انتقد الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، انفراد السلطة بلجنة تعديل الدستور وإقصاء الأحزاب السياسية والرأي السياسي منها، مؤكدا أن هذه اللجنة أصبحت مجرد لجنة تقنية غير قادرة على مقاومة الضغوط، لتنتج مشروعا على حساب أهواء من في السلطة أو أحزابها أو أشخاصها. وأوضح ربيعي في كلمة وجهها، إلى المجتمعين في ندوة سياسية نظمتها حركة النهضة، الجمعة، أن لجنة تعديل الدستور جاءت للتغطية على فضائح الفساد ولتوجيه الأنظار عن الفساد الذي فاحت رائحته وتعدت حدود الجزائر. وتساءل فاتح ربيعي عن جدوى تعديل دستور البلاد ثلاث مرات خلال عشر سنوات، في الوقت الذي تعمّر دساتير الدول لقرون، قائلا "هل نحن أمام نوع آخر من الفساد؟ أم هل بعد الفساد الاداري و المالي جاء دور الفساد القانوني والدستوري؟". وتوقع الأمين العام لحركة النهضة أن تكون نتائج تعديل الدستور شبيهة بنتائج القوانين المراجعة، فمثلما تم تمييع الحياة السياسية وكرست الرداءة وهيمنت الإدارة على الانتخابات وصارت السلطة هي المتحكمة في تحديد الخريطة السياسية، من خلال قوانين ما سمي بالإصلاح السياسي، فنتج عن ذلك مؤسسات عاجزة ومشلولة وفاقدة للمصداقية، يضيف ربيعي. وأضاف "إن كثرة التعديلات في زمن وجيز، والانفرادية به من طرف واحد (السلطة)، تكرس تقليدا خاطئا في التعامل مع أسمى وثيقة في الدولة، وتمس بهيبة ومكانة الدستور، مما يجعل الدستور عرضة للتغيير كلما تغير الأشخاص في مواقع الحكم، ولذلك سيتغير الدستور بعد غياب من يحكم اليوم". وبهذا الخصوص قال ربيعي إن الحركة فإننا تحمّل مسؤولية مآلات هذه الأفعال للمسؤولين الحاليين، كما يتحملون مسؤولية تفويت فرصة أخرى على الشعب الجزائري لإحداث التغيير السلمي، من خلال دستور جزائري يجسد الحكم المدني، فالشعب ليس في حاجة لمغامرات جديدة. وتحدث ربيعي عن الحراك الاجتماعي التي تمر به البلاد وانخراط الشباب في العلمية وبخاصة شباب الجنوب، إلى جانب الاحتجاجات الاجتماعية القطاعية التي لم تتوقف، مطالبين بالسكن والوظيفة وحقهم في تقلد مناصب المسؤولية والعدل فيها، وتحقيق الحياة الكريمة لكل الجزائريين في ظل وحدة وطنهم وسيادة بلادهم. وأضاف أن تحركات الشباب كشفت مدى الانحراف الذي بلغته السلطة في التلاعب بالوظيفة العمومية، التي شملها الفساد وبخاصة شركات المناولة، فلم يعد التوظيف على أساس الكفاءة والمساواة بين كل الجزائريين، وإنما على أساس المحاباة والمعرفة والقرابة، ولأبناء المسؤولين بصفة خاصة. كما تزامن هذا الحراك – يقول ربيعي - مع فساد مالي غير مسبوق تورط فيه بحسب المعلومات المتداولة مسؤولون كبار كانوا يشرفون على قطاعات استراتيجية، ولعل أبرزها فضيحة سوناطراك (2) وتحويل العملة الصعبة والمساس بالاحتياط النقدي مقابل استيراد الحصى والحجر وملأ الحاويات بها، وربما نعيش في الايام القليلة المقبلة فضيحة سوناطراك ثلاثة وسوناطراك أربعة، إضافة إلى امتداد أيادي المفسدين لتعبث بالقضاء فسرقت ملفات مجلس قضاء الجزائر، وأحرقت ملفات مجلس قضاء وهران، وربما تعمم على مختلف المحاكم، كما عمّ الفساد المالي كافة القطاعات دون استثناء. ودعا الأمين العام لحركة النهضة، إلى تدارك الأمور قبل فواتها، فالجزائر لا تحتمل هزات أخرى، وأن يعتبر المسؤولون بما حصل من تغيرات جذرية وعنيفة في بلدان عربية.