سارعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأحد لعقد اجتماع مستعجل مع مديري الخدمات الجامعية وممثلي التنظيمات الطلابية، عقب حادثة وفاة الطالبة الجامعية، نصيرة بكوش، بإقامة أولاد فايت2 بالعاصمة، بسبب حريق شب في غرفتها، إثر شرارة كهربائية، فيما دخل طلبة جامعيون في احتجاجات متفرقة عبر الوطن، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية في الأحياء الجامعية، والتي يرى ممثلو التنظيمات الطلابية بأن الدعم المباشر للطالب ومنح تسيير الإقامات للخواص دون خوصصة القطاع هو الحل الأمثل لها. تجدد الحديث عن ملف تحسين الخدمات الجامعية في الجزائر مع حادثة وفاة الطالبة بكوش نصيرة بالإقامة الجامعية أولاد فايت2 صباح السبت، إذ خرجت الطالبات المقيمات بذات الحي الجامعي في احتجاج ليلة السبت إلى الأحد، منددات بالوضعية الكارثية التي يعشنها، وخاصة ما تعلق برداءة الوجبات المقدمة وانعدام التدفئة، لتطالبن بمعاقبة المسؤولين على حادثة وفاة زميلتهن، فيما عمت الاحتجاجات أرجاء الوطن، وفق تصريح ممثلي الطلبة، للمطالبة بتحسين الخدمات الجامعية للطلبة في الإقامات، والتي انعكست سلبا على تحصيلهم العلمي مع قرب امتحانات السداسي الأول التي ستنطلق خلال الأسبوع المقبل عبر اغلب الجامعات. سليمان زرقاني: غلق منافذ الفساد.. والدعم المباشر هو الحل وفي السياق، دعت وزارة التعليم العالي إلى اجتماع مستعجل جمع الأمين العام للوزارة بمسؤولي الخدمات الجامعية وممثلي 13 تنظيما طلابيا مساء الأحد لتباحث الوضع، ومحاولة إيجاد حلول مستعجلة، خاصة أن الوزارة نصبت شهر ديسمبر الفارط لجنة التفكير في إصلاح الخدمات الجامعية. ودعا سليمان زرقاني عضو المكتب الوطني، للاتحاد العام الطلابي الحر، لإيجاد حلول واقعية، لأن الحديث عن إصلاح قطاع الخدمات الجامعية مطروح منذ 2008 من دون تجسيد فعلي. ويرى المتحدث في تصريح ل"الشروق" بأن الدعم المباشر للطالب وغلق منافذ الفساد في القطاع هو الحل الوحيد، وأن حادثة الطالبة بكوش هي النقطة التي أفاضت الكأس للحديث عن المشكل المتجدد كل سنة، ليناشد المسؤول في الطلابي الحر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مادامت الوزارة عاجزة –حسبه – عن إيجاد الحلول، لاسيما أن الوزير الأول، عبد العزيز جراد، كان قد اعترف بأن الوضعية كارثية في قطاع الخدمات الجامعية. وقال زرقاني بأن الإشكال ليس في الميزانية، لأن ما يصرف على القطاع هو أرقام خيالية، لكنها للأسف لا تنعكس على معيشة الطالب، ليشير إلى أن هيكلة الديوان الوطني للخدمات الجامعية منذ إنشائه لا تزال تسير بنفس العقلية والطريقة. وشدد على أن الحوادث التي تشهدها الإقامات بسبب سوء التسيير متعددة ومتكررة، لكنها برزت اليوم، لأن الضحية فقدت حياتها، مؤكدا أن إقالة مدير الإقامة و"مسح الموس فيه" ليس حلا، لأن المشكل يحتاج قرارات صارمة في مسار الخدمات الجامعية لتغيير الواقع المزري الذي يعاني منه الطالب. ولفت المتحدث إلى أنه رغم الجهود المبذولة من الوصاية، إلا أن التفاعل ضعيف على المستوى المحلي، لدرجة أن "كل مدير إقامة شكّل قطاع تعليم عال في ولايته"، وكشف عن تكرر الاحتجاجات منذ الدخول الجامعي الجاري على مستوى الولايات، بسبب سوء الخدمات الاجتماعية "الغرفة، النقل، الإطعام" الذي أضحى "مثلث برمودا" بالنسبة للطلبة، معتبرا أن استخدام "مسخن كهربائي" رغم منعه في القانون الداخلي هو حتمية في ظل الظروف الذي يعيشها الطالب. بختة عبد اللطيف: إصلاح الخدمات الجامعية يتطلب إرادة سياسية وبدوره، قال