واحدة من"خرابات البيوت" تنضم إلى القائمة الطويلة المسببة للطلاق، غير أنها تتميز بخاصية إثبات الخطأ أو الخطيئة بالصوت والصورة، إنها مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدو أن اتخاذ قرارات الطلاق التي يدعمها فيسبوك وسواه، يسيرة للغاية حتى وإن بدت الواقعة تافهة أو بسيطة. ذلك لأن هذه المواقع، تمكّن أحد الطرفين من إثبات "التهمة" على الطرف الثاني بواسطة الصورة والصوت، أو عن طريق ما يسمى ب "لقطة الشاشة" أو "كابتير ديكرون". ومما سهّل من انتشار هذا النوع من المشاكل، هو وجود مجتمع كبير يسبح في فضاء الفيسبوك ولا تفوته شاردة ولا واردة. كما أن انتشار المجموعات النسائية التي تضم مئات الآلاف من العضوات، خاصة المجموعات ذات الطابع الاجتماعي، ساهمت بشكل كبير في الكشف عن "النوايا" المضمورة التي لا يُعلن عنها أمام الخصوم. ولهذا أصبح هذا الفضاء الأزرق مجالا لالتقاط الأخطاء وتتبع العثرات وأخذها على محمل الجد والاستناد إليها في حالة رفع قضية طلاق. واحدة من هذه القضايا، تحدثت عنها حياة التي تقول إن زوجها طلقها وكتب في العريضة أنها مصابة بمرض نفسي، وأصرّ على ذلك جلسة الصلح الأولى. لم تستوعب القاضية هذا الكلام، وقالت مستغربة للزوج: "لا تبدو على زوجتك أي أعراض تدل على أنها مريضة نفسيا، فلماذا تريد أن تطلقها؟". فأخبرها أنها نشرت صورتها على فيسبوك، ولم تنكر حياة هذا الفعل، بل أكدت على أنها طلبت رأي عضوات إحدى المجموعات النسائية في لون شعرها فقط. هذه الصورة التقطتها على الفور أخت زوجها التي كانت عضوة في نفس المجموعة وأرسلتها إلى أخيها الذي قرر أن يطلقها بسبب هذا الفعل وهي الصورة التي عرضها على القاضية. ولأن فيسبوك، المرتع الخصب لانتحال شخصيات الغير، فقد قام أحد الأزواج الجزائريين بإنشاء حساب باسم زوجته التي أرد أن يطلقها بعد فترة طويلة من ذهابها إلى أهلها، وهدّدها بأنه سيتركها معلقة بدون طلاق. وحتى يتمكن من إثبات تهمة الخيانة على زوجته، استعمل حساب زوجته المزيف في إرسال صورها ورسائل غرامية إلى حسابات بعض الرجال ثم التقط صورا لهذه الرسائل والصور وقدمها ضمن دعوة طلاق في مصلحة شؤون الأسرة. ولكن الزوجة تلقت تطمينات من أهل الاختصاص أنه يمكنها أن تلجأ إلى مصلحة الجرائم الالكترونية التي تستطيع أن تثبت زيف هذه البيانات. وبعيدا عن القضايا الملفقة، تغتنم بعض المنخرطات في المجموعات النسائية الفرصة لتصفية الحسابات مع قريباتهن أو زوجات إخوتهن. على غرار ما فعلته إحدى الفتيات التي التقطت صورة لمنشور شمتت فيه زوجة أخيها في وفاة أمها، أي حماة الزوجة، وهو المنشور الذي كان سببا في طلاقها بعد أن شاهده زوجها. من الواضح جدا أن مواقع التواصل الاجتماعي فاقمت من أزمة الطلاق، وأضافت لها أرقاما كبيرة إلى أرقامها السابقة. لذلك ينصح الأكاديميون الأزواج الراغبون في الحفاظ على حياتهم الزوجية بإغلاق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها الطريق الأقرب إلى الطلاق. وقد تنبّه الكثير من نشطاء التواصل الاجتماعي لهذه المشكلة، فصاروا يشترطون على شريك الحياة أن يلغي حسابه على فيسبوك قبل الزواج. وفيما تبدي المرأة استعدادها لتنفيذ هذا الشرط، يتراجع الرجل عن الالتزام به بعد فترة قصيرة ما يدفع بالزوجة إلى إنشاء حساب جديد باسم مستعار من بين أهدافه الرئيسية التجسس عليه وجس نبضه! تعتقد الكثير من الزوجات أن نشر خصوصياتهن وصورهن على المجموعات الخاصة لا يشكل أي خطر على حياتهن الاجتماعية طالما أن المجموعة تضم النساء فقط. في حين أنهن غير منتبهات إلى وجود رجال داخل هذه المجموعات بأسماء مستعارة، ناهيك عن استعمال تقنية "الكابتير" لنقل أي صورة أو منشور خارج المجموعة من طرف إحدى القريبات أو المعارف. لذلك كثرت حالات الطلاق التي تستند إلى الصور الملتقطة من الشاشة، وبات متوقعا أن تفتح أقسام شؤون الأسرة في المحاكم فرعا جديدا مخصصا لمثل هذه القضايا. فمتى تدرك المرأة أن حياتها الخاصة ليست من حق الأخريين، وأنه من الحكمة أن تعرض مشاكلها وانشغالاتها على أهل الاختصاص وأقرب الناس الذين يمكن أن يقدموا لها يد العون، لا أن تنثرها على المواقع التي يرتادها الملايين من البشر.