كشف فيروس إنفلونزا الطيور عن تهديد جدي يواجه الأنظمة الصحية في العالم، فيما لا تزال الحرب محتدمة ضد وباء كوفيد 19 منذ بداية سنة 2020. وظهرت السلالة الجديدة من إنفلونزا الطيور (H5N8)، في عدد من الدول منها الجزائر وأوروبا خاصة في ألمانيا وهولندا وبريطانيا مع بعض دول آسيا كاليابان، ما دفع السلطات لإعدام عشرات الآلاف من الحيوانات مثل الأوز والبط البريان والكروان والنورس، منعا لاتساع رقعة الإصابات ووضع باقي الدول المجاورة في حالة تأهب خوفا من الطيور المهاجرة. ورغم أن المرض يعتبر منخفض الخطورة على الإنسان، خاصة إذا تجنب لمس الطيور المريضة أو النافقة واهتم بطهي لحوم الطيور جيدا، فإن التقارير تشير إلى إمكانية انتقال العدوى غير المصحوبة بأعراض سريرية بين البشر أو الثدييات الأخرى. ولا توجد أسباب واضحة لظهور هذا الفيروس بين الحين والآخر، لكن الأمر يرتبط بشكل أساسي بموسم هجرة الطيور وانتقالها بين البلدان، حيث يكثر ظهور الحالات الحاملة للعدوى التي تنشر الفيروس بين الدواجن والطيور الأسيرة في المزارع، وأيضا الأسواق المفتوحة حيث يُباع البيض والطيور في ظروف مزدحمة وغير صحية، تعد بؤر للعدوى ويمكن أن تنشر المرض في المجتمع الأوسع. وإنفلونزا الطيور مرض يسببه نوع من الفيروسات، سجلت المنظمات المعنية نحو 10 أنواع منها حتى الآن، لكنها نادرا ما تصيب الإنسان، لكن يوجد سلالاتان تمثلان تهديدا للبشر هما H5N1 وH7N9. ويصيب إنفلونزا (H5N1) الطيور في المقام الأول، وتسببه عدة أنواع من فيروسات الإنفلونزا، حيث يعد إنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض مرضٌ شديد العدوى، يصيب الطيور البرية والدواجن، مع حالات من العدوى عند الإنسان. والمرض الذي أُبلغ عنه لأول مرة عام 1997 إبان ظهور فاشية لدى الدواجن في منطقة هونغ كونغ وقتل نحو 60 بالمائة من المصابين، توسعت رقعته خلال 2003 حيث أبلغ عن ملايين حالات العدوى بين الدواجن ومئات الإصابات والوفيات البشرية في أكبر تفش أثر على سبل العيش والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضررة. ومنذ عام 2003، انتشر فيروس أنفلونزا الطيور من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا وترسّخ لدى الدواجن في بعض البلدان. وأسفر التفشي عن ملايين حالات العدوى لدى الدواجن ومئات الحالات البشرية والعديد من حالات الوفاة لدى الإنسان. وأثر لدى الدواجن تأثيراً خطيراً في سبل العيش والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضررة. وسببت فيروسات أخرى من فيروسات أنفلونزا الطيور من النمط الفرعي A(H5) أيضاً التفشي لدى الدواجن وحالات العدوى لدى الإنسان. وتّسبَّبَ هذا المرض في إحداث بؤر تفشي ووفيات بشرية في 15 بلداً في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، نجم عنها 603 حالات بشرية، بما في ذلك 356 حالة وفاة. وانتشر فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 الشديد الإمراض بسرعة في شرق المتوسط في عام 2006، مع حدوث أوبئة حيوانية كبيرة، أُعلِن عنها في العراق ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة وأفغانستان وباكستان وجيبوتي والسودان. وقد تأكد انتقال فيروس H5N1 من الطيور المصابة بالعدوى إلى البشر في العراق ومصر وجيبوتي وباكستان، وكانت مصر البلد الأكثر تضرراً في إقليم شرق المتوسط، حيث ظل المرض متوطناً، مع حدوث أوبئة حيوانية متكررة و167 حالة بشرية، بما فيها 60 حالة وفاة. وتصيب عدوى إنفلونزا الطيور الإنسان بأمراض تبدأ من التهاب الملتحمة الخفيف وصولا إلى الالتهاب الرئوي الوخيم وحتى الوفاة، وتتراوح فترة حضانة المرض بين يومين و5 أيام في المتوسط وتصل إلى 17 يوما، وفقا لبيانات منظمة الصحة. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن جوائح الإنفلونزا تمثّل ظواهر لا يمكن توقّعها إلا أنها تتكرّر ويمكن أن تنطوي على عواقب صحية واقتصادية واجتماعية، مشيرة إلى تسجيل نحو 455 حالة وفاة بسبب H5N1. وذكرت المنظمة، في تقرير سابق عبر موقعها الإلكتروني، أن جائحة الإنفلونزا تحدث عندما تجتمع عوامل رئيسية على النحو التالي: تظهر فيروسات إنفلونزا الطيور ذات القدرة على الانتقال إلى الإنسان مع انخفاض مناعة الناس أو عدم تكونها ضد هذا الفيروس، ومع نمو التجارة والطيران على الصعيد العالمي، يمكن لوباء محلي أن يتحوّل إلى جائحة بسرعة، ما يجعل الوقت ضيقاً لتحضير استجابة صحية عمومية. وأعربت عن مخاوفها من استمرار سريان بعض أنماط فيروسات إنفلونزا الطيور لدى الدواجن ما يثير القلق في مجال الصحة العمومية، خوفا من خضوع الفيروسات لطفرة تجعلها أكثر قدرة على الانتقال للإنسان.