من المؤكد أن جهاز العروس الجزائرية لم يتعرض لعملية خرق واضحة فيما مضى، مثلما يتعرض له اليوم في زمن الهواتف المضيئة والأقمار المعلقة في الفضاء. ذلك أن الفتاة العصرية وصلت إلى قناعة تامة أن التقاليد ما هي إلا عبء ثقيل ومصاريف إضافية تثقل الكاهل. لذلك اختفت الكثير من المظاهر والعادات المتبعة في تجهيز العروس، وصار لكل فتاة مقبلة على الزواج الحرية في انتقاء جهازها بالطريقة التي تناسب قناعاتها. والملاحظ أن هذه القناعات لم تحتفظ بها لنفسها وحسب، بل راحت تروّج لها على صفحتها على فيسبوك مما فتح "عيون"بنات جيلها على مزيد من التمرد على هذه التقاليد "البالية". ويكفي الإطلاع على الصفحات والمجموعات النسائية، لنكتشف أن السباق بات على أشدّه لإضفاء لمسة غريبة وعصرية على جهاز العروس. إحدى هؤلاء المتمردات على التقاليد، قامت بتجهيز قطتها المفضلة في سلة من الخيزان لتذهب معها إلى بيتها الجديد ضمن "التروسو"، بينما لم تجد عروس أخرى حرجا من اصطحاب كلبها من نوع "كانيش" الذي يبدو أنها حصلت على موافقة مبدئية بشأنه للاستقرار معها في بيتها الجديد! ليس هذا فحسب، فالمقبلات على الزواج أصبحت لديهن الجرأة الكاملة في إملاء طلباتهن على أهل العريس أثناء مواسم ما يعرف ب "المهيبة" والتي تتضمن أحذية رياضية وأجهزة إيباد أو هواتف ذكية. ويبدو أن الطرف الآخر الذي هو الخطيب وأهله، تفهموا جيدا هذه التحولات التي طرأت على المجتمع الجزائري، فأصبحوا يقدمون للمخطوبة "الدباديب" "و"الدمى المنكوشة "إقرارا منهم أن "عروسهم" مازلت دون سن الوعي! وحول هذا الموضوع، تتحدث نائلة باستغراب عن جهاز ابنة خالتها الذي تقول عنه: عندما ذهبت أنا وخالتي الصغيرة لتنظيم جهاز ابنة خالتي في بيت زوجها، اكتشفنا أنها أخذت معها حقيبة تحتوي على ألعاب للأطفال مما جعلنا نشعر بالحرج، خاصة وأن أهل زوجها كانوا معنا في نفس الغرفة. والغريب أيضا أننا فوجئنا بوجود"دربوكة" بين الجهاز، وأوان منزلية بجميع أنواعها، بعضها ليس له أي داع، مع العلم أن ابنة خالتي التي تبلغ من العمر 23 سنة لا تملك إلا غرفة واحدة في بيت الزوجية. وإن كنت أنسى، تقول نائلة، فلا يمكن أن أنسى أبدا الموقف المحرج الذي وضعتنا فيه ابنة خالتي، حيث فتحنا إحدى الحقائب فوجدناها قد ملأتها بأكياس بلاستكية سوداء لإيهام أهل زوجها أنها جاءت بملابس كثيرة، في حين أنها صرفت مالا كثيرا لاشتراء هدايا لأهل زوجها. وإذا كانت هذه العروس لم تحدد هدفها من أخذ حقيبة من الألعاب إلى بيت زوجها، إلا أن فتيات أخريات يعرفن جيدا الغرض من اشتراء أغراض تخص المولود الجديد الذي لم يأت بعد، بينما تقوم الأم بتجهيز هدايا "النفاس" لابنتها التي مازالت في بيتها! وتعترف السيدة سارة، أنها قبل زوجها بأيام، ذهبت إلى صيدلية الحي واشترت منها 3 زجاجات من شراب منوم اعتادت أن تشربه لسنوات قبل الزواج، لأنه لا يمكنها أن تنام بدونه. لا يمكن أن نحصر جهاز العروس العصرية في هذه المقتنيات فقط، فالمجال مفتوح أمام الكثير من الأغراض التي لا تدخل ضمن مسؤوليات الزوجة، مثل الأرائك والطاولات والتلفزيون، خاصة إذا كانت المرأة ستعيش مع عائلة زوجها. وهذه الثورة "الشرسة" على كل ما هو معقول ومتفق عليه، تفتح الباب أمام كل التوقعات طالما أن هذا الأمر خاضع للقناعات والأهواء المتقلبة. وعليه قد نفأجأ يوما بعروس تأخذ معها صديقتها المفضلة إلى بيت الزوجية!