لا يختلف اثنان اليوم، على أن التكنولوجيا الحديثة، بمختلف أشكالها، سهلت لنا عملية التواصل والدراسة، وتجاوزنا من خلالها الكثير من المصاعب والمشاق، التي كانت تعترضنا في السابق، وفتحت لنا الأفق عاليا في شتى المجالات، وأصبحت بذلك جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، في المقابل لا يمكن أن ننكر الكثير من السلبيات التي حملتها إلينا في صور مختلفة، مست حياتنا الشخصية والعائلية، وكانت سببا مباشرا في اختلال التوازن داخل الكثير من الأسر، والمؤسف أنها أثرت بشكل كبير على تربية أولادنا، حيث أصبحوا اليوم عبيدا لها. لا ننكر أننا في بعض الأحيان ونحن في بيوتنا، ومن أجل التخلص من طلبات أولادنا المتكررة والمستمرة، نعطيهم الهاتف النقال من أجل الهروب منهم ولو لبضع دقائق، هذا السلوك أصبح مع مرور الوقت ضارا لهم وأثر على حياتهم وتصرفاتهم، كأننا أوقعنا بهم في الإدمان عمدا، حتى وإن كنا لا نريد ذلك، بل أكثر من هذا فتحنا لهم المجال من أجل الولوج إلى ما هو مسموح وما هو ليس مسموحا، في غفلة منا، لذا نكون بسلوكنا هذا قد شاركنا، إن لم نقل السبب المباشر في انحراف أولادنا على السلوك السوي والتربية الحسنة، فبدل إعطائهم دروسا في الحياة تفيدهم نشد بها على أيدهم في عالم كثرت فيه الفتن، أخذوا هذه التربية من الهواتف النقالة، التي تحمل ما هو جائز وما هو محظور، خاصة أنها تضم العديد من المحتويات الخطيرة، التي توجه سلوك الطفل إلى الشر والوقوع في مشاكل نفسية منذ الصغر، وهذا بالتجول والنظر في محتويات لا تليق بفطرتهم وسنهم. كنا نشتكي في زمن قريب مضى، من الألعاب الإلكترونية التي أخذت الوقت الكثير من حياة أطفالنا، كما غذتهم على العنف والعزلة، وتقليد سلوكات لا تليق بهم، وهم لا يزالون صغارا لا يفرقون بين الخير والشر وبين ما هو ضار وما هو مفيد، وقعوا بسببها في مشاكل عديدة في البيت ومع الأصدقاء، لكن اليوم، أصبحنا نقع على محتويات بين أيدي الأطفال مخلة بالحياء، ودعوة صريحة للجنس في غياب الرقابة، والغريب والمؤسف أن الكثير من الأطفال يقلدون هذه الحركات أو الكلمات في البيوت، دون معرفة لمحتواها، وهذا بسبب عدم الرقابة والإهمال الذي وقع فيه الآباء. لا يمكن القول إننا يمكن أن نعزل الطفل عن التكنولوجيا الحديثة بين عشية وضحاها، خاصة وأنها تحمل الكثير من الإيجابيات، لكن نستطيع مراقبة كل المحتويات التي يلج إليها عن طريق تطبيقات حديثة يمكن أن تشير علينا على أن الطفل تجاوز في مداعبة هذه الوسائل إلى أشياء محظورة لا تليق بسنه، وهذا لا يكون إلا بالمراقبة الدائمة له. لا يمكن بكل حال من الأحوال فصل الطفل عن هذه المحتويات الشاذة إلا بالرقابة الدائمة، وكذا تخصيص وقت محدد له، لمشاهدة بعض المحتويات المفيدة، ولا نترك له أزرار الهواتف والحاسوب تحت رحمة أنامله البيضاء.