الحجاب في فرنسا ومطالبة برلماني هولندي بمنع دخول القرآن إلى المملكة الهولندية وغيرها من الحروب السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية المندلعة في كل مكان. أمريكا بأمر من رئيسها ترومان زرعت الموت بكل أشكاله في هيروشما ونغازاكي وبقيت المسيحية بريئة من أفعالها، وإسرائيل بأمر من رئيس وزرائها أولمرت زرعت الموت بكل أشكاله في قانة وبقيت اليهودية بريئة من أفعالها، فلماذ يتهمون الإسلام بسبب تفجيرات معزولة في نيويورك من دون أمر من أحد؟