بختة عبد اللطيف، رئيس المكتب الوطني للصوت الوطني للطلبة الجزائريين، بأن إصلاح الخدمات الجامعية يتطلب إرادة سياسية، واقترح الذهاب إلى دعم شبه مباشر للطالب ورفع المنحة الزهيدة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، مؤكدا على أن سبب المشاكل يرجع للتسيير غير المسؤول في قطاع الخدمات الجامعية. وكشف ممثل الطلبة عن وضعية مزرية يعيشها الطلبة في أغلب الإقامات الجامعية في عدة ولايات وليس فقط العاصمة، وعدة شكاوى تصلهم يوميا بخصوص انعدام المياه الصالحة للشرب، وأحيانا حتى انقطاع الكهرباء، فضلا عن مشكل انعدام الأمن لدرجة تواجد حتى الكلاب الضالة –يقول- في محيط الأحياء الجامعية، وتأسف للحديث عن مشاكل الطلبة فقط بعد وفاة زميلة لهم، لأن الإصلاح الحقيقي -حسبه- لا يكون بالحديث والتصريح في الأزمات، لكن ينبغي أن يكون أساس بناء القطاع. وأوضح بختة عبد اللطيف بأن الفساد في قطاع الخدمات الجامعية هو سبب رداءة الوجبة التي تصرف عليها الدولة الملايير، دون أن يجد الطالب لها أثرا في الواقع، واستغرب من تصريح المدير المركزي للخدمات الجامعية الذي قال بأن الوجبة المقدمة للطلبة جيدة، وأنه هو نفسه لا يأكلها في منزله، معتبرا أنه "تصريح مستفز"، وسيزيد من تأجيج الطلبة في هذا الوضع الحرج. وتساءل المتحدث عن الأموال الضخمة المخصصة للصيانة وتهيئة الأحياء الجامعية، أين تذهب؟ حتى يجد الطالب نفسه دون تدفئة ولا ماء ساخن ولا دورة مياه. فاتح سريبلي: ملايير تصرف على القطاع.. والنتيجة وضع مزر من جهته، أكد رئيس المكتب الوطني للمنظمة الطلابية الجزائرية الحرة فاتح سريبلي في تصريح ل"الشروق" بأن وفاة الطالبة بكوش رحمها الله هي القطرة التي أفاضت الكأس، وتساءل "سواء كان السبب موقد غاز أو شرارة كهربائية، كيف تم إدخالها وهي ممنوعة.. أين هي كاميرات المراقبة وأعوان الأمن؟"، ليشدد على أن الطالبة لو كانت لديها تدفئة مركزية ووجبة جيدة لما احتاجت لا للمسخن الكهربائي ولا لقارورة الغاز، ليشير إلى أن كل هذه المشاكل تحدث في حين أن ميزانية التعليم العالي جد مرتفعة. ودعا سريبلي إلى إصلاح حقيقي وعميق لمنظومة الخدمات الجامعية، لاسيما أن رئيس الجمهورية نفسه أمر بهذه الإصلاحات، وباشرت الوزارة بناء عليه لتنصيب لجنة التفكير لإصلاح الخدمات الجامعية، لكن –يقول- ما مصير الخدمات في الوضع الحالي، مشيرا إلى أن القطاع يحتاج لتدخل سريع ومعالجة جدية للواقع، وشدد على ضرورة توجه للدعم المباشر للطالب دون رفع دعم الدولة للقطاع ومنح تسيير الإقامات الجامعية للخواص دون خوصصتها، واقترح إلحاق قطاع النقل بوزارة النقل، حيث يمكن للطالب دفع ثمن الحافلة بعد رفع المنحة وضمان إيواء مريح له. المدير الفرعي للخدمات الجامعية: صرْف 11 ألفا و200 مليار سنويا ومن جانبه، أكد المدير الفرعي بديوان الخدمات الجامعية، شريف مولود، لدى نزوله ضيفا على برنامج "الشروق مورنينغ" أنه سيتم إقالة المسؤولين عن حادثة وفاة الطالبة في الساعات المقبلة، وأفاد أن الوجبة الممنوحة للطلبة محترمة لدرجة أنه هو لا يحصل عليها في منزله، موضحا أن سعر الوجبة الواحدة بالمطاعم الجامعية تقدر ب160 دينار جزائري. وأضاف أن الميزانية السنوية لديوان الخدمات الجامعية تقدر ب112 مليار دينار وتخص كل الخدمات بما فيها نفقات العمال، مشيرا إلى أنهم يسيرون القطاع حسب الميزانية، خاصة أن تعداد الطلبة في الإقامات الجامعية بلغ 470 ألف طالب عبر الوطن، ومع هذا تم رفع اقتراح للمصالح المعنية بضرورة الرفع التدريجي لقيمة المنحة الجامعية.